الحديث عن الألعاب الأولمبية التي جرت بلندن ووقع خلالها المغرب على أسوأ مشاركة له منذ 28 سنة، ودروس وعبر هذا الحدث الكوني لم ولن تتوقف، خصوصا وأننا في المغرب مازلنا لم نخرج بالخلاصات بعد، ولم نحدد أسباب استمرارنا في صناعة الفشل دورة بعد أخرى، باستثناء بعض «الفلتات» في الدورات معينة كانت أشبه بالشجرة التي تخفي غابة مشاكل الرياضة المغربية، وقرص أسبرين لتسكين الآلام بشكل مؤقت. الرياضة اليوم تحولت إلى صناعة، وإعداد الأبطال الذين بإمكانهم تطويق أعناقهم بالذهب الأولمبي، لا يتم بسرعة البرق، ويحتاج بداية إلى رؤية واضحة، وإلى خارطة طريق، وإلى رجال الميدان، ثم إلى تمويل، وبعدها يكون التقييم والحساب، والاعتراف بالفشل أو تأكيد النجاح. عقب أولمبياد بكين 2008 التي لم ترق خلالها المشاركة المغربية إلى مستوى التطلعات، رأت جامعة ألعاب القوى في التعاقد مع البطل العالمي والأولمبي السابق سعيد عويطة وسيلة لامتصاص الغضب، وإشارة على أنه يمكن إحداث التغيير. عاد عويطة إلى المغرب وسط هالة كبيرة، وفي أول ندوة صحفية له بدا الرجل متحمسا للعمل وللمساهمة في صنع التغيير المزعوم. ووسط «جيش» من الصحفيين المغاربة والأجانب، أطلق عويطة مشروع «بطل أولمبي» في رياضة ألعاب القوى، لصناعة العدائين وجعل «أم الألعاب» تنجب الأبطال بشكل سلس ودائم، دون أن تجد نفسها أمام إكراه غياب الخلف. شكل تداول المشروع سابقة في الرياضة المغربية، لكن للأسف الشديد فإن لا أحد حاول أن يعمل على الدفع بتحويل الفكرة إلى أرض الواقع، فجامعة ألعاب القوى المعني الأول بالأمر تعاملت مع الموضوع، كما لو أن الأمر يتعلق بإطلاق سفينة فضاء مغربية إلى المريخ، والوزارة الوصية تعاملت بمنطق كم حاجة قضيناها بتركها، ليتبخر الحلم، بل ويجد عويطة نفسه خارج جامعة ألعاب القوى، إذ أقدم رئيسها عبد السلام أحيزون على إقالته من مهامه بعد سبعة أشهر فقط. إن مشروع بطل أولمبي الذي جاء به عويطة قبل ثلاث سنوات، هو ما تحتاجه الرياضة المغربية اليوم، وألعاب القوى على وجه الخصوص. وبما أن وزارة الشباب والرياضة تتجه إلى أن تصبح بموجب القانون هي المسؤولة عن التعاقد مع المدراء التقنيين للجامعات، فإن بمقدورها أن تستفيد من مشروع سعيد عويطة، على الأقل في مجال ألعاب القوى، فالرياضة المغربية في حاجة إلى مشاريع حقيقية وإلى برامج لن يتمكن من وضع معالمها إلا أبناء الميدان الذين تلقوا تكوينا أكاديميا، وليس من جاؤوا من بعيد.