-ما هو التعريف العلمي للولادة المبكرة؟ نتحدث عن ولادة قبل الميعاد أو الولادة المبكرة كلما حدثت الولادة قبل الأسبوع السابع والثلاثين. وتُشكّل الولادة المبكرة خطرا على حياة الجنين (الطفل الخديج) حيث تكون مسؤولة عن 80 في المائة من مجموع الوفيات التي تُسجَّل بعد الحمل وتكون مسؤولة عن 50 في المائة من الإعاقات الجسدية والعقلية التي تحدث بسبب الولادة. لكل هذا، يجب ضبط الأسباب المؤدية إلى الولادة المبكرة، للتنقيب عليها ولمحاولة معالجتها. وخلافا لما هو شائع فليست هناك أفضلية للجنين الذي يولد في الشهر السابع على الجنين الذي يولد في الشهر الثامن، بل العكس هو الصحيح، وكل يوم داخل الرحم قد يزيد من حظوظ «الجودة» لدى الجنين بنسبة قد تصل إلى 2 في المائة عن كل يوم إضافي. -ما هي أنواع الولادة المبكرة؟ -الولادة قبل الأوان نوعان: النوع الأول، ويشكل 20 إلى 25 في المائة، وهي الولادة بقرار طبي، وتهُمّ الحالات التي تتخوف فيها من استمرار الحمل (مثل تسمم الحمل، مرضى السكري، توقف أو ضعف نمو الجنين، الانفصال المبكر للمشيمة أو التصاق المشيمة غير الطبيعي بالقرب من عنق الرحم)... وهو قرار قد يتشارك فيه الطبيب المعالج وكذلك طبيب الأطفال لاختيار الوقت المناسب لإخراج الجنين بأقل الأضرار. أما النوع الثاني، الذي يشكل 75 إلى 80 في المائة من الحالات، فهي الولادة المبكرة الطبيعية، ونذكر كذلك أن نسبة الولادة قبل الأوان قد تصل إلى 7 في المائة من الولادات، في حين أن الحالات الإنذارية قد تصل إلى ما بين 15و20 في المائة من حالات الحمل، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نجاعة العلاج الذي يؤدي دوره في أكثر من 50 في المائة من الحالات. لكنْ، رغم كل هذا، فإن السنوات الأخيرة لم تحمل تغيرات كبيرة من ناحية الأرقام، رغم مجهودات التنقيب والمعالجة. ويرجح أن يكون من بين أسباب الحمل المتأخر (بعد 35 سنة) وكذلك الحمل متعدد الأجنة من جراء علاجات العقم. - وماذا عن المضاعفات؟.. قلنا إنه مسؤول عن 80 في المائة من حالات وفيات الأجنة وعن 50 في المائة من حالات الإعاقة المصاحبة للحمل، وهذا راجع إلى أن الجنين لم يكتمل نموه ونضجه ويكون معرضا للإصابة بأمراض جسدية وعقلية، وأهمها: متلازمة ضيق التنفس، لأن رئتي الطفل تكونان غير ناضجتين، حيث تمنعانه من الحصول على ما يكفيه من الأوكسجين، إضافة إلى ضعف المناعة والإصابات الميكروبية، نقص الحرارة، مشاكل في الدورة الدموية، مشاكل في الجهاز الهضمي... إلخ. - ما هي أسباب الولادة قبل الميعاد؟ في 60 إلى 70 في المائة من الحالات قد تكون هناك حالات مسببة لهذه الولادة، نذكر منها: -الالتهابات، وعلى رأسها التهابات الجهاز البولي وكذلك التهابات المهبل وعنق الرحم، الذي يؤدي إلى تمزق الغشاء الأميونوسي، والتهابات المشيمة والسائل الأميتوسي، مما يلزمنا البحث عنها، وخصوصا إذا كانت هناك أعراض محلية، أو وجود أعراض الولادة قبل الأوان أو حين تواجد سوابق للولادة قبل الأوان. الأمراض المصاحبة للحمل: تسمم الحمل -مرض السكري -فقر الدم -اليرقان المصاحب للحمل. -الأسباب الرحمية: نذكر منها وجود عيوب خلقية أو علاجية (DES) أو وجود ضعف في عضلات عنق الرحم. أما في ما يخص الجنين فنذكر من بين الأسباب: الحمل المتعدد، التشوهات الخلقية، ضعف نمو الجنين، ومن بين الأسباب المشيمية، نذكر وجود المشيمة المتقدمة أو الانفصال المبكر للمشيمة وزيادة كمية السائل الأميتوسي. أما من ناحية الأسباب المساعدة فهي متعددة ويجب العمل كذلك على التنقيب عليها وتهمّ: -وجود تاريخ سابق للولادة قبل الميعاد، لأن