عرض الدنماركيون أول أمس في إطار المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي الدولي فيلم «فلام وسطرون» والذي يمكن ترجمته ب«اللهب والليمون» لمخرجه الدنماركي أولي كريستيان مادسن، وهو فيلم عن المقاومة كتب سينمائيا بنبرة لا تمجد ولكنها تنتقد وتعيد قراءة التاريخ بجرأة عالية. وتلك هي مهمة السينما التي لا تقدس الفعل الإنساني، كما تم تكريم النجمة الأمريكية سيغورني ويفر. كرم مهرجان مراكش مساء أول أمس الممثلة الأمريكية سيغورني ويفر وسلمها نجمة مراكش في إطار برنامج تكريماته، التي تشمل عددا من نجوم الفن السابع العالميين ضيوف المهرجان والعرب. وتعتبر سيغورني ويفر من الممثلات الأمريكيات اللواتي صنعن المرحلة الثانية من مجد هوليود، بدأت حياتها على خشبة المسرح من خلال مسرحيتها «الزوجة الوفية» التي أخرجها السير جون جيلكود. وبدأت سيغورني ويفر مجدها السينمائي في فيلم «أليان» سنة 1979، والذي أخرجه ريدلي سكوت، ثم لعبت البطولة في الفيلم السينمائي «مروضو الأشباح» لإيفان ريتمان وبعدها «الفتاة الصغيرة» لرومان بولنسكي وفي أفلام أخرى لريدلي سكوت الذي اعتبرها ممثلته المفضلة. من أفلامها الحديثة «لطفا أعد ترتيب الشريط» لميشيل كوندري وفيلم «مواقع الهجوم» لبيت ترافيس. ويعرض لها المهرجان فيلم «أليان» والذي أخرجه ريدلي سكوت ويدخل ضمن أفلام الخيال العلمي، وهو بالمناسبة فيلم قديم لها يعود إلى سنة 1979، وفيلم مروضو الأشباح لإيفان ريتمان، وفيلم «أليانس العودة» وهو من إخراج جيمس كاميرون. وأفلامها عموما تنتمي إلى موجة سينما الخيال وبالأخص في مرحلتها الأولى، بينما نجد تحولا قد طال تجربتها واتجهت نحو سينما الجريمة والمطاردات والسينما العائلية وبالأخص في فيلم «عاصفة الثلج» و«أبطال وهميون». من جهة أخرى، قدم الدنماركيون فيلمهم في المسابقة الرسمية والذي يحمل عنوان «لهب وليمون» لمخرجه أولي كرستيان مادسن، وهو مخرج دنماركي شاب من مواليد 1966، يتناول بحس مختلف بطولة المقاومة الدنماركية للنازية إبان الحرب العالمية الثانية، بالكثير من الحساسية ومن الحرية في تقليب حقائق التاريخ. فيلم لا يمجد المقاومة، ولكنه يقدمها من جوانبها المختلفة، زاويتها الزائفة، وأخرى العصابية، والثالثة الانتقامية، ليخلص في النهاية إلى نسبية الأشياء ونسبية القيم انطلاقا من منظورات متوازية. في هذا الفيلم الطويل الذي يربو عن الساعتين وعشر دقائق، كثير من الحشو السينمائي، وإفراط في مشاهد المعارك والمنازلات، ورصاص يصم الآذان لا يتناسب تماما مع الطبيعة الهادئة والوديعة للمنظر الدنماركي. في حين لم يستطع المخرج أن يغني حكاية فيلمه بجداول وتفرعات حكائية أخرى تطرد نمطية وخطية السرد السينمائي. ف«فلام» الشاب المنخرط في صفوف المقاومة، الماهر في التصويب، والعائد للتو من ألمانيا بعد صعود المد النازي، يجد نفسه مدفوعا إلى الانخراط في جيوب المقاومة انتقاما لصديقته اليهودية التي كانت تشتغل معه في مطبخ في برلين، والتي تمت تصفيتها من قبل مليشيات الغيستابو. في ظل هذا الجو النفسي الخاص، يلتقي «فلام» ب«سيطرون»، أي «اللهب» ب«الليمون»، هذا الأخير الذي يعيش تجربة أخرى أكثر قسوة، بسبب تسربه الأسري وفشله في التدبير العائلي. ومن ثمة يجد الانتقام من العناصر المتعاونة مع الألمان مرتعه، وتبدأ التصفيات والاغتيالات المنظمة، لكن كثرة الإملاءات وتضاربها وفساد قيادات المقاومة، يتسبب في كثير من المآسي ومن التصفيات غير المبررة. تتحرك خلية المقاومة في كوبنهاجن بحذر شديد، لكن عناصر الغيستابو تتمكن من اختراقها، مما يساعد على خلق أزمة ثقة، في الوقت الذي يقع فيه «فلام» الشاب الحديدي في شراك عميلة مزدوجة، تجمع بينهما علاقة حب، تنتهي بوقوع «فلام» في مقلب المخبرة، التي «تبيعه» لقائد الغيستابو وتسافر إلى ستوكهولم حيث تعيش حياتها، بينما يفضل «فلام» الانتحار بحبة مسومة في مخبئه السري، بعد أن حاصرته قوات الغيستابو، على أن يقع في أيديهم حيا، في الوقت الذي يختار فيه «الليمون» أن يواجه القوات التي أتت لاعتقاله حتى آخر رمق. بدون شك أن القصة الرئيسية في الفيلم غنية، وأن العمل متكامل على مستوى عناصره الفنية، وحافل بالكثير من اللحظات العالية، لكنه خانته الحكايات الجانبية التي هي جداول وشريانات تغذي الحكاية الأصل، في حين كانت لعبة الانتقال الزماني عبر تقنية الفلاش باك ميسرة، وتكفل التيتراج بإكمال القصة نيابة عن الممثلين الرئيسيين اللذين قضيا، في الوقت الذي كانا يرميان فيه معا في حفرة في مقبرة على امتداد البصر.