كشفت شكاية سلمها الفرع المحلي للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، صباح أول أمس الثلاثاء، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، «خروقات» في تدبير الجماعة الحضرية لمراكش في عهد العمدة الجزولي. وقد وقفت الهيئة، في الشكاية التي توصلت «المساء» بنسخة منها، على العديد من «الاختلالات المالية والادارية التي يرقى بعضها إلى مستوى الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي».
وأشارت الهيئة في مستهل الشكاية، التي تتكون من 14 صفحة، إلى أن المخطط التنموي للجماعة الحضرية لمراكش خلال سنوات 2004-2009، قد ضخ مبالغ «خيالية» لإنجاز مشاريع تتعلق بالطرق والأرصفة، مع تهميش للمشاريع الثقافية والاجتماعية، حيث صادق المجلس الجماعي لمدينة مراكش خلال دورته العادية لشهر فبراير 2004، المنعقدة بتاريخ 17 مارس 2004، على مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة عن الفترة من سنة 2004 إلى 2009، وتبنى في هذا الإطار، كمشروع قابل للتنفيذ، مجموعة من المحاور والمجالات التي سيشملها المخطط بغلاف مالي تجاوز مليار درهم، تم تمويله من قبل مديرية الجماعات المحلية وصندوق تجهيز الجماعات المحلية والمجلس البلدي.
وسجلت الهيئة ملاحظات على المخطط التنموي الموضوع من طرف الجماعة الحضرية لمراكش، أهمها أنه لا يضم برنامج عمل مفصلا يحدد الحاجيات الكمية والنوعية الحقيقية للجماعة، كما أنه لم يحدد الأماكن والمواقع التي ستشملها المشاريع المبرمجة، ولم يكن مسبوقا بدراسات قبلية موضوعية وشاملة. كما أن المخطط ركز أكثر على المحاور المتعلقة بالبنيات التحتية والمرافق الاقتصادية، تمثل نسبة 71 في المائة من مجموع المشاريع المبرمجة في المخطط، وذلك على حساب المرافق الرياضية والثقافية والاجتماعية و الإدارية، والتي لا تتعدى نسبتها 2.91 المائة. وفي هذا الصدد، تساءلت الهيئة عن الخلفيات التي تحكم ضخ هذه المبالغ الضخمة في المشاريع المتعلقة بالطرق والأرصفة، في مقابل ذلك، تم تهميش المشاريع الخاصة بالمرافق الثقافية والاجتماعية.
وأوردت الشكاية، التي تسلمها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بعض «الصفقات غير مطابقة للقانون وتفتقد للشفافية والحكامة»، إذ أن الفترة التي تم خلالها إنجاز أشغال موضوع مجموعة من الصفقات تبقى قصيرة، على اعتبار أن حجم وطبيعة الأشغال التقنية تتطلب فترات أطول بكثير لإنجازها كما هي محددة بدفاتر الشروط الخاصة المتعلقة بهذه الصفقات. وفي هذا الصدد، أوضحت الهيئة أن تهيئة سوق الدراجات بلغت مدتها 60 يوما بدل 6 أشهر كما كان منصوصا عليه، وتهيئة مناطق خضراء بسيدي امبارك في 45 يوما بدل سنة، وكذا أشغال تجديد وتقوية الإنارة العمومية بشارعي «اليرموك» و»المقاومة»، التي كان من المقرر أن تنجز في أربعة أشهر بدل 10 أيام.
الدراسة والتحليل اللذين قامت بهما الهيئة المذكورة لتقرير المجلس الجهوي للحسابات، وطالبا العمدة الجزولي بإرجاع حوالي مليار و158 مليون سنتيم، كشفا عن 21 صفقة تهم إنجاز أشغال وتوريدات خلال الفترة الممتدة ما بين 2006 و2009، لم تحترم المقتضيات القانونية المتعلقة بإصدار الأوامر بالشروع في العمل، وهو ما نتج عنه توقف تنفيذ أشغال عدد من تلك الصفقات بسبب عدم حصول أصحابها على المبالغ المالية المتعلقة بالحصص المنجزة، نتيجة رفض الرئيسة الحالية للمجلس الجماعي أداء المبالغ المترتبة عن تنفيذ هذه الصفقات. كما أشارت الشكاية إلى بعض المشاريع، التي لم يستعن فيها المجلس الحضري لمراكش بمكاتب تقنية مختصة، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الأسباب والأهداف الحقيقية وراء عدم لجوئها إلى خدمات هذه المكاتب، خاصة إذا علمنا أهمية هذه المكاتب في التأكد من كون الأشغال موضوع الصفقات قد أنجزت وفق التصاميم، وكذلك من أجل الوقوف على صحة عمليات تسلم أشغال الحفر والتسليم المؤقت والنهائي للمشروع.
وقد طالبت الهيئة بالاستماع إلى كل من العمدة السابق عمر الجزولي، والعمدة الحالية فاطمة الزهراء المنصوري، ومحمد نكيل، المكلف بثلاثة تفويضات خلال رئاسة الجزولي للمجلس الجماعي لمراكش، ويتعلق الأمر بتدبير الملك العمومي، والترخيصات الاقتصادية، ووكالة المداخيل. كما ألحت الهيئة على استدعاء المهندس محمد زغلول، رئيس القسم التقني والأشغال البلدية، ومحمد بورضوية، رئيس قسم تنمية الموارد المالية، ومحمد مزري المكلف والمشرف على الصفقات والمشاريع الكبرى، إضافة إلى زين الدين الزرهوني، الرئيس السابق لقسم الشؤون الثقافية والرياضية بالجماعة الحضرية لمراكش.