يسابق عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، الزمن للكشف عن أجندة انتخابات الجماعات الترابية، إذ ينتظر أن يستدعي خلال الساعات القادمة زعماء الأغلبية الحكومية للقاء معه من أجل الحسم بشكل تام في موعد إجرائها، وما يستلزمه ذلك من إجراءات، خاصة بعد أن تحول موعد الانتخابات إلى موضوع إحراج للحكومة. فيما أكد مصدر حكومي ل«المساء» أنه «بات من سابع المستحيلات إعطاء إشارة انطلاق المسلسل الانتخابي في شتنبر القادم» بإجراء انتخابات مجلس المستشارين. وفيما اضطر الأمناء العامون لأحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية إلى تأجيل اجتماع لهم، كان مقررا عقده مساء أول أمس الأربعاء، بعد أن حالت انشغالات بعضهم دون الالتئام، كشفت مصادر من الأغلبية الحكومية أن بنكيران سيلتقي، نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع القادم، بقادة الأحزاب المشاركة في الحكومة من أجل الحسم في الجدولة الزمنية للاستحقاقات الانتخابية القادمة التي باتت تفرض نفسها بقوة، بالنظر إلى مطالبة الأحزاب السياسية بتحديد تلك الجدولة، وكذا الإسراع بإطلاق مشاورات بشأنها مع باقي الأحزاب، خاصة تلك الممثلة في البرلمان، ولاسيما أن الحيز الزمني الذي يفصل عن الدخول السياسي القادم وتشكيل مجلس جديد للمستشارين بدأ يضيق. وكشفت مصادر «المساء» أن اجتماع الأغلبية سيكون مناسبة لمحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، لتقديم تقرير مدقق حول الأجندة الزمنية للانتخابات الجماعية والجهوية وانتخابات مجلس المستشارين، وهو التقرير الذي كان قد طالب بنكيران خلال لقاء سابق وزيره في الداخلية بإعداده، مشيرة إلى أن زعماء الأغلبية سيناقشون التقرير المقدم من قبل العنصر للحسم في ما يتضمنه من مقتضيات قبل الشروع في إطلاق مسلسل المشاورات مع باقي مكونات المشهد الحزبي. وقال قيادي في الأغلبية ل»المساء» إنه «ليس من مصلحة البلاد ولا الحكومة ولا المعارضة أن نظل في وضع الانتظارية هذا، إذ من المفروض المرور، وفي أقرب وقت ممكن، إلى وضع يتسم بالوضوح يتم خلاله تحديد جميع ما يتطلبه تنظيم تلك الاستحقاقات من قبل الحكومة والأغلبية والمعارضة»، مشددا على أن ما يهم ليس هو التسرع في إجراء تلك الانتخابات وإنما تنظيم انتخابات نزيهة وديمقراطية تليق بمغرب الديمقراطية. نفس الموقف عبر عنه محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للتقدم والاشتراكية، بقوله: «الأمر يقتضي نعرفو فين غاديين»، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى توضيح الرؤية في أقرب وقت ممكن بشأن تلك الاستحقاقات بالنسبة إلى جميع الأطراف (أغلبية ومعارضة وناخبين). وبالنسبة إلى بنعبد الله، فإنه «في ظل الوضع الحالي، يستحيل تماما أن ننظم الانتخابات في شتنبر، فالآجال المتبقية لن تسعف في الإعداد وتحضير القوانين الانتخابية والقوانين التنظيمية ذات الصلة، والتي تتطلب وقتا يتجاوز الثلاثة أشهر المتبقية». وتواجه حكومة بنكيران مأزقا حقيقيا بين الإسراع بتحديد تاريخ الانتخابات المقبلة وخوضها بموجب القوانين القديمة، وضرورة تنزيل القانون التنظيمي للجهات والقوانين المرتبطة به، خاصة في الجانب المتعلق بطبيعة الاختصاصات المخولة لمجالس الجهات، والتقطيع الجهوي، بالإضافة إلى إكراهات تحديد نمط الاقتراع ومراجعة اللوائح الانتخابية. يأتي ذلك في وقت طالب فيه الديوان السياسي للتقدم والاشتراكية الحكومة بالإعلان، في أقرب الأوقات، عن أجندة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، على أساس إصلاح حقيقي للنظام الانتخابي في شموليته، وذلك قصد إتاحة الفرصة لكل الفاعلين السياسيين للتحضير الجيد لهذه الاستحقاقات وتعبئة المواطنات والمواطنين من أجل انتخابات تتماشى، في ديمقراطيتها ونزاهتها، مع روح الدستور الجديد ومضامينه المتقدمة.