استنادا إلى معطيات ميدانية استقتها «المساء» من أوساط مهنيي العقار والوساطة العقارية، فإن عمليات شراء كبرى ومستترة تتم منذ مدة قصيرة بين أجانب وبعض الوسطاء الذين يبحثون عن عقارات عتيقة بمرجعية تاريخية وبمواصفات خاصة لبيعها، بعيدا عن أعين المنافسين وبمنأى عن حقيقة أثمان السوق العقاري، لزبائن أجانب. وحسب ذات المعطيات، فإن وسطاء سماسرة يستهدفون أصحاب منازل وقصور وروض عتيقة بداخل المدينة القديمة وخارجها ويقنعونهم بضرورة البيع، في وقت يختارون فيه جيدا أصحاب هذه العقارات ويفضلون أن يكون هؤلاء نساء أو شيوخا يقطنون لوحدهم، لتسهيل عملية البيع وعدم الوقوع في عراقيل الأملاك العقارية التي يقتسمها الورثة. وبالنظر إلى عمليات البيع التي تمت حتى الآن بعيدا عن الأنظار، فقد اشترى أجانب من جنسيات مختلفة أشهر منازل علماء وفقهاء ووجهاء آسفي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فيما اشترى آخرون منازل قديمة جدا لازالت بها آثار المعمار الإمانويلي البرتغالي الذي يعود إلى القرن السادس عشر الميلادي. هذا ولا يفهم العديد من سكان مدينة آسفي كيف يتم بيع التراث المعماري الآسفي بأثمان بخسة وبطرق متحايلة. وتشير مصادرنا إلى حالة تلك السيدة العجوز التي باعت منزلها العتيق بالمدينة القديمة ب11 مليون سنتيم قبل أن يعاد بيعه من قبل المشتري بثمن وصل إلى 60 مليون سنتيم في ظرف أقل من 3 أشهر، وتصاب المالكة الأصلية على إثر ذلك بشلل نصفي. وقبل أسابيع، اشترت سيدة هولندية خمسة منازل دفعة واحدة قرب حي القصبة بالمدينة القديمة لآسفي، وقبلها اشترت فرنسية منزلين تاريخيين لأحد أشهر العائلات الآسفية بين درب الحجامة ودرب سيدي عبد الكريم، فيما فضل أحد البرتغاليين شراء حمام تاريخي مع منزل فوقي يتوفر على صالة تركية يعود رسم تحفيظه إلى بداية القرن المنصرم بدرب سوق الغزاليين، ويجري حاليا التفاوض بين ورثة القائد الحاجي وبين أحد اليهود الذي اقترح مبلغ مليار سنتيم لشراء قصر وقصبة القائد جنوب مدينة آسفي. ومما يثير استغراب أهالي المدينة أن كل عمليات الشراء التي همت المعمار التراثي والتاريخي لآسفي بقيت من غير استغلال، وأن جميع الأجانب الذين اشتروا أملاكا عتيقة بالمدينة القديمة أفرغوها من أصحابها وأقفلوا أبوابها، وبقيت من غير إصلاح ولا استثمار، فيما قفزت أسعار باقي الدور والمنازل التي وصلت إليها أيدي الوكالات العقارية الأجنبية إلى السماء كقصر القنصل الاسباني الذي بني سنة 1904 على مساحة 800 متر والذي يعرض حاليا للبيع على الأنترنت بأزيد من 450 مليون سنتيم. هذا وتسود وسط الرأي العام المحلي شكوك كبرى حول الأهداف من عمليات الشراء، خاصة وأنها غير متبوعة باستثمارات سياحية أو فردية، كما أن ضَيَاع أملاك مهمة من تراث المدينة غير المصنف وبطرق مستترة يثير أكثر من علامة استفهام وأكثر من نظرة ترقب لما سيقع.