كان أحمد العراقي وزيرا للشؤون الخارجية وبعدها وزيرا أول ما بين سنتي 1967 و1978، مما جعل منه اليوم شاهدا مفضلا على غيره عن مغرب تلك الفترة. كشف مؤخرا عن رسالة سرية كان بعثها إلى الملك الراحل الحسن الثاني غداة المحاولة الانقلابية بالصخيرات، رسم فيها معالم مغرب على حافة الانفجار. - قررت مؤخرا، بعد صمت دام 30 سنة، أن تكشف عن رسالة سرية أرسلتها إلى الملك الراحل الحسن الثاني غداة انلاب الصخيرات. ما هو الشيء الذي دفعك إلى اتخاذ قرار نشر تلك الرسالة؟ < ضغط علي أبنائي وزوجتي من أجل تسليط الضوء على وضعية البلاد في تلك الفترة، خاصة بالنسبة إلى شبابنا والأجيال اللاحقة. أحطتهم علما بوجود تلك الرسالة حينما بلغت ابنتي الصغرى 40 سنة، وبعدها قرأتها عليهم وطلبت منهم أن ينشروها بعد وفاتي بالنظر إلى أن حرية التعبير التي نتمتع بها حاليا تسمح بشيء من هذا القبيل. - هل شعرت بأنك مجبر على نشر تلك الرسالة؟ < دعمت الرسالة من طرف الملك الراحل الحسن الثاني شخصيا. فقد سألني، عندما سلمتها إليه، إذا ما كنت أحتفظ بنسخة منها، أجبته بالإيجاب ولم يبد أي اعتراض على ذلك. وهذا يعني أنه لم يكن ممكنا التفكير في نشر وثيقة سرية من هذا القبيل عن عهد الملك الراحل. - هل كانت تلك الرسالة مصدر فخر بالنسبة إليك؟ < بدون شك، لأنها تبين أن الحسن الثاني لم يكن مستبدا كما يصفه معارضوه، والحرية التي وصفت بها الوضعية التي كان يعيشها المغرب في تلك الفترة دليل على الاحترام الذي كان الحسن الثاني يكنه لي. - طلبت في تلك الرسالة من الملك مزيدا من الصرامة والانضباط في العمل. هل تقبل الحسن الثاني بسهولة هذا النوع من التوصيات؟ < كانت لي علاقات خاصة مع الحسن الثاني، وكان يتقبل بشكل جيد التعليقات والانتقادات التي نوجهها إليه. بعد المحاولة الانقلابية بالصخيرات، طلب مني أن أطلعه على كل ما لا يسير كما يجب في البلد، فقمت بذلك بكل أمانة ومسؤولية. - بعد مرور ثلاث سنوات عن المحاولة الانقلابية بالصخيرات، تم تنظيم المسيرة الخضراء التي عرفت نجاحا كبيرا. ألم يتغير الحسن الثاني بعد هذه الملحمة؟ < غامر الحسن الثاني عندما قرر تنظيم المسيرة الخضراء. كان ذلك سيكون نهاية للملكية في حال الفشل، وقد أخبرنا في وقت لاحق بأنه كان سيقدم استقالته في حال الإخفاق. غير أنه اعتقد أنه فعل كل ما كان يريد القيام به بعد النجاح الكبير الذي حققته المسيرة الخضراء. - هل كان بالإمكان بعث مثل تلك الرسالة إليه في 1975؟ < لا أعتقد ذلك. لم يعد أبدا الرجل نفسه. كان يمكن قول كل شيء له قبل 1970. وبعد 1975، أصبح أقل انفتاحا على الانتقادات. لقد كسب الرهان. - يقال إنك بصقت على أحد المحكوم عليهم بالإعدام على خلفية انقلاب الصخيرات قبل ثوان من تنفيذ الحكم في حقه. ألست نادما اليوم على ذلك التصرف؟ < الصور التي تم بثها مرتين خلال نشرات أخبار ذلك اليوم تبين أن هذا القول لا أساس له. استدعيت بمعية إدريس السلاوي للالتحاق بالملك في حلبة الرماية الخاصة بالقوات المسلحة بتمارة. وهناك أخبرنا الملك بأن محكمة عسكرية اجتمعت في تلك الليلة برئاسة الجنرال أوفقير وأنها حكمت على المتمردين بالإعدام. بقي الحسن الثاني في غرفة بدون جدران في الوقت الذي تبعنا، إدريس السلاوي وأنا، الجنرالات. وفي الساحة، ناداني أحد الضباط المتمردين وقال لي: «لا تعتقد أنك أنقذت رأسك أو رأس ملكك». أعترف بأنني فقدت أعصابي وبصقت على الأرض، ولا زالت أتذكر وحشية ودرجة العنف في المحاولة الانقلابية بالصخيرات. - نفذ الحسن الثاني حكما بالإعدام في حق العسكريين المتورطين في المحاولة الانقلابية الثانية في صبيحة عيد الأضحى. هل كان الجمع بين الحدثين ضروريا؟ < بعد مأساة الصخيرات، وجد الملك الحسن الثاني نفسه أمام مؤامرة جديدة مدبرة من طرف أقرب معاونيه الذي كان يخصه بثقة كبيرة. أنقذت حياته بمعجزة، وقد أثرت هذه التجربة الجديدة على الجميع. هل كان يريد القطع مع صور المؤامرتين في أسرع وقت؟ ربما. لم يعد أي شيء بعد ذلك مثلما كان في السابق. ترجمة - محمد بوهريد