أحدث التضارب في الأرقام حول نسبة النمو في المغرب خلال العام الجاري بلبلة وسط الرأي العام، إذ نسمع في يومٍ رقما مصحوبا بالتوقعات والمعطيات التي تبرره، وفي اليوم التالي نسمع رقما آخر ينسخ الرقم السابق ويقدم تبريرات مختلفة، مما جعل المواطنين في حيرة من أمرهم، خصوصا وأن هذه الأرقام ليست مجرد ترف بل لها علاقة بانتظارات المواطنين وطموحاتهم، لأن رقما أقل يعني إنجازات أقل وتشاؤما أكبر. آخر هذه الأرقام ما أعلنته المندوبية السامية للتخطيط التي ذكرت أن معدل نمو الاقتصاد الوطني لن يزيد على 2.4 في المائة خلال السنة الحالية 2012، بعدما كان في حدود 5 في المائة في السنة الماضية. وقبل أشهر تعهد حزب العدالة والتنمية في برنامجه الانتخابي -الذي على أساسه وصل إلى السلطة اليوم- بتحقيق نسبة نمو تصل إلى 7 في المائة، لكن عندما تم تشكيل الحكومة التي يقودها نفس الحزب أعلنت هذه الأخيرة أن نسبة النمو لن تتجاوز 4.2 في المائة، ثم تراجعت وأكدت أن النسبة ستكون 3.4 في المائة، وبعد ذلك أعلن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن نسبة النمو لن تتجاوز 3 في المائة. الحكومة، في كل هذا، لم تخرج بأي موقف يؤكد أو يكذب هذه الأرقام، ولذلك من حقنا أن نتساءل: على أساس أي مقاييس يتم احتساب نسبة النمو في المغرب؟ ومن هي الجهة الأقدر على إعطائنا نسبة النمو الحقيقية، أم إن الأمر يتعلق بتخمينات فقط؟ ثم هل هناك حسابات سياسية في هذا التضارب في الأرقام؟ فواضح أن حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات كانت مصلحته هي دفع المغاربة إلى التفاؤل، وبعد ذلك عاد إلى الواقع بعدما فهم الظرفية الاقتصادية والمسافة بينها وبين الوعود الانتخابية. المتضرر الوحيد من كل هذا هو القطاع الاجتماعي الذي سيدفع الثمن غاليا، لأن ضعف نسبة النمو سوف يجر معه تراجعا في الاستثمار وفي الخدمات الاجتماعية ويؤثر على التشغيل والحياة اليومية للمواطنين.