قضى المجلس الجهوي للحسابات بمراكش بإدانة عمر الجزولي، العمدة السابق للمدينة الحمراء، وأدائه غرامة مالية قدرها 400 ألف درهم، وإرجاع ملايين الدراهم إلى خزينة المجلس الجماعي للمدينة. وقد أصدر قضاة المجلس الجهوي للحسابات صباح أمس الاثنين حكما يقضي بإرجاع الجزولي، القيادي في حزب الاتحاد الدستوري، مبلغ 234 ألف درهم، وأزيد من 119 ألف درهم، إلى خزينة المجلس الجماعي، إضافة إلى ما يزيد عن 642 ألف درهم من المفترض أن يضعها العمدة الجزولي، وزين الدين الزرهوني، الإطار ببلدية المدينة، في الخزينة. كما أصدر المجلس الجهوي غرامات مالية متفاوتة في حق موظفين وأطر ببلدية المدينة. ويتعلق الأمر بمحمد بودرويةّ، الذي حكم عليه القضاء بأداء مبلغ 60 ألف درهم، ومحمد نكيل، نائب رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، بأداء غرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، ومحمد مزري، الرئيس السابق لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي ومتقاعدي الجماعة الحضرية، ب 100 ألف درهم، وزين الدين الزرهوني بأداء مبلغ 150 ألف درهم. وقد جاء هذا الحكم، الذي كان الرأي العام المراكشي يتتبعه ويتطلع إلى معرفته بشكل كبير، بعد أن أكد القضاء أخطاء شابت مرافق اللوحات الإشهارية التابعة لإحدى الشركات الخاصة، وكذا تدبير بعض ممتلكات المجلس الجماعي لمراكش في عهد العمدة الجزولي، إضافة إلى استفادة أشخاص «غرباء» من مالية المجلس عبارة عن إقامات في فنادق فاخرة ومأكولات... وقد ثبت لقضاة المجلس الجهوي للحسابات معطيات تفيد استفادة مفتش بوزارة الداخلية، وأستاذ جامعي، وصحافي بالقناة الثانية «دوزيم»، من الإقامة بأحد الفنادق الفاخرة بمدينة مراكش. وهو الأمر الذي قلل الجزولي من قيمته، في حين اعتبره قضاة المجلس مصاريف تحوم حولها «شبهات»، متسائلين عن مبررات استفادة هؤلاء من مصاريف دفعها المجلس الجماعي. وأوضح الجزولي أنه طلب من مفتش وزارة الداخلية (م.ك)، عندما كان العمدة السابق ممثلا للجنة الداخلية بمجلس المستشارين، أن يؤطر جلسات عمل نظمتها الجماعة، مضيفا أن التأطير القانوني، الذي قام به المسؤول بوزارة الداخلية، يقتضي توفير ظروف مناسبة. وهكذا اختار المجلس الجماعي لمراكش، في عهد الجزولي، حجز غرفة بأحد الفنادق الفاخرة بمراكش لهذا المسؤول. وقد اعتبر القضاة أن مبلغ 223 ألف درهم يعتبر ضخما مقارنة بمصاريف الإقامة، وهو ما فسروه بمكوث مفتش الداخلية في الفندق رفقة أسرته، وهو أمر نفى الجزولي علمه به جملة وتفصيلا، معلقا على ذلك بالقول: «لا يمكن أن أشترط على شخص الإقامة لوحده». كما واجه قضاة المجلس الجهوي للحسابات الجزولي باستفادة صحافي في «دوزيم» حل بمدينة مراكش سنة 2004 من أجل إنجاز روبورتاج عن المدينة الحمراء من الإقامة بأحد الفنادق. أما استفادة أستاذ بإحدى جامعات الدارالبيضاء من الإقامة بأحد الفنادق الفاخرة فوصفها الجزولي بالأمر «العادي جدا»، على اعتبار أن الأستاذ الجامعي حل بالمدينة من أجل تأطير لقاء حول رؤية توحيد المدينة، مشيرا إلى أن هذا الأستاذ الجامعي لم يأخذ مقابلا ماليا لتأطير هذا اللقاء. شخصية سنغالية، لم يتم الكشف عن اسمها، استفادت أيضا من الإقامة على حساب مالية المجلس الجماعي لمراكش، وهو ما برره الجزولي بأنها شخصية مدافعة عن قضية الصحراء. وبعد أن أشهر القضاة الخروقات التي شابت تدبير مرفق اللوحات الإشهارية في وجه الجزولي، ورط هذا الأخير عبد اللطيف أبدوح، الرئيس السابق لبلدية المنارة جليز، عندما أكد أن الأخير قام بكراء هذا المرفق لشركة «أطلس ميديا» بمبلغ 600 درهم بالنسبة للوحات الكبيرة، و250 درهما بالنسبة للوحات الصغيرة، وهو ما اعتبره الجزولي مبلغا بخسا، مشهرا في وجه القضاة الحاضرين المبلغ الذي أقره خلال ولايته لكراء هذا المرفق، وهو مبلغ 3500 درهم للوحة الواحدة. توريط الجزولي للمسؤولين على رأس البلدية السابقين واللاحقين استمر عندما ذكر أن العمدة الحالية فاطمة المنصوري تدبر هذا المرفق ب90 لوحة، منها 61 لوحة مثبتة منذ السنوات الفارطة، فيما تمت إضافة 29 لوحة جديدة. وهناك سيطرح أحد القضاة قضية استغلال شركة اللوحات الإشهارية للإنارة العمومية. واعتبر محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، في تصريح ل «المساء»، أن تحمل القضاة لمسؤوليتهم في إصدار هذه الأحكام أكد أن لا مجال للحديث عن «عفا الله عما سلف»، معتبرا أن محاكمة أشخاص من وزن كبير يجعل الحكومة في موقف المسؤولية الكبيرة، من خلال مهمتها الحالية القاضية بإحالة هذه الملفات على الجهات المختصة.