شاع خبر وجود جثة فرنسي في أحد المنازل بمدينة تيفلت لدى الجميع، وكثرت تفسيرات وتأويلات المواطنين وجيران زوجته المغربية، حول الأسباب التي أدت به إلى الإقدام على فعلته، حيث ذهبت تخمينات البعض إلى كون الزوجة وجهت إليه طعنات قاتلة في غفلة منه بعدما وجدته رفقة إحدى بنات الحي في وضعية مخلة، وهناك من ذهب إلى أبعد حد في تفكيره واستباقه لتفاصيل الحدث، عندما ادعى أن الفرنسي وجد زوجته في أحضان أحد الأشخاص وهو الأمر الذي أدى به إلى الدخول في نقاش حاد معهما أسفر عن مقتله. لكن مجريات البحث والتحقيق الذي باشرته العناصر الأمنية بالمدينة، فندت تلك الأخبار والإشاعات ووقفت على حقيقة الأمر، خاصة بعد العثور على رسائل مكتوبة بخط يده يشرح فيها أسباب إقدامه على الانتحار بعد علمه بأنه مصاب بالداء الخبيث. أقدم المسمى شارل ريدز، وهو مواطن فرنسي الجنسية اعتنق الإسلام، على وضع حد لحياته بعد تناوله كمية كبيرة من العقاقير الطبية والخمر في آن واحد، مما شكل له مضاعفات أدت إلى وفاته بداخل المنزل الذي يقطن به رفقة زوجته المغربية التي أنجبت له طفلا يبلغ من العمر حوالي 30 شهرا والحامل بآخر. وقد وجدت زوجته جثته طريحة فراش الزوجية، لتقوم بإخبار رجال الأمن الوطني الذين حلوا بعين المكان بحي النهضة بمدينة تيفلت رفقة عناصر مسح مسرح الجريمة التابعين للأمن الإقليمي بالخميسات إضافة إلى نائب وكيل الملك بمركزية تيفلت والمسؤولين المحليين. رسائل بخط يده ترك الفرنسي، الذي أحب المغرب كثيرا والبالغ من العمر 52 سنة مهنته جزار والمقيم باستمرار بالمغرب، مجموعة من الرسائل التي كتبها بخط يده باللغة الفرنسية بجانبه، والموجهة إلى زوجته وأقربائه، تتضمن عبارات الحب لزوجته والامتنان لابنه والولاء للإسلام والمسلمين، إضافة إلى عبارات التذمر واليأس من الحياة. وهو الأمر الذي حتم على المحققين الذين كانوا مرفقين بعناصر مسح مسرح الجريمة، عدم إلصاق تهمة انتحاره أو مقتله بأي كان، خاصة أن الفرنسي كان محبوبا داخل الحي الذي كان يقطن فيه رفقة زوجته وكانت أخلاقه طيبة مع الجميع بحكم عشقه وحبه للمغرب الذي استقر به. واعتبر المحققون أن تلك الرسائل التي وجدت داخل غرفة النوم وبجوار السرير الذي كان نائما عليه، ساعدتهم كثيرا في فك لغز إقدامه على الانتحار وهو الذي كان يعيش حياة سعيدة مع الزوجة وأسرتها الصغيرة وكل من تعرف عليهم منذ استقراره بالمغرب. الداء الخبيث مكنت التحريات المكثفة والتحقيقات التي أجريت وقتئذ، من معرفة الأسباب الحقيقية لقيامه بهذا الفعل، وهو علمه يومين قبل وفاته، أن حالته الصحية متدهورة جدا، خاصة بعد إجراء الفحوصات حول الرئتين وإخباره من طرف الطبيب بإصابته بالسرطان وهو ما دفعه إلى تناول كمية كبيرة من العقاقير الطبية التي وجدت قرب جثته، والتي كانت سببا مباشرا في وفاته، ليتم نقل جثته بعد اتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الإطار إلى مستودع الأموات بالمستشفى المحلي بتيفلت بغرض إجراء التشريح الطبي. خبر الإصابة بالسرطان أدخله في حالة يأس وتشاؤم وعزلة عن أقاربه وزوجته، فقرر وضع حد لحياته بتناول كمية كبيرة من العقاقير مرفوقة بكؤوس من الخمر. تصريحات الزوجة لم تتمالك زوجته المغربية التي أنجبت منه طفلا وكانت حاملا منه بآخر نفسها، بعد تأثرها بما وقع لزوجها الذي قالت عنه خلال الإدلاء بتصريحاتها، إنه كان طيبا ويتعامل معها بكل احترام ومودة، ونظرا لعشقه وحبه للمغرب فقد سبق أن أوصاها بدفن جثته بقبور المسلمين. الهالك (شارل ريدز) وحسب إفادات وتصريحات العديد ممن تربطهم به علاقة صداقة أو ما شابه ذلك، أكدوا أن الضحية كانت له طباع جيدة مع الجميع وأن ما وقع له، خلف حزنا عميقا في نفوس معارفه وكل من تعرف عليه من قريب أو من بعيد.