سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنكيران يطلق النار على «المتحكمين» ويوجه رسائل مشفرة إلى محيط الملك قال إن عهد سب المسؤولين والاتصال بهم عبر الهاتف انتهى واتهم مزوار بالتلاعب في أرقام المالية وغازل الاتحاديين
هاجم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بلهجة غير معتادة من مسؤول حكومي، من أسماهم ب«الحالمين بالتحكم»، وقياديي «الأصالة والمعاصرة» دون أن يشير إلى أسمائهم؛ حيث قال في تعقيبه على مداخلات الفرق النيابية أول أمس بمجلس النواب: «يجب أن يعلم الذين يحلمون بالتحكم والرجوع إلى أساليب الماضي والمكر والخديعة والتحكم في السياسة وإعطاء الأوامر للوزراء عبر الهاتف وشتم بعض المسؤولين، أن هذا الوقت قد انتهى ولم يعد ممكنا»، قبل أن يتابع قائلا: «إن الذين يحاربوننا اليوم وبمختلف الوسائل ويستعملون الضرب تحت الحزام خائفون من أن ننجح.. سوف ننجح إن شاء الله»، فيما لم تستبعد بعض المصادر أن يكون بنكيران وجه بهذا الكلام الناري رسائل مشفرة إلى بعض النافذين في محيط الملك الذين من المرجح أن يكون ضمنهم المسشار الملكي فؤاد عالي الهمة. ونالت مداخلة بنكيران تصفيقات مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي بدا منشرحا ومرتاحا جدا لما يقوله رئيس الحكومة، خاصة عندما استعمل عبارة «الضرب تحت الحزام» التي سبق للرميد أن استعملها في وقت سابق. كما نالت تصفيقات بعض الاتحاديين الذين راقهم ما قاله بنكيران في حق حزبهم عندما أثنى على تجربة عبد الرحمان اليوسفي في حكومة التناوب. وانتقد بنكيران إلياس العماري، قيادي الأصالة والمعاصرة، على خرجته الإعلامية الأخيرة دون أن يذكره بالاسم عندما قال: «إن الوضع السياسي بالمغرب قبل سنة ونصف كانت أبوابه مفتوحة على المجهول، ساعتها دخل بعض الأشخاص الجحور ولم يعودوا يظهرون أنوفهم واستتروا وتخوفوا وربما خافوا، ساعتها وقفنا نحن وتصدينا بمقولاتنا، وحدثنا الناس بأحاديث بهدف طمأنتهم، فتم التصويت على الدستور والتصويت في الانتخابات». وخرجت البرلمانية خديجة الرويسي، عضو فريق الأصالة والمعاصرة، غاضبة من الجلسة بعدما قاطعت رئيس الحكومة وطلب منها رئيس الجلسة كريم غلاب الصمت طبقا للقانون، فتابع رئيس الحكومة تدخله قائلا: «إن أسلوب الاستفزاز والتحدي لا يزيد الحكومة إلا إصرارا». واتهم بنكيران وزير المالية السابق، صلاح الدين مزوار، بالتلاعب في الأرقام الخاصة بقانون المالية، وقال بهذا الخصوص: «إن الحكومة السابقة التي أعدت قانون المالية قدمت معطيات غير حقيقية، وهو ما جعل قانون المالية يتأخر». وقدم بنكيران مثالا على ذلك قائلا: «يمكن لأي واحد أن يأتي ويستأسد على الحكومة الحالية لأنها تراجعت في الأرقام، ولكن قيل لنا إن العجز في الميزانية هو 3،5 في المائة لكننا اكتشفنا أنه هو 6،1 في المائة، ووجدنا الأرقام غير صحيحة، ولملمنا أمورنا وعدلنا قانون المالية». وخاطب رئيس الحكومة النواب قائلا: «اشهدوا لله ما دمنا نسأل بالله، كانت سياسة لإخفاء الحقيقة، وكانت فرق المعارضة تجتهد في اكتشاف الحقيقة وتكون متأكدة من أن في قوانين المالية أرقاما تُؤوَّل غير تأويلها». ولم يقف بنكيران عند هذا الحد، بل قال إن قرار الزيادة في المحروقات