شهدت بلادنا أول أمس فاجعة وطنية حقيقية، وهي حادثة السير التي وقعت على الطريق بين زاكورة ومراكش في منطقة الحوزجنوب المغرب، وأودت بحياة أزيد من 42 شخصا كانوا على متن حافلة نقل سقطت من علو حوالي 150 مترا.. كارثة هي الأولى من نوعها في تاريخ حوادث السير على الطرقات في بلادنا، سواء من حيث عدد الضحايا أو من حيث طبيعة الحادث المؤسف الذي دق من جديد ناقوس الخطر الذي تمثله حرب الطرق في بلادنا، والتي تحصد سنويا عشرات القتلى وتخلف المئات من المعطوبين وأصحاب العاهات المستديمة والعديد من الأيتام والأرامل، بسبب حالات التهور والسرعة في القيادة وعدم احترام قانون السير، أو بسبب حالة الطرق المتردية، أو لامبالاة المسؤولين عن شركات النقل الذين لا يهتمون بتوفير الشروط الضرورية في أساطيلهم من خلال تحديثها والتشدد في مواصفات السائقين وتوفير شروط العمل اللائق لهؤلاء. وفي الوقت الذي اهتز فيه المغرب كله من طنجة إلى لكويرة لهذا الحادث الأليم، وقطعت بعض القنوات الأجنبية، الأوربية والعربية، أشرطة أخبارها لبرمجة خبر هذه الفاجعة ونقل صورها من عين المكان، فوجئنا بأن الإعلام السمعي البصري العمومي في المغرب استمر، وقت نزول الخبر، بنفس البرمجة دون أن يعمل على قطع البث لنقل الخبر، علما بأن هناك سوابق قام فيها هذا الإعلام بقطع البث لنقل بعض الأحداث التي شهدتها بلادنا. إنه نوع من العبث واللامبالاة في التعامل مع هذه الفاجعة الكبرى ذات البعد الإنساني، والتي كانت تستحق من تلفزاتنا الوطنية ما هو أكثر من نقل الخبر، وهو دعوة المسؤولين والمعنيين في قطاع النقل إلى فتح نقاش حول حرب الطرقات والتفكير في الإجراءات الكفيلة بالحد من هذا النزيف، فدفاتر التحملات ليست مجرد أعمال درامية تركية أو فواصل موسيقية، إنها تعني إعلام القرب والاهتمام بمشاكل المواطنين اليومية.