الجزائر: حسن البصري مدد الجزائريون ساعات صيامهم إلى حين انتهاء السباق الذي أهدى الجزائر والعرب أول ميدالية ذهبية في أولمبياد لندن، بعد صيام العدائين الجزائريي ن عن الذهب الأولمبي دام 15 سنة، و»حلل» أبناء الجزائر صيامهم بإنجاز تاريخي أعفاهم من إمساك طويل عن شهوة الوقوف فوق بوديومات التتويج، فتوقفت الحركة بشكل رهيب في العاصمة ليتردد صدى النشيد الوطني الجزائري «قسما». الأنباء القادمة من غرب العاصمة، تتحدث عن مؤدن توقف فجأة عن الآذان، حين سمع صراخا غير مألوف من أبناء الحي، الذين كانوا يتابعون في بيوتهم البث المباشر لنهائي سباق 1500 متر، الذي أخرج العرب من خيبتهم اللندنية، فقد فوجئ المؤدن الذي لا علم له بالسباق بصراخ قوي فأجل الآذان إلى ما بعد نهاية التتويج وخرج يستقصي سر الصراخ، حينها قال الحمد لله «معلاباليش بللي عداء يقدر يأجل الآذان»، مضيفا أنه لا أحد من المصلين كان يركز على صلاة المغرب، حيث تبادلوا التهاني مباشرة بعد التشهد الأخير وسلام الختم. أما مدينة سوق أهراس في الشرق الأقصى للبلاد، مسقط رأس البطل مخلوفي وكثير من رموز الرياضة والفن والسياسة في الجزائر، على غرار والد وردة الجزائرية ورابح ماجر وعنتر يحيى والشهيد المختار باجي، فقد ألغت وجبة الإفطار واختارت أن تفطر بالذهب بدل شوربة فريك الجزائرية الشهيرة، غصت ساحات المدينة المهمشة بشباب يحملون العلم الجزائري ووقفت مواكب السيارات تنتظر التتويج لتحرض منبهاتها على الاحتفال، بينما شرعت القنوات التلفزية والإذاعية في البحث عن متغيب اسمه يونس مخلوفي والد البطل البالغ من العمر 62 سنة، الذي أصبح مطلوبا لوسائل الإعلام ولسلطات المدينة بعد سنوات من التهميش والإقصاء، قبل أن يتم العثور عليه حيا لا يرزق في بيته المتواضع بحي دالاس وهو متلبس بالبكاء. أما مدربه علي رجيمي الذي تعهده في بدايته ضمن فريق الحماية المدنية لسوق أهراس منذ 2006، فارتدى بدلته ووقف يسرد معاناة بطل كان وراء اكتشافه منذ أن ركض في سباق مدرسي، تأسف المدرب لغياب الدعم والعناية وقال إن إشرافه على رشيد توقف عند سنة 2009، ليتبناه عمار براهمة الذي خرج عن صمته وتحدث عن الإهمال الذي طال بطلا واعدا ظل يبحث عن اكتتاب يمكنه من السفر إلى مدينة إيفران المغربية لتعقب خطوات عويطة والكروج، في انتظار وعد لم يتحقق بتشغيله في مصالح الوقاية المدنية التي كان يلعب ضمن فريقها الأحوج إلى حماية مدنية. ومن سخرية القدر، أن احتفالات أبناء مدينة سوق اهراس لم تدم طويلا، احتراما لأمسية تأبينية لأحد أعوان الوقاية المدنية، الذي مات متأثرا بجروح خلال تدخل لإخماد حريق في إحدى غابات الولاية، حيث حوصر بالنيران إلى جانب حارس الغابة، وضع شباب المدينة هذا الاعتبار الإنساني في أذهانهم وهم يعيشون مفارقة غريبة، تأبين عون من الوقاية المدنية، والاحتفال بعداء فريق الوقاية الذي أنقذ العرب من الفضيحة وأخمد نيران الكارثة. ولأن بعد العسر يسرا، فقد تعهدت وزارة الشباب والرياضة الجزائرية بتخصيص منحة مالية قدرها 30 ألف أورو لتوفيق، وراتب شهري بقيمة 1400 أورو لمدة عامين قابلة للتمديد، وسيارة فخمة من نوع فولكس فاغن، مما يوفر الحماية المدنية لهذا البطل، ويمكنه من استئجار فيلا لمدة طويلة في إيفران.