نسبة التكرار تتراوح بين 18 و40 في المائة وتكون في نفس الحادثة السابقة، -وجود فترة قصيرة بين الولادتين (أقل من 12 شهرا)، -وجود «سوابق» لحالات الإجهاض المتعدد، وخصوصا إذا تعدت 3 حالات، -وجود علاقة الولادة قبل الأوان، مع ضعف الإمكانيات المادية والمعنوية، -وجود علاقة مضبوطة مع التدخين، الكحول والمخدرات الأخرى، وأخيرا هناك الكثير من الأسباب غير المعروفة، والتي لا نعلم عنها شيئا ولكنها حكمة الله وقضاؤه، وتبلغ تلك النسبة بين 30 إلى 40 في المائة من الحالات. - ما هي الأعراض؟ يثير الانتباه عند المرأة الحامل وجود تقلصات رحيمية مستمرة وقوية، وتبقى المناقشة مفتوحة حول نسبة هذه التقلصات (واحدة في كل 10 دقائق، في حين لا يأخذ آخرون بعين لاعتبار إلا 2 أو 3 تقلصات كل 10 دقائق). وتكون تلك التقلصات مصحوبة بتغييرات في عنق الرحم، حيث يصبح قصيرا، مرنا، يرق سُمكه ويبدأ في الانفتاح، مع تقدم الجنين. نذكر كذلك أن هناك حالات تشو فيها المرأة من آلام في أسفل الظهر أو في أسفل البطن، مع إحساس بنزول الجنين، كما نشير إلى إمكانية نزول مادة مخاطية تسمى «سدادة عنق الرحم»، كما توجد حالات تبدأ بنزول السائل الأسيتوسي، مما يزيد من خطورة الحالة. - كيف يتم التشخيص؟ حين تكون هناك تقلصات مستمرة، يلجأ الطبيب إلى الفحص المهبلي، للتأكد من وجود هبوط الجنين ووجود تغيرات تهمّ أسفل الرحم وعنقه. لكن هذا الفحص لا يكون كافيا إلا في الحالات المتقدمة وفي الحالات دون ذلك تبقى نتائجه ضعيفة وإمكانية التنبؤ بالولادة قبل الأوان غير مضبوطة. لهذا يلجأ الأطباء إلى فحص عنق الرحم عبر الفحص بالصدى المهبلي، الذي يعطي نتائج أدق وموضوعية. ويبقى طول عنق الرحم المعيار الأساسي، مع اختلاف في ضبط الحد الأدنى لعنق الرحم (20 أو 30 مليمتر) في حين يلجأ بعض الاختصاصيين إلى تصنيف درجة خطر الولادة قبل الأوان عبر هذا المعيار. وهكذا قد يكون الخطر خفيفا إذا كان طول عنق الرحم يتعدى 26 مليمترا، ويكون متوسطا بين 15 و26 مليمترا، فيما يكون الخطر حادا في ما دون ذلك. ويكون هذا الفحص إلزاميا في حالة وجود عوامل مسببة لهذا الخطر أو وجود تقلصات للرحم خلال الحمل وكذلك حين وجود سوابق للولادة قبل الأوان. نذكر كذلك أنه ظهر، مؤخرا، تحليل للمساعدة على ضبط درجة الخطر تسمى «Fibronectine»، ولكن الدراسات أثبتت أن قيمتها لا تتعدى قيمة ضبط عنق الرحم بالفحص بالصدى. بقيت الإشارة، كذلك، إلى أنه موازاة مع الفحص للتشخيص يجري الطبيب فحوصات لمحاولة إظهار سبب هذا الخطر، ونذكر هنا البحث عن التعفنات وتسمم الحمل ووجود المشيمة المتقدمة، وكذلك الحمل متعدد الأجنة وتشوهات الحمل. - وكيف يتم العلاج؟ يرتكز العلاج على 5 محاور: المحور الأول: هو الراحة التامة في الفراش، والتي تمكّن من علاج 50 في المائة من الحالات. المحور الثاني: ويتعلق باستعمال العقاقير المضادة لانقباضات الرحم، وهي على ثلاثة أنواع، لكن استعمالها يتطلب فحوصات دقيقة للتنقيب عن الحالات المنافية لاستعمالها، وينتظر أطباء المغرب «الأتوسيان» المضاد للأسيتوزين، لسهولة استعماله ونجاعته في الحالات المستعصية. المحور الثالث: ويهُمّ علاج الحالات المسببة لهذه التقلصات. المحور الربع: ويخص عملية ربط عنق الرحم، التي لم تعد إلزامية، إذ لا تخصص إلا في حالة وجود 3 ولادات قبل الأوان أو وجود حالة أو حالتين من الولادة المبكرة، مع تغيير في طول عنق الرحم خلال الحمل الحالي. المحور الخامس: ويهمّ استعمال بعض الأدوية المساعدة على نضج رئتي الجنين لمحاربة متلازمة ضيق التنفس. اخصائي أمراض النساء والولادة