رسم مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، صورة قاتمة عن قطاع العدل، معترفا بوجود مشاكل في تشخيص وضعية العدالة في بلادنا، ووجود تحديات آنية يتعين التغلب عليها، مؤكدا على تأثير ذلك على ترشيد الموارد المادية والبشرية، إذ سجل تضخما كبيرا في عدد من الوحدات القضائية، حيث إن 110 محاكم موضوع و178 مركزا للقضاة المقيمين نصفها غير مشغل يتعين إعدادها لتفعيل سياسة قضاء القرب، كما أن 241 محكمة للجماعات تم حذفها، بالإضافة إلى ضعف هيكلة كتابة الضبط واستمرار العمل بنصوص تنظيمية وإجرائية غير ملائمة. وأكد الرميد في كلمة له ألقاها، قبل أول أمس الاثنين، أمام هيئة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة بالمغرب، أن قطاع العدالة يعاني من ضعف كبير لعدم نجاعة القضاء، مشيرا إلى أن المتقاضين يعانون من بطء البت في القضايا، نظرا لغياب التكافؤ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة وكذا الأحكام المنفذة. ولفتت مداخلة الناشط الحقوقي سيون أسيدون، الانتباه خلال الجلسة المغلقة من هذا اللقاء، عندما دعا الرميد وزير العدل والحريات إلى ضرورة الاحتداء بالتجربة التونسية، في مجال محاربة الفساد في مجال القضاء وإعداد لائحة تضم أسماء «القضاة الفاسدين». إلى ذلك، أوضح الوزير في كلمته أن عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم وصلت إلى 3 ملايين و372 ألفا و54 قضية سنة 2011، في حين لم يبلغ عدد القضايا المحكومة سوى مليونين و456 ألفا و469 قضية، أي بنسبة بت بلغت 72.85 في المائة، دون الحديث عن وجود نسبة 20 في المائة من الأحكام تبقى بدون تنفيذ، مع وجود صعوبات في التنفيذ ضد الإدارات العمومية وشركات التأمين. ومن حيث فعالية العدالة الجنائية، أقر الرميد بأن عدم ترشيد الاعتقال الاحتياطي يعد من أهم المعوقات، حيث إن نسبة 43 في المائة من السجناء معتقلون احتياطيون، أي ما مجموعه 28 ألفا و500 معتقل من أصل 65 ألفا و200. وفيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية، كشف الرميد عن وجود نقص حاد في عدد القضاة، الذين لا يتعدون 3749 قاضيا، بمعدل 12 قاضيا لكل 100 ألف نسمة، علاوة على سوء توزيعهم. ولم يفت وزير العدل والحريات الكشف عن ضعف كبير في الميزانية المخصصة لقطاع العدل، التي قدرت ب3 مليارات و146 ألفا و60 درهم، مؤكدا على أن ضعف الميزانية يؤثر سلبا على جهود ومبادرات الإصلاح، علما أن نفقات الموظفين لوحدها تبلغ مليارين و261 ألفا و60 درهما. من جهة أخرى، أكد الرميد على ضرورة إصلاح البنيات التحتية للعديد من المحاكم، التي قال إنها تزيد من معاناة العاملين في القطاع وكذا المتقاضين، مؤكدا على وجود ضعف كبير في الطاقة الاستيعابية لبنايات المحاكم، علاوة على وجود خصاص في البنية التحتية المعلوماتية.