أرجع حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في حوار مع الزميلة «ليكونوميست»، ظاهرة الاكتظاظ بالسجون إلى قضاة المملكة وعاتبهم على عدم تفعيلهم بعض الإجراءات البديلة لما يسمى ب»الاعتقال الاحتياطي»، مشددا على أن من شأن تلك الإجراءات أن تقلل من الاكتظاظ داخل السجون المغربية؛ واستدل بنهاشم بمثال الإجراء القانوني المطبق في القضايا التي تخص الشيك بدون رصيد والذي يقضي بإعمال مسطرة الاعتقال الاحتياطي عوض أن تطلب المحكمة الضمانات الكافية وتكتفي بمتابعة المعني بالأمر في حالة سراح. إن تصريحات بنهاشم تعيد طرح قضية الاعتقال الاحتياطي من جديد في بلادنا، ذلك أن الملاحظ هو أن القضاة، فعلا، يغرقون السجون بالمعتقلين الاحتياطيين، وهو ما يساهم في اكتظاظ السجون؛ والأخطر من ذلك أن بعض المعتقلين الاحتياطيين يقضون سنوات داخل أسوار السجن لتتم تبرئتهم فيما بعد، لكن ما نفعُ البراءة إذا قضى الإنسان البريء خلف القضبان سنوات طوالا تحول خلالها إلى مجرم في أعين الناس؛ بل إن الاعتقال الاحتياطي دمر حياة الكثير من الأبرياء والعديد من الأسر وشرد عائلات بكاملها. ورغم أن البراءة هي الأصل وأن بعض المتهمين يقدمون كل الضمانات القانونية المطلوبة، فإن بعض القضاة يفضلون تفعيل مسطرة الاعتقال الاحتياطي كما لو أن الأصل هو الإدانة. حاليا، ينكب المغرب على وضع خطة شاملة لإصلاح منظومة العدالة بعد إقرار الدستور الجديد الذي كرس استقلالية السلطة القضائية، ومن الضروري أن تندرج معالم الإصلاح في هذا الأفق المستقبلي من أجل العمل على تحديث العقوبات في بعض الجنح والجرائم بما لا يثقل ميزانية الدولة، وإعمال بعض الجزاءات الأخرى الموجودة في القانون والتي من شأنها، إضافة إلى التقليص من ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون، أن تكون مصدرا لمداخيل إضافية لمالية الدولة، بدل تلك العقوبات التي لا تمثل أي فائدة، سواء بالنسبة إلى الدولة أو إلى المواطن المعني.