طرح التطور المفاجئ الذي حصل الثلاثاء 10 يونيو في مجرى المحاكمة الثانية للمغربي منير المتصدق إمكانية الحكم ببراءته من التهم الموجهة إليه من النيابة العامة الألمانية بالمشاركة في اعتداءات 11 سبتمبر 2001. فقد أعلن رئيس محكمة هامبورغ القاضي ارنست راينر شودت أمس الأربعاء أنه تلقى من وزارة العدل الأميركية عبر الفاكس بيانا يتضمن اعترافات ملخصة لمنسقي خطط اعتداءات 11 شتنبر 2001 رمزي بن الشيبة وخالد الشيخ محمد تفيد أن المتهم المتصدق لم يكن عضوا في خلية هامبورغ الارهابية ولم يعرف شيئا عن خطط الاعتداءات التي وقعت في نيويورك وواشنطن. وعلَّق رئيس المحكمة على المعلومات الجديدة بالقول: "يتوجب علينا التفكير بما يعنيه ذلك لمجرى المحاكمة". وأدلى بن الشيبة والشيخ محمد باعترافاتهما بصورة منفصلة عن بعضهما البعض وأكدا أن "خلية هامبورغ" كانت تضم إلى جانب بن الشيبة الطيارين الانتحاريين محمد عطا ومروان الشحي وزياد الجراح فقط، كما أكدا أن عبد الغني المزودي الذي برأته محكمة هامبورغ مطلع العام الجاري لعدم كفاية الأدلة ضده لم يكن بدوره على علم بشيء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى زكريا الصبار الفار من ألمانيا منذ الاعتداءات. وجاء في الفاكس المرسل من وزارة العدل الأميركية عن لسان بن الشيبة والشيخ محمد أنه "صحيح أن المتصدق كان يشارك في النقاشات التي كانت تجريها المجموعة، إلاَّ أنه لم يكن ينشط في خططها ". وأكد بن الشيبة في اعترافاته أن المتصدق كان يملك تكليفا مطلقا للتصرف بحساب الشخصي، لكنه لم يكن يعلم على ماذا كان يصرفه الأخير. وكشف الشيخ محمد أنه التقى المتصدق في باكستان وتحدث معه عن رحلة مشتركة إلى أفغانستان نافيا أن يكون بحث معه تفاصيل عن الاعتداءت التي وقعت في الولاياتالمتحدة. وعلَّقت وزارة العدل الأميركية على كلام بن الشبة والشيخ محمد فأشارت إلى أنهما قد لا يكونان أدليا بكل الحقيقة وأنهما سكتا عن عدد من الوقائع. وفضت النيابة العامة الألمانية أمس الأخذ بالاعترافات ملاحظة وجود تناقض فيها. وقال المحامي فالتر همبرغر إن من غير الممكن أبدا الاعتقاد بأن زكريا الصبار الفار من هامبورغ لم يكن مشاركا في التخطيط للاعتداءات. ولم يحصل الصبار في حينه على فيزا أميركية كما حصل الثلاثة الآخرون وأختفى بعد 11 شتنبر تماما. وأضاف أن عدم ذكر الصبار دليل على أن الحقيقة لا تقال دائما في الاعترافات. وزاد أن الاعترافات المقدمة من الولاياتالمتحدة لم تثقل عمل النيابة العامة ضد المتصدق. من جهة أخرى أعلنت وزارة العدل الأميركية عبر الفاكس أيضااليوم أنها ترفض مثول رئيس جهاز الاستخبارات (سي آي إي) السابق جورج تينيت أمام محكمة هامبورغ للشهادة أمامها في قضية المتصدق أو إرسال أسئلة خطية إليه للإجابة عنها. وانتقد سياسيون ألمان من الحزب الديموقراطي المسيحي والحزب الليبيرالي المعارضين موقف الولاياتالمتحدة السلبي من التعاون مع القضاء الألماني لملاحقة "الإرهابيين" ورفضها السماح لشهود أساسيين بالمثول أمام المحكمة. وكان في وقت سابق، صرحا محاميا بأنهم سيطالباابإغلاق ملف القضية بمجرد بدء المحاكمة، وهما يهدفان بذلك ممارسة الضغط على الأطراف المشارِكة كلِها.أمّا المتهم، المتصدق، فسيصمت، ولذا سينوب عنه أحد محامييْ الدفاع وهو أودو ياكوب، الذي سيقول أمام المحكمة، إن موكله بريء. وإن المتصدق لم يكن عضواً في خلية هامبورغ الإرهابية وإنه لم يكن يعرف شيئاً عن خطط الهجوم. ثم سيقوم المحامي الثاني وهو يوزف غريسله مونشر بالمطالبة بإغلاق ملف القضية، حيث يقول حرفياً في طلبه: " لقد ُُغلقت الأبواب، إذ قامت دولة القانون بإغلاقها ولن تفتحها ثانية." ويعتقد المحامي بأن السلطات الأمريكية هي التي أغلقت هذه الأبواب بالحيلولة دون قيام محاكمة عادلة، وقد تحدث غريسله مونشر عن تعذيب في هذا السياق، إذ قال: " المعلومات التي نعرفها تُفيد بأنه قد تم تعذيب الشهود من أمريكا وذلك بأساليب منتظمة." سيعتمد محاميا الدفاع في طلبهم على قرار المحكمة الاتحادية التي أحالت القضية إلى محكمة العقوبات التابعة للمحكمة العليا في ولاية هامبورغ. وكان القضاة الاتحاديون قد ذكروا في حكمهم الذي صدر يوم الرابع من مارس من هذا العام وجود ثغرات في طريق البحث عن الحقيقة. ويعود السبب في ذلك إلى عدم تمكن أهم الشهود وهو رمزي بن الشيبة، الذي كان عضواً في خلية هامبورغ الإرهابية، من الإدلاء بأقواله أمام قضاة محكمة هامبورغ. ومن هنا سينطلق محامي الدفاع غريسله مونشر للمطالبة بإغلاق الملف مشيراً إلى أن استجواب الشاهد الرئيسي لم يعد ممكنا الآن وبالتالي فإن تسلسل المحاكمة أصبح غير قانوني. وذلك دون اعتبار لأية أقوال مكتوبة أو أية شهادات عبر الأقمار الاصطناعية قد يتم عرضها على المحكمة. فالمحامي يعتبرها جميعاً غير قانونية، حيث يقول: " إن كان هذا الرجل ما زال بين الأحياء فسيكون قد أصبح كالجثة." المصدر: وكالات الأنباء- الصحافة الألمانية