مرحى لنا إذ أصبحت عندنا في نهاية الأمر معارضة تستحق هذا الاسم، صغيرة لكنها محاربة؛ ولنا الآن أيضا يسار أهل، ضئيل لكنه ذو عقيدة. وقبل لحظة من تبوؤ الحراس المسلحين أماكنهم في مقدمة السيارة المصفحة لرئيس المعارضة الجديدة، وقبل أن يُسحر كثيرون بحزب العمل الجديد، يحسن أن نتذكر عمن الحديث وعما الحديث. يجلس ممثلو العمل خارج الحكومة الحالية على الرغم منهم. فقد اضطروا على الرغم منهم إلى تركه بعد أن ترك إيهود باراك وأنشأ حزب الاستقلال. ولم يخطر ببال إسحاق هرتسوغ وبنيامين بن أليعيزر وأفيشاي بارفرمان محاربي المعارضة الجدد، ولو للحظة، أن يتركوا الحكومة التي يُشهرون بها كثيرا الآن إلى أن جاء باراك وأرغمهم على ذلك، فقد تمسكوا بها تمسكا شديدا ملتصقين بمقاعدهم راضين جدا عن الحكومة ورئيسها إلى أن طُردوا في خزي. يجب أن نتذكر لهم هذا الآن حينما نستمع إلى رشقات انتقادهم لكديما لأنه تجرأ على الانضمام إلى تلك الحكومة التي أُرغموا على تركها، فقد كان هرتسوغ الذي يتحدث الآن عن «حلف الجُبناء» شريكا كبيرا في الحلف؛ وبن أليعيزر الذي يتحدث الآن عن «القمامة» غرق فيها ربما أكثر من الآخرين. وقد وعدوا شهورا بترك الحكومة ثم وعدوا ووعدوا إلى أن اسودت الدنيا عليهم فاضطروا إلى فعل ذلك. صحيح أن شيلي يحيموفيتش عارضت بقاءهم ولم تنضم إلى الحكومة مختارة، ولذلك كانت تستحق الإجلال، لكن تقف من ورائها طائفة الانتهازيين هؤلاء الذين لا يختلفون في شيء عن أولئك الذين في كديما. فلو أنهم استطاعوا لسارعوا الآن أيضا إلى العودة إلى طاولة الحكومة. يستطيع بن أليعيزر وهرتسوغ وبارفرمان أن يعلموا شاؤول موفاز فصلا من فصول الانتهازية. والفرق هو في الكِبر فقط، فموفاز يرأس حزبا أكبر كثيرا ولهذا دُعي ولم يُدعوا هم. ويجب أن نتذكر هذا قبل أن نتأثر بمعارضة جلالتها الجديدة. وكذلك من يتوقعون أن تقود رئيسة المعارضة الجديدة الآن يسارا إسرائيليا جديدا تنتظرهم خيبة أمل مريرة. لقد كُتب كلام كثير جدا عن تهرب يحيموفيتش الجبان من موضوع الاحتلال الذي تُعرفه بأنه «قضية الحدود» وبأنه «شأن سياسي»، وكأن الحديث عن مضايقة تقنية لا شأن لها بأكثر الشؤون الأخلاقية والقيمية مصيرا مما يقف على باب إسرائيل. لكن لا يمكن مع تعيينها لمنصب رئيسة المعارضة أن نتجاهل الفساد الأخلاقي الفظيع هذا الذي تقوده يحيموفيتش والذي لا يختلف في شيء عما عند اليمين القومي، بتنحيتها الاحتلال على عمد إلى هامش الوعي العام وكأنه قذر زائد وشعار عفن يثير الغضب. كان من الممتع أن نستمع في «مؤتمر اليسار»، الذي نظمته حركة «سلام الآن» في تل أبيب، إلى كلام ممثلي يحيموفيتش، فقد أوضح يئير فينك، مساعدها الذي يعتمر قبعة دينية، ومساعدتها السابقة ميخال بيران، رئيسة الحرس الشاب في الحزب، مع الأمين العام يحيئيل بار، أوضحوا أن الشأن «السياسي» يجب أن يأتي بعد الشأن «الاجتماعي» فقط، وقالوا إن العمل في الشأن «السياسي» لم يؤدِ بحزبهم إلى أي مكان ورددوا إلى ذلك قولهم إن يحيموفيتش قالت إنها «تؤيد مخطط كلينتون» وأدت واجبها بذلك. يُدهشنا أن نرى كيف يتابع العمل طريقه مع قبيلة شباب شيوخ كهؤلاء. وكيف لا يفهم شباب الحزب، الذي هو أكثر مسؤولية عن الاحتلال من كل حزب آخر في إسرائيل، أن ممثلي اليسار، خاصة الذين يتحدثون عن العدل الاجتماعي ويتجاهلون الاحتلال، هم أكبر العنصريين والقوميين. لأنه ما الذي يقولونه؟ إنهم يتحدثون عن العدل الاجتماعي، لكن لليهود (أو للإسرائيليين) فقط، فماذا يكون أكثر عنصرية وقومية من هذا؟ وقال واحد من متحدثي العمل هؤلاء في نهاية كلامه إن كل مقالة انتقاد من الموقع أعلاه «تضيف نائبا آخر للعمل فقط»، فها هو ذا إذن إسهامي المتواضع في عدد نواب حزب المعارضة الصاعد ليصبح حزب اليسار في إسرائيل. وأقول إننا مع هذا العمل لا نحتاج إلى كديما؛ ومع هذا اليسار لا نحتاج إلى يمين. عن «هآرتس»