يبدو أن قصة القائد يونس فنيش مع مسؤولي وزارة الداخلية ستمنع أكثر من رجل سلطة يسكنه الإبداع وحب الأدب والكتابة من المغامرة بوضعه الاجتماعي مخافة التعرض لتوقيف مفاجئ و«معانقة» مصير مجهول. فنيش رجل سلطة قرر أن يبدع نصوصا روائية تنتقد بعض المظاهر الاجتماعية التي تخدش صورة المغرب وتعرقل تطوره، فنال عقوبة توقيفه عن العمل وأحيل على القضاء بتهمة الإساءة إلى بعض رؤسائه بالكتابة الأدبية. وبالرغم من أن القضاء أنصفه، فإنه لا يزال يعاني من التوقيف عن العمل. وعود كثيرة أعطيته لحل ملفه، يقول مصدر مقرب منه، لكن الانتظار طال ما يقرب من 6 سنوات، دون أي أن يحصل أي تقدم في ملفه. المصدر ذاته يعاتب منظمات المجتمع المدني على عدم إعطاء الاهتمام الكافي لملف رجل سلطة حارب الفساد ورفض الرضوخ لعدد من الإغراءات. «وحدها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب هي التي تبنت ملفه وواكبت تطوراته»، يضيف المصدر ذاته. الهيئة ذاتها قامت، في الأسبوع الماضي، بتوجيه رسالة إلى وزير الداخلية شكيب بنموسى استعرضت فيها ملابسات قضية قائد كانت بداية «الإطاحة به» من مقاطعة النرجس، إحدى مقاطعات فاس سنة 2002. ويقول محمد طارق السباعي في هذه الرسالة إن توقيف القائد فنيش يخالف مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في فاتح مارس 1963، لأنه لم يحل على المجلس التأديبي منذ توصله برسالة إخبار من والي جهة فاس بولمان يشعره فيها بأنه موقوف عن العمل. الهيئة تعتبر أن قرار توقيف هذا القائد له علاقة بفضحه «أنواعا من الفساد»، مسجلة أنه جرد من المسؤولية وحرم من ثلاثة أرباع أجرته، ولم يعد يتقاضى إلا 3400 درهم، علما بأنه «أب لطفلين وزوجته معطلة عن العمل، وهو الذي أنفقت عليه الدولة 140 مليون سنتيم لما كان يتلقى تدريبه بمدرسة تكوين الأطر ليصبح قائدا». وبعد توقيفه كقائد، وبعد اجتياز امتحان القضاء، أخبر شفويا بضرورة الالتحاق بولاية الرباط كمتصرف مساعد، وإلى حد الآن لم يكلف بأي مهام رسمية ولا يتوفر على أي مكتب بمقر عمله الجديد. ولايزال حتى الآن قابعا في منزله بدون مهام، علما بأن هذا الأخير «يرفض أن يعيش بلا كرامة ويرفض الفساد ويرفض أن يكون «موظفا شبحا»»، تضيف هذه الهيئة. وصدر بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 أكتوبر 2008 ظهير شريف رقم 1.08.67 (31يوليوز2008) في شأن هيئة رجال السلطة، كما صدرت عدة مراسيم ذات صلة، ونصت المادة الثانية من الظهير على أن رجال السلطة يباشر تعيينهم وإعفاؤهم بمقتضى ظهير شريف يصدره الجناب الشريف باقتراح من وزير الداخلية. واعتبرت الهيئة بأن هذا الظهير الجديد يضمن حماية الدولة لرجال السلطة وأن الكفاءة أصبحت بمقتضاه هي معيار الترقي طبقا للمواد 9 و11 و18، داعية وزير الداخلية إلى تسوية وضعية هذا القائد واقتراح ترقيته «لما يتميز به من كفاءة مهنية واستقامة وتفان في القيام بواجبه إحقاقا للحق».