كانت الحكاية، إضافة إلى كونها وسيلة للترفيه والتسلية وغمر المتخيل الطفولي بالرغبات التي تتحقق بسهولة، وسيلة للتربية والتنشئة الاجتماعية للفرد والمجتمع. كان حتى كان، فيما مضى من الزمان، حتى كان الحبق والسوسان في حجر النبي العدنان، عليه الصلاة والسلام.. المعزة والغولة قاليك أسيدي واحد الراجل لقى واحد المعزة كتورد وهي غولة، وقال: -»آش ندير راه ربي عفى عليّ من الحليب، والله تا نذبحها ولا ندّيها لبنتي، حليبها غايدير لنا القهوة بلحليب».. -جابها وفرحو ولادو ومرتو وكتحلبها البنت، واحد النهار، قالت ليه: «أبّا، هاذيك اللي جبتي لنا راه ماشي معزة راه غولة».. قال ليها: -»إيوا سيري أبنت الكذابة، آبنت الدايرة الفاعلة، هاذيك راها نيت معزة، نيت لقيتها كتورد وجتها لا تقولي عليها غولة».. قالت لو: -«إيوا دير قضيّة، أجي تبقى معايا فلبيت ونبيتو الشرجم محلول».. ونعسو وخلاو الشرجم محلول، وناضت ولقاها، خرجت وطلقات شعرها وولات غولة وكتطحن الحنة وتهلل، قال ليها: -»إيوا راه كلامك أبنتي صْحيح، وراحنا شربنا الحليب ديالها صافي بحال إيلا شركنا معاها الطعام، راه غادي تقتلنا».. ناضو قال ليهوم: -«آش غاتديرو؟ نوضو غدا الصباح، نشاع الله، غانسعو، إيلا هي فاقت وولات معزة هي هاذيك، ولات غولة هي هاذيك».. ناضو لقاوها عاود تاني داكشي اللي كتدير، قال ليهوم: «إيوا شتو آش تديرو، جيبو الخيل وشرجيو بهايمكوم وخيلكوم بزرعكوم وقمحكوم وما ناكلو، ونوضو نمشيو بحالنا نرحلو».. قالت لو بنتو: «واخا».. غير هي اللي ماشرباتشي الحليب ديالها، أما هما كلهوم شربوه. مشاو -قال ليك- هي ناضت الصباح ما لقاتهومش، قالت: -«بيه.. داروها بيا قبل ما نديرها بهم».. ناضت مشات، خلطات عليهوم شوية ديال الغبرة ديالتها والريحة ديالها، شمّاتها البنت قالت لبّاها: «راها جايا خالطة علينا، راه العجاج ديالها هذا».. قال ليها: -»سيري، باباك، ديري عينيك قدّامك، وزيدي ما غاديش تجي، آش من راها جايا».. قالت لو: «بّا، راه الريحة والغبرة ديالها هاذي».. قال ليها: «قلت لك زيدي».. - «أبّا، راه ولات كي الحمصة، راها كتبان ليا نيت بحال الحمصة».. شوية ها هي خلطات عليهم، وها هما تحت الشجرة. قالو ليها: -«آشجرة مّا وبّا طلعي بينا» طلعت بهم للسما، ها هي جات، قالت ليهومْ: - «بيّه، درتوها بيا قبل ما نديرها بيكوم، غدرتو بيا، شربتو حليبي وغدرتو بيا وطرتو للشجرة، إيوا واخا باباكومْ».. - أحليبي مغى في مّهوم».. تمخضت وطاحت لعندها وكلاتها، عاود قالت: -«أحليبي مغى في بّاهم».. عاود تمخض وطاح لعندها وكلاتو، حتى كملاتهم، هي قالت ليها: - «نتي راه ما بيديش عليك، نتي راه ما رضعتينيش، ما غادي يوقع ليك والو دابا، غير هبطي عندي».. قالت ليها: - «ما نهبطش».. ولات نيت غولة وكتمشي -حشاكم- تدير العافية وكتبغي تطيب الخبز كتدير الفراح وعنوة كتقلبو، كتقولها: -»هانتي درتي الفراح مقلوب»، كتقول ليها: -»هبطي أحبيبتي راني ما كانشوفشاي وما كنسمعشاي، إيوا هبطي وقلْبي ليا وطيّبي لي وناكلو أنا ويّاك» والو، كي ليوم كي غدا.. واحد النهار طلع الموذن مشى يوذن وما ودّنش، عاود لغد ليه مشى يوذن ما وذنش، وهما يعيّطو ليه: -«هاذي ثلث يام ولا ربع يام كا يراعيوك توذن ودابا ما كتوذنش» قال ليهوم: «أودي دخلوني نيت نهضر مع السلطان».. أمر عليه، خلاه نيت، دار لعندو، قال ليه: -»أسيدي راه كنطلع نيت نوذن وتا نشوف واحد الزين حتى كتمشي بيا الدنيا، ما كانوذنش وكنولي بحالاتي» قال لو: -»وهاذ الزين باقي تمّا فالشجرة؟» قالو: -«مازال».. لغد -قاليك- مشاو جابو الخيل، جابو السلاح، جابو كلشي باش يقتلو ذيك الغولة ويجيبوها، هما لحقو ليها، وقالت ليهوم: -»إيلا بغيتوني نهوّد أنا، إيلا ركّبتوني فوق جمل سباعي وركّبوها هي فوق جمل عشاري، ما تركبوهاش حدايا، راه تاكلني».. زادو شوية، هالجمل كلاتو اللي راكبة عْليه، دّاوها ودارو واحد الكوشة ديالت العواد قدها قداش وقالو ليها: -»أجي أمي الشريفة نديوك تحجي أخالتي الغولة».. وداوها لذيك الكوشة واحد هزها من هنا وواحد هزها من هنا، ورماوها فذيك العافية، وقالت: - «يا هاذ الرماد ديالي اللي تحرقتي ووليتي رماد، كنطلب نهار تولد وولادها يجيو يلعبو فالرماد ديالي يتعماو».. - قاليك- أسيدي ولدات نيت جوج وليدات توام، وليد وبنية.. قال ليك واحد النهار البنيّة لعبات في الرماد ولولد ما لعبش، والبنت تّعمات والولد نيت غير هبش فيه غير قاسو، غير تكّى حداه كيلعب مع الدراري وطيحو شي حد ومات فيها ودفنوه نيت فذيك البلاصة فاش تدفنت الغولة إيوا صافي.
المصدر : الدكتور محمد فخرالدين -كتاب موسوعة الحكاية الشعبية -الحكاية 89