على بعد حوالي 25 كيلومترا جنوب مدينة الجديدة في اتجاه مدينة مراكش، وبالضبط بدوار معاشات الدار التابع ترابيا لجماعة أولاد حسين بإقليم الجديدة، تقبع أسرة فقيرة مكونة من أم أرملة وستة أبناء، خمسة منهم يعيشون في ظلمة بعد أن فقدوا نعمة البصر منذ سن الخامسة، معيل الأسرة كان هو الأب الذي وافته المنية قبل ثمان سنوات، الابن الوحيد الذي أنعم عليه الله بنعمة البصر يشتغل اليوم مساعد سائق شاحنة يصارع الزمن ليوفر مبلغ 300 درهم أسبوعيا يوفر بها ما يسد به رمق والدته وإخوته الخمسة المكفوفين، أكبرهم أحمد الفكار عمره 43 سنة رفض أن تؤخذ له الصورة رفقة أسرته، والثانية عائشة عمرها 39 سنة والثالث نور الدين وعمره 37 سنة والرابعة فاطنة سنها 30 سنة وخامسهم وأصغرهم عامر سنه 21 سنة، الوحيد الذي يتحرك ويتحدث بطلاقة ويخرج خارج المنزل بمساعدة أحد أبناء الدوار الذي لا يتردد في تلبية طلباته كلما تيسر له ذلك. أما باقي الإخوة فلا يغادرون البيت بل منهم من لا يغادر حتى غرفته إلا لقضاء حاجته. «المساء» زارت هذه الأسرة في بيتها وعاينت وضعية البيت المتواضع الذي تعيش فيه، والدتهم زهرة موجير عمرها قدرته ب65 سنة، لكن ملامح وجهها تقول بأن سنها يفوق الثمانين، قالت في حديثها ل»المساء» إن أبناءها يفقدون بصرهم مباشرة بعد تجاوزهم سن الخامسة دون أن تعرف السبب، زهرة سيدة أمية لا تكاد تكمل كلامها، قالت إنها في محنة منذ سنوات لكن الحمل بات كبيرا عليها وعلى ابنها الوحيد الذي يعيل الأسرة، قالت إنها لم تستفد في يوم من الأيام من أية إعانة أو مساعدة، ماعدا محاولة أحد المحسنين إجراء عملية جراحية لاثنين من أبنائها لم يكتب لها النجاح، وقالت إن بعض الجمعيات زارتها وأخذت صور أبنائها إلى غير رجعة، لا يتوفرون حتى على بطاقة الإعاقة، تحكي الأم بألم معاناتها مع خمسة أبناء لا يبصرون منذ سنتهم الخامسة، لا تدري حتى إن كان هذا المرض الذي يصيب بصر أبنائها وراثيا أم عضويا لأنها بكل بساطة ليست لها القدرة المادية لزيارة الطبيب، حاولت زهرة أن تصف لنا معاناتها مع أبنائها لكنها لم تستطع واختصرت كلامها في عبارة واحدة «الله لي مطالع بينا». زهرة تناشد المسؤولين في هذا البلد أن يحسسوها بأنها لا تعيش في كوكب معزول، زهرة وأمثالها في هذا البلد كثيرون لا يعرفون طرق الحصول على الكريمات والامتيازات، بل يقاومون في صمت وأحيانا يغادرون هذه الحياة في صمت كذلك.