وصف محمد الساسي الدستور الحالي، الذي تم التصويت عليه خلال سنة 2011، بأنه أكثر الدساتير «احتيالية» في العالم بالنظر إلى لغته الفضفاضة التي تفتح الباب للتأويل. وقال الساسي، الذي كان يتحدث خلال ندوة حول الانتقال الديمقراطي، إن الدستور الحالي لا يتضمن حقوقا مضمونة. وبعد استعراضه أهم مؤشرات وشروط الانتقال الديمقراطي في أي دولة من دول العالم، أكد الساسي أن المدخل الوحيد إلى الديمقراطية في المغرب هو الملكية البرلمانية على اعتبار أنه لا توجد هناك منازعة في شرعية الملكية لدى كل الفرقاء، بمن فيهم المعارضون، حيث إن هناك إجماعا على الملكية على الأقل علانية، يقول الساسي. وفي معرض حديثه عن الحالة المغربية، أكد الساسي، خلال الندوة التي نظمها حزب الاشتراكي الموحد، أن المغرب مهدد بانفجار بسبب استمرار التفاوتات واقتصاد الريع والبطالة، وأن الإصلاحات التي خاضها المغرب منذ 55 سنة لم تكن متراكمة، بل متواترة وفي كل مرة تتم البداية من جديد. وحدد الساسي الشروط اللازمة لتحقيق الانتقال الديمقراطي في ضرورة وضع دستور للملكية البرلمانية يحل ازدواجية سلطة الحكومة وسلطة الدولة، وتبعية المجلس الحكومي للمجلس الوزاري، وكذا حل المشكل الانتخابي، الذي حدده في عدم مشاركة مجموعة من الفاعلين السياسيين الذين ظلوا خارج اللعبة، وكذا نسبة المشاركة التي تظل دون المعدلات المطلوبة، ومشكل استعمال المال الذي يقر به الجميع، ولكن لا أحد يعترف بأنه يفسد العملية الانتخابية، يضيف الساسي. كما أشار الساسي أيضا إلى ضرورة ضمان استقلالية القضاء، ومحاربة الفساد في الوسط القضائي، ووقف استعمال القضاء في الصراعات السياسية. كما أكد أن من بين مؤشرات الدخول في مرحلة الانتقال الديمقراطي الانفتاح الإعلامي، وجدد التأكيد على أن مجموعة من الوجوه لازالت ممنوعة في الإعلام العمومي، وذكر على سبيل المثال شيوخ السلفية الجهادية ونادية ياسين وغيرهم.. وفي تعليقه على المحاكمات التي تطال بعض النشطاء المحسوبين على حركة 20 فبراير، أكد الساسي أن الأمر يعتبر انتقاما من هذه الحركة، التي كانت سببا وراء الدفع بإخراج دستور 2011 .وقال إن الأمر كان يستدعي مكافأتها وليس معاقبتها، مما يؤشر في نظر المتحدث على غياب الإرادة السياسية في الدخول إلى عتبة الانتقال الديمقراطي، وعلى أن التحولات التي حدثت جراء الربيع العربي أكرهت عليها الدولة ولم تكن اختيارا. ومن خلال استعراضه لمؤشرات الانتقال الديمقراطي وصف الساسي ما يحدث في مصر وتونس بأنه مؤشرات حقيقية على بداية الانتقال الديمقراطي بهذين البلدين.