نددت لجنة التحقيق حول سوريا، في تقرير صدر أول أمس الاثنين، بانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، فيما رفض ممثل سوريا كلية نتائج هذه اللجنة. وتؤكد الوثيقة، التي قدمت لمجلس منظمة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان من قبل رئيس اللجنة باولو بينايرو، أن انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة في سوريا تضاعفت بوتيرة فاقت قدرة تحقيق اللجنة، التي لم يسمح لها بالتوجه إلى البلد. وأكد بيناريو أن «اللجنة تعتقد أنه خلال فترة التحقيق (من 15 فبراير إلى 20 يونيو 2012)، ارتكبت القوات الحكومية جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية»، مضيفا أنه يصعب عليه وصف الوضع بدقة في كلمات. وتطرق التقرير، على وجه الخصوص، إلى الاغتيالات والإعدامات دون محاكمة والتعذيب والاعتقالات العشوائية وانتهاكات حقوق الطفل والنهب وتدمير منشآت مدنية، منها مستشفيات ومدارس، ارتكبتها القوات الحكومية وميلشيات الشبيحة المنتمية لها. وأوضح رئيس اللجنة أن «المدنيين ومنهم العديد من الأطفال هم أول ضحايا دوامة العنف هذه، حيث ترتكب هجومات عشوائية مأساوية ضد المدنيين، لاسيما عمليات القصف الجوي وضرب المناطق السكنية بالأسلحة الثقيلة في كل من حلب ودمشق ودرعة واللاذقية وايدلب وحمص». ويرى من جهة أخرى أنه إذا كان الجيش السوري الحر متواجدا بكثرة في هذه المناطق حيث يهاجم مواقع الجيش، فإن اللجوء إلى الأسلحة غير الدقيقة وتجاهل حماية المدنيين يعكس احتقارا مثيرا لقوانين الحرب. وأشار بينايرو في هذا الصدد إلى القصف الذي خلف أزيد من ثلاثين قتيلا بين المدنيين، من بينهم العديد من النساء والأطفال كانوا واقفين في طابور أمام مخبزة. وفي دمشق، حققت اللجنة حول المجازر في درعة، التي حملت القوات الحكومية مسؤوليتها، مسجلة مع ذلك أن بعض الاتهامات تخص أيضا الجيش السوري الحر. كما تأسف التقرير للحصار المفروض من طرف القوات الحكومية على المناطق التي تهاجمها وندرة المواد الغذائية والماء والغاز والمستلزمات الطبية. ومن جهة أخرى، استخلصت اللجنة أن القوات الحكومية التي تتحرك بالتشاور مع ميليشيات الشبيحة، هي المسؤولة عن مقتل مئات النساء والأطفال في حولة. ومن جهتها، قتلت المجموعات المناهضة للحكومة جنودا تم القبض عليهم وأشخاصا متهمين بالانتماء لميليشيات الشبيحة، واستعملت المساجين في تفكيك المتفجرات وتوظيف قاصرين في صفوفهم، يضيف البيان. ومن الآن فصاعدا، ونظرا لتعزيز تسلحهم، أصبحوا يعتدون على المواقع الحكومية، ودائما دون التفريق بين العدو والسكان المدنيين، حسبما أكدت اللجنة. وأصبح الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني في سوريا متدهورا بشكل كبير، نظرا لتأثيرات النزاع والعقوبات الاقتصادية. وأضافت اللجنة أن هذه العقوبات تعد مساسا بالحقوق الأساسية للشعب السوري، معتبرة أنه من «الضروري» إيجاد تسوية سياسية نظرا للانسداد العسكري الذي يتخبط فيه البلد منذ 18 شهرا. ورفض ممثل سوريا، الذي حضر الجلسة، فيصل خباز حموي، خلاصات اللجنة، واصفا تقريرها ب«غير الصحيح» و«غير الواقعي». ولام ممثل سوريا على اللجنة عدم تطرقها إلى تحركات العديد من الأطراف الدولية التي -كما قال- «تزيد من حدة الأزمة باستعمال وسائل الإعلام ونشر مرتزقة في البلد». وقال حموي إن بلده أبدى استعداده للتعاون المرجو مع الهيئات الراغبة في تسوية الأزمة، لكن الجماعات الإرهابية ليس لديها أي مصلحة في الإصلاح والديمقراطية وهدفها هو تفكيك الشرق الأوسط. على صعيد متصل، عرضت إيران على مصر وتركيا والسعودية «إرسال مراقبين من الدول الأربع إلى سوريا للمساعدة على وقف العنف في هذا البلد». ونقل عن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، أنه قدم هذا الاقتراح خلال اجتماع عقدته مجموعة الاتصال حول سوريا، التي تضم القوى الإقليمية الأربع، أول أمس في القاهرة». وعرض صالحي على نظرائه أن تستضيف طهران الاجتماع المقبل لمجموعة الاتصال، التي أنشئت في غشت بمبادرة من الرئيس المصري محمد مرسي. وأوضح صالحي أن «بوسع المراقبين من الدول الأربع أن يشرفوا على عملية تهدف إلى وضع حد للعنف في سوريا»، وفق ما نقلت عنه الوكالة الرسمية، بدون أن تذكر أي تفاصيل عن طبيعة هذه الآلية ولا الإطار الذي يمكن للمراقبين التدخل في سياقه.