كانت الحكاية، إضافة إلى كونها وسيلة للترفيه والتسلية، وغمر المتخيل الطفولي بالرغبات التي تتحقق بسهولة، وسيلة للتربية والتنشئة الاجتماعية للفرد والمجتمع. هيدا الحرامي، حمو الحرامي، حديدان الحرامي، كلها تنويعات لحكاية واحدة تعلي من شأن الحيلة في مواجهة القوة العمياء التي تجسدها الغولة.. تجرب الحكاية بيوتا من كل المواد، من تراب ورماد وقصب وزجاج وخشب وحجر.. فلا تجد أصلب من الحديد ولا أحسن أن يبني الإنسان الفطن بيته منه.. و من تم يستمد البطل اسمه حديدان.. الحكاية قال ليك واحد السيد جاه الشوق ديال الحج وهوعندو سبعة الدراري قالوا ليه: «آبا، نمشيو معاك».. قال ليهوم: «آوليدي يلا مشيتو راه تعياو». قالوا ليه: «ما نعياوش». وهو يْدّيهوم معاه، داهوم معاه، وهو يعود غادي في الطريق غادي، غادي، غادي، وهو يقول ولدو: »آبّا عييت». قال ليه: «آش ندير ليك آوليدي؟».. قال ليه: -«دير ليّ دار تاع التراب، سوارتها تراب ودفوفها تراب، وخبزة قد السما وقلّوش ما وسير الله يهنيك».. مشى ثاني، لاخر، مشى، مشى، مشى تاعيى وقال ليه: »آبا عييت»، قاليه: «واش ندير لك آوليدي؟».. قال ليه: -«دير ليّا دار ديالت الرماد، سوارتها رماد، ودفوفها رماد وخبزة قد السما وقلّوش ما، وسير الله يهنيك».. قال ليه لاخر: - «آبّا عييت». قال ليه: »آش ندير ليك آوليدي؟».. قال ليه: -«دير ليّا دار تاعت الرملة، سوارتها رملة، ودفوفها رملة، وخبزة قد السما وقلّوش ما، وسير الله يهنيك» قال ليه لاخر: «آبّا عييت».. قاليه: «واش ندير ليك آوليدي؟» قال ليه: -«دير ليا دار تاعت لحديد سوارتها حديد، وقفولها حديد، وقلّوش تاع الما، وخبزة قد السما وسير الله يهنيك».. إيوا مشى، وهو يبقى، الغولة جايّا مع ذيك الطريق وتنفخ وتاكل.. نفخت على مول التراب، طار التراب، وبقى هو مقرّد وكالتو.. نفخت على مول التّبنْ، بقى عا هو مقرّد وكالتو.. نفخت على مول العواد، طار وكالتو.. نفخت على مول الرماد، وعلى مول الرملة تّا بقى حمّو لحرامي.. مول لحديد -حمو لحرامي- هو اللّي بْقى، إيوا وهي بقات تنفخ، ما صابت ما تّدير، عادت قاعدة معاه، سكنات وقعدات معاه، كيطلع الكرمة، تيّاكل هو الباكورة، لكرموصة الزينة كتقول ليه: -«رمي، رمي يا فريخ سيدي ربي».. ويضربها بهاذيك الخامجة للعين وتاكل، ويطلع ثاني هي تطلع تسقي الما، ويخليها تا تمشي تسقي ويدخل الما ويخوضو وتقول ليه: »خوّض، خوض أفريخ بابا ربي».. إيوا سير يا يوم سير، يا غد، هذاك نهار تاتحلف عليه، تا تقول ليه: »ها هي إيلا بقات فيك آحديدّان لْحرامي».. تا لهذاك نهار وهي تمشي لعند السراح لقاتهم سارحين وتحلّفات عليهم، قالت ليهم: -«والله اللي ما جاب ليا كلكوم تاع العلك قد راسو تاندير لحمكم في ضغمة، ودمكم في جغمة».. تا يبكيو ويلقطو، تا دارو ليها ذاك العلك، وجابْتو دارتو، عندها واحد الحمير* كيركب ليها عليه، عا تعود جايا ويهرب، هذاك النهار دارت ليه هذاك العلك، غا با يهرب وهو يلصق فوق ظهر لحمار، وهي تقبضو، قالل يها: -»أعمتي لحلوفة، غادي تاكليني هكذا ضعيف؟ ما غا نشبعكش، خليني تا نسمان، إلا شتي صبعي ولى سمين، ذبحيني وعرضي على هلياتك».. دارتو في واحد القفز وبدات تعطيه الماكلة باش يسمان، وهو كل مرة تايورّيها قزيبة ديال واحد الفار، حتى لواحد النهار مالقاش الفار، وهو يوريها صبعو الصغير وهي تلقاه سمن، وهي تمشي تعرض على هْليّاتها، وقالت لبنتها: -«شدّيه ذبحيه، أنا غا نمشي نعيط على خالاتك وعماتك».. جات بنت الغولة شدّات الموس بغات تذبحو وهو يقول ليها: -»شوف شعرك كي مشعكك.. غاذي يضحكو عليك عمّاتك، آجي نحسّن لك شعرك».. شد الموس من عندها وهو يذبحها ولبس الجلد ديالها، دار العوينات على عويناتو ودار وجهها على وجيهو، وطيّبها.. ومللي جاو حطها ليهم ياكلوها.. مللي جاو جاب ليهم الطعام كالو، خلاهوم حتى كالو.. وهو يمشي دوّر بدارو الشطب وشعل العافية حتى حمات بزاف، وسد عليه الباب وبدا كايقول ليهوم: -«اللي كال لحيمة يبكي دميعة».. خرجو شافوه بداو كايضربو الدفّة ديال الحديد حتى لصقوا وماتوا -وخليتهوم تمّا وجيتْ هْنا. ومشات حجايتي من واد لواد وبقيت أنا مع ولاد لْجواد..
المصدر : الدكتور محمد فخرالدين -كتاب موسوعة الحكاية الشعبية -الحكاية 54.