يتوالى الكشف عن المبالغ المالية غير المسددة لفائدة الدارالبيضاء من قِبَل مستغلين لبعض ممتلكات المدينة، فقد وقفت آخر المعطيات التي كشفتها لجنة مراجعة العقود والامتيازات، المنبثقة عن ميثاق الشرف، الموقع بين العمدة ساجد ومكونات المجلس في يناير الماضي، على أن مبالغ كراء عدد من الممتلكات الموجودة في مقاطعة «سيدي بليوط» فقط، غير المستخلصة من قِبَل المدينة تصل إلى ما يزيد على مليار و800 مليون سنتيم. وكشفت الوثائق، التي توصلت «المساء» بنسخة منها، أن هناك شركات خاصة وأصحابَ محلات تجارية تستغل ممتلكات المدينة منذ 2003 دون أن تسدد ولو درهما واحدا، وهو ما يضيّع على المدينة ملايين السنتيمات الممكن استغلالها في إنجاز العديد من المشاريع التنموية. وتعليقا على هذه القضية، قال رئيس لجنة مراجعة العقود والامتيازات، عبد الحق مبشور، عن الحزب العمالي، إن أعضاء اللجنة لم يتفاجؤوا من حجم المَبالغ المعلن عنها، لأن «الجميع يعلمون جيدا أنه منذ أحداث نظام وحدة المدينة في 2003 كانت هناك قطيعة بين مجلس المدينة والمقاطعات ولم يكن هناك أي تنسيق بين الطرفين بخصوص قضايا كثيرة، من بينها مسألة استخلاص كراء الممتلكات. وأضاف رئيس لجنة مراجعة العقود والكراء أنه مباشرة بعد توقيع ميثاق الشرف، انكبّت اللجنة على عدة ملفات وفتحت هذا الملف بكل جدية بتعاون وتنسيق بين الكتاب العامّين للمقاطعات والكتابة العامة للمجلس لكشف كل الأرقام المتعلقة بهذه القضية. وعن طرق استرجاع هذه الأموال، قال عبد الحق مبشور إن هناك طريقين: إما أن تفوت هذه الممتلكات أو تتم إعادة النظر في العقود، لأنه لا يعقل أن يستمر هذا الوضع، فهذا نوع آخر من الريع، إضافة إلى أن هناك مجموعة من الملفات التي ستحال إلى القضاء». وأوضح المتحدث ذاتُه أن المَبالغ المعلنَ عنها مجرد «نقطة في بحر»، على اعتبار أنه كان هناك قصور في استخلاص المداخيل، سواء في التجربة الجماعية الحالية أو السابقة، واعتبر أنه من غير المقبول أن تسجل مدينة من حجم الدارالبيضاء فائضا ماليا يقدر بمليارَي سنتيم، في الوقت الذي كانت جماعة سيدي بليوط وحدها تحقق فائضا يصل إلى 8 ملايير سنتيم.. ويرى مصطفى رهين، المستشار المستقل، في مجلس المدينة، أن العمل الذي قامت به لجنة مراجعة العقود والامتيازات غير مكتمل، لأنه ركّز بشكل كبير على الشركات والأشخاص المحصيين، في حين أن هناك أطرافا أخرى غير محصية، وقال «لو تمكنت مصالح المدينة من استخلاص الأموال الموجودة لدى مستغلي ممتلكات الدارالبيضاء لتمكّنّا من إعادة جميع البنيات التحتية»، وهو ما يعني، في رأيه، أن هناك أموالا ضخمة لا تستفيد منها المدينة، فالعشرات من الشقق الفاخرة مكتراة بأسعار «بخسة»، إضافة إلى مركبات ترفيهية ورياضية وفيلات. وتساءل رهين: «لماذا لا يُحدث الوالي الجديد لجنة مشتركة بين موظفي الولاية والجماعة للانكباب على هذه القضية وإحصاء جميع مستغلي ممتلكات الدارالبيضاء بأثمان منخفضة مقارنة مع السومة الكرائية الحالية»؟.. واعتبر المتحدث نفسه أن مشكل استخلاص أموال المدينة يتحمله أيضا رئيس الحكومة، لأن هناك أموالا كثيرة لا تستخلص من ممتلكات المجالس، مضيفا أنه «من خلال هذه الأموال يمكن إنقاذ صندوق المقاصة بدل الزيادة في أسعار المحروقات».