وجد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزبه، المنعقدة صباح أول أمس السبت بمركب مولاي رشيد بسلا، مناسبة لتصفية حساباته مع معارضيه في الحزب قبل خصومه السياسيين في المعارضة. وبدا بنكيران، خلال تدخله الذي دام لما يربو عن نصف ساعة، أكثر حدة وهو يهاجم "شغب" قياديين في حزبه دون أن يشير إليهم بالاسم، مؤكدا بنبرة حادة أنه لن ينشغل بما يجلبه له "الإخوة في الحزب" جراء خرجاتهم في الصحافة، في إشارة إلى عبد الله بوانو، الذي قال إنه يتوفر على لائحة بأسماء الولاة والعمال الفاسدين، وعبد العزيز أفتاتي، الذي اتهم في تصريحات صحفية صلاح الدين مزوار بتلقي 40 مليون سنتيم "تحت الطاولة" عندما كان وزيرا للمالية. بنكيران قال في هذا السياق: "ما يؤلمني هو أن أطلع في الصحافة على أشياء لا علم لي بها.. واحد يشير يمنة وآخر يشير يسرة..واش نبدا نرد على الكواري اللي جايين من برا ولا على الكواري اللي جايين من الداخل.. ما شي كواري ديال الكولف هادوك كواري ديال الكرط (أي الحجر)". إشارات الأمين العام بعث بها إلى من يهمه الأمر داخل حزبه، وبها كشف أن الاتهامات ينبغي أن تكون مبنية على قرائن وأسس متينة وبعيدا عن الفضيحة، مؤكدا على أن الحزب أصبح مسؤولا وينبغي أن تكون تحركات أعضائه محكومة بالقيم التي يحملها. ودعا بنكيران ضمنيا "المشاغبين" من حزبه إلى أخذ الحيطة والحذر من التصريحات غير المبنية على الأدلة والقرائن الكافية في كيل الاتهامات لخصومهم. واتصلت "المساء" بعبد الله بوانو للتعليق على تصريحات بنكيران، غير أنه اكتفى بالقول إنه غير متأكد مما إذا كان الأمين العام للحزب يقصده شخصيا، مشيرا إلى أنه غير مستعجل في وضع التقرير الذي يرصد مظاهر فساد بعض الولاة والعمال. ودعا بوانو المتضررين من تصريحاته إلى اللجوء إلى المؤسسات المعنية، وقال بهذا الخصوص: "لسنا في عجلة من أمرنا وسنشتغل بتأن، ودون تجسس على أحد"، في إشارة إلى اتهامات ضده صادرة عن العنصر بالتجسس على الولاة والعمال. من جهة ثانية، لم يفوت بنكيران الفرصة ليرد على معارضي حكومته، في إشارة إلى الاتحاديين، حين قال إن ما يحز في نفسه هو أن منتقديه حول الزيادة في أسعار المحروقات هم الذين "ساعدناهم وتحالفنا معهم ومكناهم من مواقع لم يكونوا يتصورونها"، في إشارة إلى التحالفات التي مهدت الطريق أمام رئاسة الاتحاديين لترؤس مجالس مدن الرباط وأكادير ومناطق أخرى. وحول الضجة التي أثارتها اتهامات أفتاتي لمزوار، رفض الأمين العام التعليق على ذلك، مكتفيا بالقول:"الأمر يتعلق برئيس حزب، ولا يمكن الخوض في اتهامات دون دليل. كما لا يمكنني أن أعلق على هذا الشأن"، مشيرا خلال تصريحات صحافية قبل بدء أشغال المجلس إلى أنه لا "يتوفر على معطيات أو تفاصيل في الموضوع، وأنه "لا يمكنه الحديث دون معرفة دقيقة بالحيثيات". وفي الوقت الذي نفى بنكيران أي لقاء له أو اتصال برئيس حزب للأحرار، أوضح المصدر ذاته أن التعويضات المثيرة للجدل "بها أمور غير قانونية، وأيضا أعراف معيبة. تأكدوا أنّه لا يمكنني أن أدافع عن أي أمور غير قانونيّة"، مبديا افتخاره بموقف وزيريه في الاقتصاد والمالية والميزانية الاستقلالي نزار البركة، وإدريس الأزمي الإدريسي، بعد أن رفضا الاستفادة من تلك التعويضات". وعلى الرغم من كثرة القضايا الشائكة والمشاكل التي أثارها في كلمته أمام برلمان حزبه، لم يفقد بنكيران حس الفكاهة، الذي يميزه عن سابقيه من الوزراء الأولين. وتحدث بنكيران في هذا السياق عن "شليضة وقطيبات لا يتعدى ثمنها 50 درهما". لسان بنكيران لم يسلم منه حتى سعد الدين العثماني، رئيس برلمان الحزب، إذ كان يكفي أن ينبس هذا الأخير خلال تدخله بكلمة "الربيع العربي الأمازيغي" حتى يعلق عليه بنكيران بالقول:" الربيع العربي الأمازيغي العثماني". قفشات رئيس الحكومة لم تتوقف عند هذا الحد بعد أن نعت العثماني بالأمين العام للمجلس الوطني، قبل أن يستدرك فلتة لسانه بالقول:" أمين عام المجلس وديال الحزب كاع .. زي بعضو مع شوية ديال الفرق".