لم تستطع أن تتخذه الحكومات السابقة خشية احتجاجات الشارع، مشددا في الوقت نفسه على أن حكومته لا تخفي الحقائق عن الناس. وأوضح رئيس الحكومة في هذا السياق أنه هو من طلب من نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، تقديم المعطيات الحقيقية» من أجل إشراك الجميع في مواجهة الصعوبات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن حكومته ليست سبب الأزمة الحالية، وإنما الأزمة هي التي أتت بهذه الحكومة بعد أن كانت البلاد مفتوحة على المجهول. وفي رده على مداخلة محمد حنين، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، الذي انتقد الحكومة بشدة وقال إنها لم تتخذ أي قرار ذي جدوى للمواطنين طيلة ستة أشهر من العمل باستثناء قرار الزيادة في أسعار المحروقات الذي أثر على قدرتهم الشرائية، قال بنكيران: «أسائله بالله ووزير ماليته السابق، في إشارة منه إلى صلاح الدين مزوار، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، كم من مرة طرح في الحكومة موضوع الزيادة في المحروقات على أنها ضرورة اقتصادية؟ ولم تقع لأنه كان هناك تخوف وتحفظ، ونحن لم نتخوف وخاطبنا الناس بوضوح، وعندما قررنا الزيادة في أسعار المحروقات تحركت أيدٍ لإخراج المواطنين إلى الشارع، وفشلت تلك المحاولات». وبخصوص تدخل أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، حول «ورش محاربة الفساد» وسؤاله عما وقع لسيوف الحكومة التي تم إرجاعها إلى أغمادها؛ رد بنكيران بالقول: «أعترف بأن محاربة الفساد ليست سهلة، ولكن الصعب هو أن ننخرط نحن في محاربة الفساد»، موضحا أن هناك توازنات ومن واجب الحكومة المحافظة عليها وعلى استقرار البلد وديمقراطيته. بعدها عاد رئيس الحكومة ليذكر من جديد أنه لا يرغب في فسح المجال أمام المتحكمين الذين يقولون الأمور على غير حقيقتها، موضحا بقوله: «إنهم يتهموننا بما لا يمكنه أن يكون حتى إنهم يتهموننا بكوننا نريد أن نشعل الشارع، بينما كل جهدنا نحن منصب حول تكريس الاستقرار في هذا الوطن». ولم يفت بنكيران أن يذكر بواقع حزبه قبل الربيع العربي الذي ساهم في إيصال حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة، حيث قال: «إنهم كانوا يقولون إن حزبنا سيحصل في انتخابات 2012 على 15 أو 16 مقعدا، وكانوا يقولون إن 2012 مضمونة وإن 2017 متحكم فيها، هؤلاء دفعهم غرورهم إلى أن يعتقدوا أنهم يعرفون الغيب». وحول تبخيسه نفسه عندما يقول إنه مجرد رئيس حكومة، قال بنكيران: «أنا لا أبخس نفسي، ولكني أريد أن يفهم المغاربة أن هناك 30 مليونا يمكن أن يكون أي منهم رئيسا للحكومة، ولكنّ عندنا ملكا واحدا هو رمز الاستقرار والوحدة، وأعتقد أن تنزيل الدستور مسؤوليته ثم مسؤوليتنا». ومن جهته، استغرب عبد الله بوانو، عضو فريق العدالة والتنمية، اتهام الحكومة بإيصال المغرب إلى وضعية اقتصادية هشة في وقت لم تمض فيه سوى 3 أشهر على تسييرها الشأن العام، وقال: «كان ممكنا تدارك الأمر من قبل لولا سياسة العام زين». وعبر بوانو عن الخوف من عودة التحكم، قائلا: «بعض الوجوه خرجت من الجحور وأصبحت تتهم عبر الإعلام وتنشر الافتراءات، ولم تكن شيئا من قبل بل كانت مجرد نكرة»، قبل أن يضيف قوله: «المخير فيهم عندو مقاولة عقارية».