وكأن كل تلك الدماء التي تسيل على طرقاتنا دماء «قطط ضالة» تعبر الطريق وكأن الضحايا هنا أشخاص لاحق لهم في تأمين حقهم في الحياة عبر طرقات خارج الخريطةليسلنا من الوقت متسع للتباكي على من قضووا في فاجعة «أهلا وسهلا» بالحوز، ولاوقت لنا للاحتجاج على طريقة التعامل الدونية التي تعامل بها إعلام وطني مع الفاجعة أقل مايمكن أن يقال عنه أنه ينم عن قصر نظر أو أن مصرع 43 مواطن أمر عاد لايستدعي الاهتمام ، فالوقت وقت محاسبة لمن تسبب في كل هذه الدماء السائلة، الوقت وقت محاسبة سياسة سير وجولان ونقل طرقي عبر معابر الموت. أستحضر هنا فواجع سابقة لحوادث سير سابقة، زارت الوفود الوزارية الضحايا، تشكلت خلايا أزمة لمتابعة الأمر وتم التكفل بالقتلى وانتهى كل شيء مع دفن آخر قتيل، فلم نعد نسمع عن خلاصات تلك اللجنة المختلطة ولاعن تدابير احتياطية وزجرية للحد من هذا النزيف، فالكل في حالة انتظار الحادثة الموالية للخروج إلى الواجهة والظهور على شاشات التلفاز والوقوف موقف المتفرج المتحسر.. ففي الوقت الذي تحترق فيه أفئدة عائلات الضحايا 43 الذين قدمت جثثهم كقرابين لسوء تسيير وسوء تدبير تشهد عليه وثيرة حوادث السير المتتالية الارتفاع، يتحدث البعض عن لجن واجتماعات لن تساوي قيمتها ثممن الحبر الذي صيغت به تقارير اجتماعتها فكل شيء مآله النسيان. أستحضر هنا أيضا تصريحا لوزير التجهيز والنقل السابق والتي أعلن فيها استعداد المغرب لوضع خبرته في مجال الدراسات العلمية حول الوقاية والسلامة الطرقية رهن إشارة الأقطار المغاربية، للاطلاع على تصوراتها المنهجية ونتائجها وتوصياتها الهامة . هدا التصريح الدي سبق للسيد الوزير أن أعلنه في افتتاح أشغال المنتدى المغاربي الأول حول الوقاية والسلامة الطرقية الذي نظمته وزارة التجهيز والنقل، ( أظن أنه لايتدكره الآن) لكونه يتحدث بمنطق غريب يوحي بأن بلادنا قطعت أشواطا كبيرة في مجال التخفيف من حوادث السير متحدثا عن التراكم المهم الذي حققته اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير خلال السنوات الأخيرة على مستوى البحوث الميدانية والدراسات التحليلية العلمية التي تناولت الإشكالات المرتبطة بأسباب حوادث السير والعوامل المضاعفة لخطورتها وبسلوكات مستعملي الطريق والتجهيزات الأساسية والتشوير الطرقي. من يستمع لاقتراح السيد الوزير وضع خبراته في مجال الحد من حوادث السير لا بد أن يصاب بالدهشة بالنظر لعدد حوادث السير المميتة التي تعرفها طرقنا، فادا كانت هده الخبرات التي تحدث عنها السيد الوزير فعالة لكان الأجدر بها أن تحد من نزيف حرب الطرق ببلادنا لكن ماذا عسانا نقول فاللسان مافيه عضم. فالمغرب يعرف حرب طرق حقيقية، فقد باتت حوادث السير تحصد يوميا الأرواح، وتزيد من عدد المعطوبين. بمعدل ارتفع الى 12 شخصا يوميا ليبلغ أعلى درجة صيف هده السنة ب 15 قتيلا في اليوم. مسؤولية الجماعات المحلية والقروية بل ووزارة التجهيز والدرك الملكي والشرطة نفسها قائمة في حالات عديدة من حوادث السير بالمغرب، ولأن جهل المواطن العادي بالقانون وبمسالك المحاكم الادارية ومتاهات مقاضاة الدولة فلم تتجرأ عائلة قتيل في الطرق الوطنية والحضرية على مقاضاة الدولة في شخص جماعاتها المحلية أو وزارة التجهيز، لا أحد حاسبها على الأرواح التي أزهقت بسبب الحفر المنتشرة في طرقاتنا، ولا أحد قاضاها بسبب غياب علامات التشوير واللوحات العاكسة للضوء في طرقنا الثانوية وبسبب دراهم معدودة توزع عبر طرقاتنا. لو أن مثل هذه الحوادث وتكرارها وقعت في إحدى البلدان التي يحكمها منطق الحق والقانون بكل تفاصيله وتجلياته لقدم وزير النقل استقالته من منطلق أن مسؤوليته ثابتة، وإن لم تكن مباشرة أما عندنا نحن فالأمر يختلف تماما.