الرباط المهدي السجاري كشفت دراسة ميدانية، أعدّتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، في مدن الدارالبيضاء وطنجة وأكادير ووجدة وفاس، حجم الفساد المستشري في قطاع النقل الطرقي في المغرب. وخلصت نتائج الدراسة، التي تم تقديمها في حفل توقيع اتفاقية للتعاون بين وزارة التجهيز والنقل والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة صباح أمس في الرباط، إلى أن نسبة 56.76% من حجم الرشوة المسجلة في قطاع النقل الطرقي تم رصدها على مستوى المراقبة في الطرقات و29.5 % تهمّ رخص الثقة، و21.4 % مجال حوادث السير والتأمينات، فيما لم تتجاوز نسبة الرشوة 9.99% في عملية الحصول على البطاقة الرمادية، و7.99 % في عملية التعشيرن و5.99 % بالنسبة إلى المراقبة التقنية، و5.3 % للحصول على رخصة السياقة. وكشفت الدراسة أن معدل قيمة الرشوة، التي قدمها الأشخاص المُستجوَبون، بلغ 1236 درهما للحصول على رخصة الثقة و510 دراهم في مجال الحوادث والتأمينات، و366 درهما بالنسبة إلى التعشير، فيما لم تتجاوز قيمة الرشوة في المراقبة الطرقية 55 درهما. والمثير في النتائج التي خلصت إليها الدراسة، أيضا، أن معدل الفضح لا يتجاوز 1.7% من الأشخاص المُستجوَبين، حيث أظهرت الدراسة أن من بين الأسباب عدم التبليغ أو الفضح الأساسية اعتبار 31 منهم أن التبليغ أو الفضح لا يفيد في شيء، وتخوُّف 20 % من الوقوع في مشاكل وعدم إمكانية معاقبة المسؤولين. واعتبر وزير التجهيز والنقل أن «الرسالة من هذه الإحصائيات يجب أن تكون معتدلة، فالإحصائيات تؤكد أن الرشوة موجودة لكنها في حدود معينة، رغم تأثيرها، وأعتقد أنه يجب أيضا إنجاز دراسة في فئة الذين لا يقدمون الرشوة، لأن المواطن عندما يخرج من الإدارة يحقد عليها ويعطي صورة سيئة عن الجميع.. وقد يتحول إلى شخص يعطي الرشوة، فقلة قليلة تفسد حياة المجتمع، لكنها قلة لا تستحيي ولها الوسائل لاستغلال ضعف المراقبة أو المواطن». وأكد الوزير أن «الرشوة مصيبة، فمن لا يصلح يصل إلى مصالح لا يستحقها، ومن يستحق تضيع مصالحه، فقد أزهقت أرواح بسبب الرشوة ووقعت مظالم بسبب الرشوة، وسقطت أنظمة سياسية بسببها.. وهذا يفرض علينا أن نتعاون جميعا من أجل مواجهة هذه الآفة الأخيرة، التي تسيء إلى مغربنا وبلادنا وإلى المواطنين، الذين نحن في خدمتهم، وأعتقد أن الرشوة ليس مصدرها الإداريون دائما، فأحيانا يُشتَم الموظف الذي يلتزم ويحاصَر.. وعلى المواطن أن يساعدنا على أن نتعاون لمواجهة هذه الآفة». في السياق ذاته، أكد عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن «تأمل الأرقام المُعبِّرة التي تقدمها الدراسة المُنجَزة بخصوص البؤر السوداء لتفشي الرشوة في قطاع النقل الطرقي يجعلنا نتوقع المكاسب الممكن تحقيقها عبر تصحيح مختلف الاختلالات، لنستشعر، في نفس الآن، حجم المجهود الذي يتعين بدله لمواجهة الظاهرة». وشدد أبودرار على «ارتباط نجاعة الدراسة بما سينبثق عنها من إجراءات عملية تستهدف، على الخصوص، تنقية فضاء إنتاج الخدمات من كل مظاهر الشبهة والارتياب والعمل على استهداف البؤر التي تتفاعل فيها الرشوة والابتزاز، سواء على الطرقات أو في الشبابيك، ومعالجة جميع أنواع الامتيازات».