هزت الأحكام القضائية التي صدرت صباح يوم أمس الثلاثاء، عن المحكمة الابتدائية، في ملف ما يعرف بشبكة الاتجار في المخدرات الصلبة، أركان المدينة. فقد أدانت المحكمة جل المتهمين في الملف بأحكام سجن نافذة محددة في 3 سنوات. ومن أبرز الذين شملهم قرار المحكمة نوفل شباط، ابن عمدة فاس، حميد شباط، القيادي في حزب الاستقلال، والأمين العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. كما أدانت المحكمة الابتدائية، في جلسة صباحية مبكرة لم يحضرها سوى عدد قليل من المتتبعين، عبد اللطيف خليفة، وهو ضابط في فرقة مكافحة العصابات في قسم الشرطة القضائية في ولاية أمن فاس، سبق أن ذكر اسمه من قبل معتقلين قدما على أنهما شاهدان في الملف، وأحدهما يلقب ب«زعيريطة» كان قد تم اعتقاله منذ سنوات بتهمة تزعم شبكة للاتجار في المخدرات الصلبة، والثاني ادريس الطواش، تم اعتقاله في ملف آخر للمخدرات، وتحدث عن تجربته السابقة مع الإدمان وعن أشخاص قال إنهم كانوا يتاجرون في المخدرات الصلبة. كما قدم تفاصيلَ عن جلسات في أماكن خاصة تخصص لاستهلاك هذا المخدر. وبلغ مجموع المدانين في الملف 6 أشخاص، ضمنهم الطليح بن محمد، وهو صاحب حانة وسط المدينة، وغُرِّم جل المدانين بغرامة قدرها 10 آلاف درهم. ووصف عمدة فاس، حميد شباط، في تصريحات ل«المساء»، الحكم الابتدائي ب«المؤامرة» التي تدبر ضده وب«المنكر الذي يجب تغييره»، وقال إن بعض الجهات، التي ما يزال يبحث عن تحديد مكان تواجدها، وربما توجد في النيابة العامة، هي التي دبرت الملف للانتقام منه، وهو ما يتأكد، حسب تصريحات شباط، منذ الوهلة الأولى لقراءة الملف، الذي يعتبره كل المحامين «فارغا»، طبقا لكلام حميد شباط. وهدد شباط بالكشف عن أسماء الجهات التي تقود هذه «المؤامرة» ضده وضد حزب الاستقلال والنقابة، وهي الأطراف التي لحقها الظلم في هذه القضية، حسب تصريحات عمدة فاس، سواء في الضابطة القضائية أو في النيابة العامة، واستحضر «معركته» السابقة مع نائبة وكيل الملك في فاس، وهو يتحدث عن الملف الذي يطرح، طبقا لعمدة فاس، سؤالا عريضا حول استقلالية القضاء. وكانت المحكمة الابتدائية قد استمعت، في الآونة الأخيرة، للشاهدين اللذين يوجدان رهن الاعتقال في كل من سجنَي بوركايز ومكناس، وأعطتهما إمكانيات كبيرة لاستعراض ملابسات الملف. وحرص ابن شباط، ضمن المتهمين، على أن يحضر جل الجلسات. وقال «زعيريطة»، في تصريحاته، إن «نوفل شباط كان يزوده بالمخدرات الصلبة لإعادة «تسويقها» في المدينة، فيما ينفي الأخير التهمة ويشير، في تصريحاته، إلى أن الأمر يتعلق ب»تصفية حسابات سياسية» مع والده العمدة. وتحدث الشاهدان، في بعض مراحل النظر في الملف، عن تهديدات يتعرضان لها في السجن، سواء من قبل بعض الموظفين أو من قبل سجناء للحق العام. ويعود تفجر هذا الملف إلى 2009، حيث قاد اعتقال «زعيريطة» إلى تفكيك شبكة قيل إنها تتاجر في المخدرات الصلبة. وأفضت التحقيقات المفتوحة في الملف إلى إثارة أسماء عدد من «شخصيات» المدينة. وظهر اسم نوفل شباط، أحد أبناء العمدة شباط، ضمن أبرز الأسماء التي وردت في الملف، والتي سبق للشرطة القضائية أن استمعت إليها، كما سبق لقاضي التحقيق أن استمع إليها وتقررت متابعتُها. ونفى هذا الأخير التّهم التي وجهت له وقال للمحققين إنه سبق أن أثير اسمه في حوالي 8 ملفات مشابهة، تبيّنَ لاحقا، أثناء انتهاء التحقيقات فيها، أنه لا علاقة له بها. وقال إنه يعمل لدى شركة «الفتح الجديد»، وهي من أبرز الشركات التي تعمل في قطاع بناء التجزئات السكنية في المدينة ولا يحتاج إلى أموال المخدرات. وأشار إلى أن «هذه الاتهامات تثار لاعتبارات انتخابية مرتبطة بوالده العمدة». وقرر قاضي التحقيق عدم متابعة عبد الرزاق السبتي، رئيس فريق الوداد الرياضي الفاسي، والذي أثير اسمه، بدوره، في الملف، بسبب التصريحات المضطربة التي صدرت عن «زعيريطة»، المتهم بتزعم الشبكة المُفكَّكة سنة 2009 و»الطواش»، المعتقل على خلفية ملف آخر يتعلق بالمخدرات، والذي قدم نفسه كشاهد في هذا الملف. وبلغ عدد الذين أثيرت أسماؤهم في هذا الملف حوالي 30 شخصا، قيل إن بعضهم لم يتم التعرف على هوياتهم الحقيقية، وتم إسقاط المتابعة عن حوالي 11 منهم.