وجه عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، رسالة قوية إلى جهات لم يسمها قال إنها تعرقل مسلسل الإصلاح، على خلفية الهجوم الذي تعرض له وزيره في الإعلام مصطفى الخلفي بسبب دفاتر التحملات لإصلاح الإعلام العمومي. وقال بنكيران، الذي كان يتحدث أول أمس في يوم دراسي نظمه حزبه، إن الربيع العربي لم ينته بعد وإنه يمكن أن يعود مرة ثانية. ولم يقف بنكيران عند هذا الحد، بل ذهب بعيدا ولمح إلى وجود أشخاص في المحيط الملكي يقفون وراء معاكسة مشاريعه الإصلاحية عندما قال إن الملكية نفسها تحتاج اليوم إلى المواطنين الساعين إلى الإصلاح والمستعدين للتضحية، «لأن الملوك -حسب قوله- لا يكونون دائما محاطين بالأشخاص اللازمين، بل يكونون أحيانا محاطين بخصوم يصبحون أول من يتخلى عنهم». تصريحات بنكيران القوية هذه تكشف أن الرجل بدأ يتعب بسبب الشعور بأن خطواته تتعرض للهجوم، لكن ذلك لا يعفيه من ممارسة صلاحياته الواسعة التي منحه إياها الدستور الجديد، وهي الصلاحيات التي كان بنكيران نفسه يشيد بها في بداية توليه المسؤولية. جميع الحكومات التي تشكلت في المغرب وأرادت الإصلاح جوبهت بالمقاومة؛ ولعل الجميع يتذكر العبارة الشهيرة التي كان يستعملها رئيس حكومة التناوب عبد الرحمان اليوسفي وهي «جيوب المقاومة». وإذا كان بنكيران يعتقد في بداية تحمله المسؤولية أنه سيجد الطريق مفروشة بالورود، فسيكون قد تلقى دروسا سيئة في السياسة. الحكومة الحالية هي التي ستقدم الحساب إلى الناخبين في نهاية ولايتها، أما جيوب المقاومة التي لا يراها أحد فلن يحاسبها أحد، بل إن المواطنين ينتظرون من بنكيران أن يقوم بالمهمة طالما أن الدستور الجديد ربط المسؤولية بالمحاسبة، وأن يعلن للرأي العام صراحة طبيعة الجهات التي تقاوم التغيير. أما إذا تراجع بنكيران أمام هذه الجيوب، فإن البلاد ستكون هي الخاسرة في النهاية، لأن المواطنين الذين منحوه أصواتهم فعلوا ذلك لأنهم يريدون تغيير الأوضاع، ورؤية حكومة قوية لا حكومة تتذرع بجهات مجهولة تقاومها دون أن يكون لدى المواطنين حق معرفتها.