بعد أكثر من أربعة عقود على تأسيس الاتحاد خرج نهاية الأسبوع الماضي من جبة الشرعية التاريخية إلى خانة الشرعية الديمقراطية، لقد اختير عبد الواحد الراضي لأول مرة في تاريخ الحزب كاتبا أول عن طريق انتخابات تعددية وتنافسية شارك فيها المؤتمرون البالغ عددهم 1300... التحق الراضي، «73 سنة» والوجه المعروف في المشهد السياسي، بأمينين عامين منتخبين بنفس الطريقة، إنهما عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، ومصطفى المنصوري، أمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار. عبد الواحد الراضي أقدم برلماني في المغرب حصل على 340 صوتا ووعد في كلمة قبيل التصويت بالتخلي عن حقيبته في وزارة العدل لأن القانون الأساسي الجديد يمنع الكاتب الأول للاتحاد من تولي أية وزارة باستثناء الوزارة الأولى... يقول مصدر اتحادي في تفسير فوز الراضي على منافسيه «أحد أهم أسباب التحالف بين الجانبين هو تخوف اليازغي وأنصاره من تنامي المطالب بالانسحاب من الحكومة، وبما أن الراضي متفق مع اليازغي في هذا الأمر فقد تحالفا لمواجهة تيار الخروج إلى المعارضة». نجح الراضي أيضا في كسب تأييد البرلمانيين، والوزراء الاتحاديين، الذين يرفضون الانسحاب من الحكومة، كما حظي بدعم القطاع النسائي الاتحادي. واستفاد من المدة الفاصلة بين جولتي المؤتمر لتنظيم زيارات عديدة لمختلف المدن والجهات للقاء الاتحاديين، خاصة من المؤتمرين، محاولا إقناعهم بأنه رجل المرحلة. وهكذا آتت هذه التحالفات أكلها خلال التصويت على قائد الاتحاد الجديد يوم الجمعة الماضي، وتمكن الراضي من الفوز بثقة 340 اتحاديا من أصل 1332 صوتا (1346 مسجلا)، فيما حصل فتح الله ولعلو على 315 صوتا، وإدريس لشكر على 286، والحبيب المالكي على 823 صوتا، ونصر حجي على 20 صوتا، ومحمد الحبابي على 5 أصوات. من جهة أخرى، ترشح لعضوية المكتب السياسي الجديد 92 مرشحا، لم يكن من بينهم ناصر حجي الذي ترشح لمنصب الكاتب الأول، بالإضافة إلى محمد الحبابي وعبد القادر باينة ولطيفة اجبابدي وعائشة بلعربي ونزهة الشقروني وخالد عليوة؛ إلا أن أبرز الغائبين كان هو محمد اليازغي، الكاتب الأول السابق، وفاء منه بما كان قد التزم به قبل المؤتمر من عدم الترشح لعضوية أي من هيئات الحزب. في المقابل، كان لتدخل محمد اليازغي الحاسم، الفضل الأكبر في إنجاح المؤتمر حسب مصادر مطلعة، أوضحت أنه هدد بالعودة إلى ممارسة مهامه ككاتب أول والدعوة إلى مؤتمر استثنائي، بعد «غضبة» فتح الله والعلو، واحتجاج إدريس لشكر إثر فوز عبد الواحد الراضي في انتخابات الكتابة الأولى. وأوضحت مصادرنا أن اليازغي تدخل بقوة داعيا المرشحين السابقين لمنصب الكاتب الأول إلى العودة إلى المؤتمر وإيداع ترشيحاتهم لعضوية المكتب السياسي والمكتب الوطني؛ وقال اليازغي للزعماء الغاضبين إنه لن يترك الساحة فارغة وإن من قبل الدخول في اللعبة عليه القبول بقواعدها. الراضي في الميزان: ما له: > تجربة طويلة في العمل السياسي والبرلماني ومسيرة مخضرمة عايش فيها ثلاثة ملوك. > رجل حوار وإنصات يميل إلى التوافق ويفضل التعايش مع خصومه عكس اليازغي الذي يوصف في الحزب بأنه «إقصائي». > لا يتوفر على تيار سياسي أو تنظيمي وسط الحزب ولا يؤمن ب«الحلقية» و«الفئوية». > له علاقات طيبة مع جل قيادات الأحزاب التي عمل معها وهو رئيس للبرلمان لمدة 9 سنوات. > وجه مقبول في القصر ويحظى بثقة الدوائر العليا ويرون فيه رجل دولة برغماتيا ليس لديه انحياز إيديولوجي أو سياسي. ما عليه: > كبره في السن 73 سنة حيث ينظر إليه كثيرون على أنه وجه من الماضي. > يتحمل مسؤولية جزء من الضعف الذي وصل إليه الاتحاد، حيث إنه كان نائبا للكاتب الأول ثم عضوا في المكتب السياسي للحزب منذ سنة 1989. > وجوده لمدة سنة على رأس وزارة العدل كشف عن «ضعفه السياسي» أمام مراكز القوى التي تسير القطاع. حيث إنه لم يتجرأ على كشف تصوره لإصلاح القضاء وكان ولا يزال ينتظر المبادرة الملكية في هذا المجال. > علاقاته مع القصر ينظر إليها البعض على أنها ذات وجهين، من جهة فهي قناة حوار رئيسية ومن جهة أخرى فهي أداة ضغط على الحزب، لأنها جزء من تيار يتهم بالتفريط في مصلحة الحزب لصالح العلاقة مع القصر. > يظهر الراضي بلا هوية سياسية أو إيديولوجية برغماتية وهو ما قد يستغل لإفراغ الحزب من رسالته الاشتراكية الديمقراطية.