في سنة 1945، استقر رأي الرئيس فرانكلين روزفلت على لقاء عبد العزيز، ملك السعودية، على متن مدمرة أمريكية في مصر. وكان سبب اللقاء غير العادي تغيرا متطرفا في سوق النفط العالمية. كانت واشنطن على علم بأنه اعتبارا للحاجة إلى تزويد حليفاتها في الحرب العالمية الثانية بالنفط قللت من احتياطي النفط عندها. وبدت السعودية والشرق الأوسط مصدرا بديلا للتزويد في الأمد البعيد. وحذر جيولوجي مشهور اسمه ديغ فاير الإدارة الأمريكية في 1944 بقوله: «إن مركز ثقل النفط العالمي ينتقل إلى الشرق الأوسط»، وكان على حق. في 1948، جاء نحو من 64 في المائة من إنتاج النفط العالمي من الولاياتالمتحدة. وتضاءلت النسبة في 1972 لتصبح 22 في المائة من النفط العالمي، في حين أخذ يزداد إنتاج النفط في الشرق الأوسط؛ وكانت نتيجة ذلك أن أصبحت الولاياتالمتحدة محتاجة إلى سياسة خارجية تعادل بين القرب من تناول النفط السعودي والتزامها بأن تدفع إلى الأمام بحقوق الشعب اليهودي في وطن قومي، والتزامها بأمن إسرائيل بعد ذلك. بلغ هذا التوتر الحد الأقصى خلال حرب يوم الغفران في 1973 حينما استقر رأي الولاياتالمتحدة على تنفيذ «قطار جوي» لمساعدة عسكرية لإسرائيل، وبادر الملك فيصل إلى حظر نفط على الولاياتالمتحدة. لكن يبدو الآن أن تعلق الولاياتالمتحدة التاريخي بنفط الشرق الأوسط قد يتغير تغيرا حادا. كتب ديفيد إغناتيوس، وهو من كبار المحللين في شؤون الشرق الأوسط، في صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير له في المدة الأخيرة، أن الولاياتالمتحدة -حسب تقرير تجاري داخلي مهم عن صناعة النفط حتى 2020، على إثر توسيع إنتاج النفط واستخراج الغاز من الزيت- توشك أن تصبح أكبر منتجة للنفط والغاز والوقود الحيوي في العالم، وأنها ستسبق بذلك السعودية وروسيا. حينما يحدث هذا التغيير يتوقع أن ينخفض استيراد الطاقة من النفط والغاز في الولاياتالمتحدة من 52 في المائة إلى 22 في المائة حتى 2020، وليس من الضروري أن يأتي من الشرق الأوسط. إن التأثيرات السياسية والدولية لهذا التغيير في عالم الطاقة عظيمة، ويزعم خبير في هذا المجال أن هذا «يعادل في قيمته سقوط سور برلين»، فلن تضطر الولاياتالمتحدة بعد ذلك إلى الاعتماد على نفط الشرق الأوسط. وتتوقع «ريتش بتروليوم» أن يصبح نصف الكرة الأرضية الغربي حتى سنة 2030 مستقلا من جهة الطاقة. وسبب هذا التفاؤل هو احتياطيات نفط ضخمة كشفت عنها البرازيل قرب بعض سواحلها وكميات في الأرض من رمال الزفت ضخمة توجد في إقليم ألبرتا في كندا يمكن أن يُنتج النفط منها. ويستطيع كل ذلك أن يلبي احتياجات الولاياتالمتحدة إذا تم بناء نظام نقل طوله 2700 كلم من الحدود الكندية إلى خليج المكسيك. ويخضع هذا الموضوع لجدل سياسي عاصف في الولاياتالمتحدة، فالرئيس أوباما يؤيد جماعة الضغط الخضراء ويعارض إنشاء هذا النظام، أما الجمهوريون فيؤيدونه. يجب على إسرائيل أن تتوصل إلى تسويات سياسية مع جاراتها، لكن يجب ألا يتأثر أي اتفاق بضغط دبلوماسي ينبع من التعلق الغربي بنفط الشرق الأوسط. وفي الواقع الذي أخذ ينشأ، لا يوجد منطق في أن تنطلق إسرائيل سريعا للعودة إلى خطوط 1967، وعليها أن تستمر في الدفاع عن حقها المشروع في حدود قابلة للدفاع عنها.