أثارت مذكرة لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حول ولوج مسالك الماستر والماستر المتخصص جدلا كبيرا في أوساط الموظفين والطلبة والأستاذة الجامعيين، واختلفت ردودهم وتأويلاتهم للمذكرة التي بعث بها إلى رؤساء الجامعات وفرض من خلالها ضرورة التزام المسجلين بالحضور اليومي بكل موادها وأكد مجانية التكوينات. فالمذكرة، التي ثمّنها الطلبة المعوزون، اعتُبِرت من طرف الموظفين كإعلان عن منع الموظفين من حقهم الدستوري في متابعة دراساتهم الجامعية بالنظر إلى صعوبة التزام هذه الفئة بالجداول الزمنية. واعتبروا أن المسؤول الأول عن التعليم العالي ضرب بعرض الحائط مقتضيات القانون المنظم للتعليم العالي، والذي يسمح للجامعات بفتح تكوينات جامعية، فضلا على التكوينات الأساسية، في وجه مستحقيها من طلبة موظفين، في إطار دعم استقلالية مؤسسات التعليم العالي المالية، الإدارية والبيداغوجية. وكان الداودي قد أشار في المذكرة إلى جعل هذه التكوينات مفتوحة في وجه الطلبة المتفرغين بشكل كامل لمتابعة دراستهم العليا دون غياب. وشدّد على ضرورة التمييز بين التكوينات التي يسمح القانون بفتحها في إطار التكوين المستمر، والتي تتوج بدبلومات جامعية استجابة لحاجيات المنطقة. وبين التكوينات الأساسية المتوجة بدبلومات وطنية (الإجازة في الدراسات الأساسية والإجازة المهنية والماستر والماستر المتخصص والدكتوراه). كما أضاف أنه «مراعاة لطبيعة وخصوصية كل تكوين على حدة، فإنه يتعين العمل على احترام مقتضيات الضوابط البيداغوجية، وخصوصا في ما يتعلق بشروط ولوج مسالك التكوينات الأساسية»، وجعلها تكوينات مجانية، وخصوصا مسالك الماستر والماستر المتخصص. وجاء في مذكرة الوزير أن قراراته تدخل في إطار تفعيل روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين وكذا في إطار مقتضيات القانون المنظم للتعليم العالي، والتي تمكّن الجامعات من فتح تكوينات جامعية، فضلا على التكوينات الأساسية في إطار استقلالياتها المالية والإدارية والبيداغوجية. ويرى البعض الآخر أن قرار الداودي بتقنين ولوج التكوينات الجامعية صائب وأنه لا تعارُض مع الحق في متابعة الدراسة والتكوين المكفول دستوريا، موضحين أن على الدولة إيجاد طرق لتسهيل ولوج الموظفين إلى الجامعات لمتابعة دراساتهم، بمنحهم رخصا وظيفية توازي مدة التكوين أو بتخصيص جداول زمنية خاصة بهم خارج أوقات عملهم، شريطة ألا تكون مؤثرة على عملهم اليومي ومرهقة لهم، عوض أن تكتفي بمنحهم تراخيص ولوج الجامعات، دون أدنى متابعة لكيفية تعاملهم مع الوظيفة والتكوين. وأضافوا أن الحق الدستوري الأول الذي يجب على الموظفين تطبيقه يبتدئ بالإخلاص في واجباتهم المهنية، ثم المطالبة بحقهم في التعليم والتكوين، لأن للمجتمع أولوية في الاستفادة من خدمات الموظفين كاملة. يُذكر أن الجامعات الوطنية عرفت إحداث عدة شُعب ماستر مؤدى عنها، وهي شعب وإن كان لبعضها أهداف تواكب التنمية المحلية والوطنية، فإن شُعبا أخرى ذات أهداف «غامضة». علما أنه يتم إحداث تلك الشعب من طرف أساتذة جامعيين، وفق دفتر تحملات واضح ودقيق، حيث يكون لكل ماستر رئيس مشرف، يحدد التعويضات المفروضة على كل الطلبة الذين يلجونه، قد تصل إلى 50 ألف درهم سنويا، وهي مبالغ مالية تخصم منها الجامعة الحاضنة 30 في المائة، بينما يتكفل رئيس الماستر بصرف باقي التعويضات على أجور الأساتذة المكلفين بتدريس مواد الماستر، وكل ما يلزم الماستر من وثائق وتجهيزات. علما أيضا أن كل مدرس يتقاضى حوالي 500 درهم لكل ساعة، وهو ما جعل شعب الماستر الخاص تعرف إقبالا كبيرا من طرف الأساتذة الجامعيين، في أوقات فراغهم، بل إن بعضهم يعملون يومي السبت والأحد، إلى درجة أن بعضهم أصبحوا يشتغلون ساعات عمل أسبوعية تفوق بأضعاف الساعات القانونية المحددة لهم.. كما أن عدم التزام مجموعة كبيرة من الموظفين المسجلين في مسالك الماستر بحضور حصصهم الدراسية حد من تحصيلهم، كما حد من أهداف هذه المسالك، ولو أن بعض الموظفين يلجون التكوينات بدعم من شركات ومؤسسات يعملون فيها. ورحب العديد من الطلبة الجامعيين بمبادرة الوزير القاضية بولوج التكوينات الخاصة بالماستر والماستر الخاصة بدون أداء مالي، مبرزين أهمية هذا القرار لدى فئة عريضة من الطلبة الذين يئست أسرهم المعوزة من توفير الدعم المالي لهم. لكنهم أكدوا أنهم ينتظرون مبادرات أكثر جرأة، تخص التدقيق في ما يجري داخل بعض التكوينات من اختلالات، سواء أثناء عملية الترشيح لولوجها أو عند خضوع المترشحين لاختبارات انتقائية، وكذا طيلة فترة التكوين، معتبرين أن بعض التكوينات «مُحتكَرة» من طرف أصحاب المال والجاه وأن بعض رؤساء الماستر يماطلون في تسليم الدبلومات لأصحابها. ولم ينفِ الطلبة وجود مجموعة كبيرة من رؤساء الماستر والأساتذة الجامعيين الشرفاء الذين يتابعون عن كثب الطلبة ويصححون تعثراتهم وإخفاقاتهم.