يسترجع الأمين العام الجديد لحزب العدالة والتنمية لأول مرة محطات من مساره السياسي الطويل، ويتحدث كذلك عن اللحظات المهمة في حياته الشخصية والمحطات الحاسمة للتنظيم السياسي الذي يتزعمه. - أكدت في الحلقة الماضية أن جميع الفاعلين السياسيين لم يكونوا مقتنعين بأن إعطاءكم الوزارة الأولى فكرة جيدة. أما زلتم مجبرين على طمأنة محيطكم؟ < هذا ما سأقوم به بالفعل، فالصورة التي يحتفظ لنا بها هؤلاء مشوهة وأولئك الذين يروجونها يضرون بالحزب وبالوطن أيضا. يقترح حزب العدالة والتنمية نخبة ستباشر السياسة في شموليتها إلى جانب باقي الفاعلين بطبيعة الحال. ليست لدينا أي مصلحة في أن نبقى وحيدين. - ما الذي كان سيتغير لو قبلتم الالتحاق بحكومة اليوسفي؟ < ما زلت أتأسف على تلك المرحلة. لقد كنت دائما مع المشاركة في الحكومة سواء مع عبد الرحمان اليوسفي أو إدريس جطو، غير أن هذا الأمر أصبح مستحيلا مع هذا الأخير بسبب تصريح لسعد الدين العثماني قال فيه إنه ضد المشاركة في الحكومة إلى جانب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خاصة وأن جطو كان يعتمد على مشاركة الاتحاد، وبالتالي ضحى بالعدالة والتنمية. - على ماذا تتأسف اليوم بالتحديد؟ < لو شاركنا في الحكومة لكون الناس صورة موضوعية عن حزب العدالة والتنمية. صورة حزب مثل باقي الأحزاب بأناس لديهم ما يكفي من الكفاءات لتحسين الأوضاع. أتأسف كذلك على مرورنا إلى المعارضة في سنة 2000. كان بالإمكان أن نبقى مع الكتلة، ولم لا أن نصبح من بين مكوناتها. وبالعودة إلى الوراء، أقول إن المعارضة ساهمت في عزلتنا. - ألا ترى أن المشاركة في الحكومة كانت ستقلل من قيمة الحزب؟ < لست ضد الدولة، بل معها وأريد أن أجد لي مكانا داخل الدولة نفسها. لو كونا الحكومة مع الاتحاد الاشتراكي في 2002، تحت رئاسة رجل مثل إدريس جطو، لحسنا صورتنا. واليوم أشعر بأن عملا كثيرا ينتظرنا، ويجب أن أبقى، على سبيل المثال، إيجابيا جدا تجاه علاقاتنا مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فمصلحة الوطن تفرض بالضرورة تنسيقا أفضل بين الأحزاب التي لها وزن وتحظى بالشرعية الشعبية. - لماذا تشعر بأنك غير مرتاح في المعارضة؟ < المعارضة هي أحسن بديل في الظرفية الحالية. وليسمح لي الأصدقاء الاشتراكيون، لكنني أعتقد أن مشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة الفاسي خطأ، وسيكلفهم ذلك الكثير وأتمنى أن يتوقف ذلك خلال المؤتمر المقبل. - هل تذهب إلى درجة التأكيد على أن أكبر عيب في الحكومة هو قائدها؟ < لا يكمن المشكل في ذلك، فعباس الفاسي قادر على تكوين حكومته بدون الاتحاد الاشتراكي الذي خرج للتو من هزيمة انتخابية، ثم إنني أظن أن هذا الحزب ليس بصدد دفع ثمن التناوب، بل ثمن هذه المشاركة الحكومية. ولحسن الحظ، الحزب في الطريق الصحيح لاسترجاع صحته، وهذا خبر جيد لأن الأحزاب التي تعبر عن إرادة الشعب تشكل بنيات الدولة. - في تحليلك للسنوات الأخيرة، لم تكن لينًا مع خلفك سعد الدين العثماني.. < لقد نجح العثماني في مهمته. حافظ، في المجمل، على وحدة الحزب، وكثيرا ما كنا على خلاف خلال السنوات الست الأخيرة، بل وصلت إلى حد المقاطعة وطرق أبواب الإدارة، لكنني كنت دائما أدعم سعد الدين العثماني. - هل تجده خجولا جدا؟ < لا يحب المواجهة، كنا بالتأكيد مختلفيْن، لكنني أكن احتراما كبيرا لهذا الرجل. وسأكون سعيدا إن غادرت قيادة الحزب بعد أربع سنوات مرفوع الرأس مثله. - لقد كنت ذا بصمة خاصة على مصير العدالة والتنمية، رغم ذلك لم تتول مهمة إدارته إلا في 2008. لماذا تطلب الأمر كل هذا الوقت لتنتخب أمينا عاما له؟ < لدي مزاج يصعب التعايش معه، أنا وسعد مختلفان على مستوى الأسلوب، وأولوياتي تختلف مع أولويات مصطفى الرميد على سبيل المثال. وقد حاول العثماني أن يجمع بيننا في السنوات الأخيرة. أنا بالتأكيد ظريف ومتسامح، لكنني لا أراعي الشكليات دائما مثلما يجب. لم يخترني المناضلون إلا عندما رأوا ذلك أساسيا، وإن كان هذا يبدو من قبيل الادعاء. - وماذا غيرت فيك المسؤولية الجديدة؟ < الوظيفة والسن، أقترب من الستين، يجعلاني أحس بثقل المسؤولية وأدعو الله أن يعينني على النجاح في مهمتي، رغم أن الظرفية صعبة والرهانات كبيرة، لا أريد أن أكون عبئا أو شيئا زائدا. ترجمة - محمد بوهريد