هم مهاجرون مغاربة في ألمانيا تصدروا الصفحات الأولى في الجرائد الألمانية، بعدما أحدثوا ضجة إعلامية وسط المجتمع الألماني، منهم من نجحوا في مجالات مختلفة، سياسيا واقتصاديا ورياضيا، ومنهم تسببوا لألمانيا في أزمات، دفعت الرأي العام الألماني إلى متابعة أخبارهم عبر وسائل الإعلام. يعتبر منير المتصدق المتهمَ المغربيَّ الأولَ في العالم الذي أدين من قبل محكمة هامبورغ الألمانية بالسجن لمدة 15 بتهمة الاخراط في منظمة إرهابية، حيث شغل المتصدق بال الرأي العام الألماني والعالمي، واقتنعت المحكمة بأنه متورط في العمل داخل منظمة إرهابية محضورة. وصل منير إلى ألمانيا سنة 1995، حيث درس في كلية الهندسة التقنية في جامعة هامبورغ. اعترف، حسب وسائل وسائل إعلام ألمانية، بخوضه تدريبات في معسكرات القاعدة وبصلته الوثيقة بمحمد عطا ومروان الشحي وزياد الجراح. كما أوردت الصحف اعترافه باستخدام حسابه المصرفي من قبل المهاجمين الانتحاريين على ناطحات السحاب في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبتحويل مبالغ مالية لهما قصد مواصلة تدريباتهم على الطيران في الولاياتالمتحدة. نفى المتهم المغربي، الذي تصدّر صفحات الجرائد الألمانية، انتماءه إلى خلية محمد عطا، التي كانت تتخذ من ألمانيا مقرا لها، كما نفى علمه المسبق بمخططات 11 شهر شتنبر في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ووصف المتصدق صلاته الوثيقة مع الطيارين الانتحاريين وتقديمه الخدمات المالية لهم بأنها أمور «طبيعية» بين زملاء مسلمين، وهو ما دفع المحكمة الألمانية إلى تبرئته من تهمة التواطؤ في القتل لعدم وجود الأدلة الكافية، واستغرقت محاكمته مدة طويلة حاول خلالها المدعي العام الألماني إثبات مشاركة المتصدق في التخطيط لشن هجمات 11 شتنبر في الولاياتالمتحدة. وكشفت صحف أن القاضي اعتبر في قرار الحكم أن الأيديولوجيا الأصولية كانت دافعا لعضوية المتصدق في المنظمات الإرهابية، وأكد أن الأدلة المتوفرة تدين المتّهَم بتهمة العمل في منظمة إرهابية، لكنها لا تدينه بتهمة التعاون في جريمة هجمات 11 شتنبر.. وكشف القاضي أن منير المتصدق لم يكن عضواً في خلية محمد عطا وإنما كان تابعا لها ولم يكن المتصدق مُصنَّفاً من قبل القاعدة كأحد أعضائها الرئيسيين. المثير في قضية منير المتصدق هو إطلاق سراحه بعد الحكم عليه ب15 سجنا نافذا بتهمة التورط في الإرهاب، حيث اعتبرت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن قرار المحكمة الألمانية إطلاق سراح المدان الوحيد في قضية 11 شتنبر أمر خطير، بعدما اعتبرته الإدارة الأمريكية شخصا يهدد أمنها، واعتبرت أن الدليل ضده كان قويا، ونص قرار الإفراج على ألا يغادر المتصدق مدينة هامبورغ بعدما أن نقضت المحكمة العليا الحكم الصادر في حقه ب15 سنة. وانتقد القاضي وزارة العدل الأمريكية بشكل غير مباشر حينما تحدث عن صعوبات بالغة في توفير الأدلة ضد المتهم، بسبب حجب السلطات الأمريكية محاضر التحقيق مع رمزي بن شيبة وخالد الشيخ محمد عن محكمة هامبورغ، حيث أرسلت وزارة العدل الأمريكية ملخصات عن محاضر التحقيق مع المعتقلين بذريعة الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي. وكشفت وسائل الإعلام أن أقوال بن الشيبة وشيخ محمد، المحتجزين لدى الولاياتالمتحدة، ساهمت في نفي تهمة العلم المسبق بعمليات 11 شتنبر في حق المتصدق، حيث جوبهت ملخصات محاضر التحقيق المذكورة بالرفض من قِبَل ممثلي النيابة العامة والدفاع على حد سواء، إذ دعا الدفاع إلى عدم اعتماد أقوال بن الشيبة والشيخ محمد لاحتمال أن تكون قد انتُزِعت تحت التعذيب. ووصفت النيابة العامة أقوال الشاهدين بأنها تحاول تبرئة المتهم المغربي من الإرهاب، وعبّر القاضي عن تعاطفه مع رأي النيابة العامة والدفاع بسبب الغموض التي يلفّ مجرى التحقيق مع الشاهدين. وبعدما منح القضاء الألماني السراح للمتصدق، عبّر دفاعه عن تفاؤله واعتبر أن الأدلة تسير في اتجاه براءة موكله. وكانت محكمة هامبورغ الأولى قد حكمت على المتصدق بالسجن 15 عاماً في 19 فبراير 2003، إلا أن المحكمة الاتحادية في كارلسروهه (جنوب) أعادت ملف القضية إلى هامبورغ وطالبت بإعادة محاكمة المتصدق على ضوء الوثائق التي وفّرتها وزارة العدل الأمريكية. وقالت مجلة «دير شبيغل»، الألمانية، إن ملف المتصدق نُقل إلى محكمة مدينة «كارلسغوه»، القريبة من الحدود الفرنسية، حيث أيّدت الحكم ب15 سنة على المتصدق، وأصبح المتهم المغربي مُجبَراً على قضاء مدة الحكم القضائي الذي صدر في حقه داخل أسوار السجن.