وضع المكتب الإقليمي للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي بالدارالبيضاء، في اجتماع طارئ، الخطوط العريضة لدفتر التحملات الخاص بإعمار مقاهي الشيشة، بعد أن داهمتها حملات أمنية أسفرت عن توقيف 300 شخص من مختلف الأعمار، وحجز كمية كبيرة من العتاد. وسيعرض دفتر التحملات على السلطات الولائية بالدارالبيضاء قصد المصادقة عليه وتحويله إلى دستور ينهي العلاقة المتوترة بين البوليس وحزب الشيشة المحضور. ويلزم دفتر التحملات أرباب هذه المرافق بمنع القاصرين والشواذ من ولوج المقاهي، كما يمنع استبدال «المعسل» بأي مخدر من شأنه أن يعبث بنكهة هذه المادة العجيبة، أو تزويد «رادياتور» النرجيلة بالويسكي بدل الماء الزلال؛ ويلتزم أصحاب المقاهي بمنع لعب القمار، خاصة ما يعرف بالرياشة، واتخاذ كل التدابير الرامية إلى فصل الدين عن الشيشة. في الدارالبيضاء ألف وأربع مائة مقهى معتمدة في مجال الشيشة، تستقطب آلاف الشباب والشابات الذين يمارسون، على امتداد ساعات اليوم، هواية النفخ وسط سحب الدخان الممزوج برائحة فواكه استوائية، بينما تقتات مئات الأسر من هذا القطاع غير المهيكل الذي يعيش، بين الفينة والأخرى، على إيقاع هواجس المداهمات المناسباتية. يقول عضو في المكتب النقابي، بنبرة غاضبة، إن المداهمات قد أسفرت عن اعتقال أشخاص «محترمين جدا»، ووضعت أزواجا من دول عربية شقيقة في خانة المجرمين، بعد أن تحولت جلسة عائلية لشرب الشيشة إلى مأساة؛ وتساءل كيف يُمنع تناول الشيشة في المغرب ويرخص به في العربية السعودية وكل دول الشرق الأوسط والخليج العربي؟ ويقول رجل أمن في فرقة الشرطة السياحية بالدارالبيضاء إن دفتر التحملات أمر جيد لأنه سيمنع مجموعة من الأنشطة الموازية لشرب الشيشة، ولكن «كيف يمكن تقنين دخول القاصرين إلى المقاهي؟ وهل سيطلب النادل من كل شاب الإدلاء ببطاقة التعريف الوطنية عند مدخل المقهى؟». وهناك من يدعو إلى فتح نقاش وطني حول المشروع الرامي إلى إنهاء الحظر المضروب على حزب الشياشين، ويقترح تعديل مسودة دفتر التحملات بإضافة بنود أخرى، كإلزام أرباب المقاهي بتخصيص جناح لغير المشيشين وتمكينهم من خدمة الويفي، وتجهيز المرافق بآليات تمتص سحب الدخان، واحترام الشروط البيئية للمرفق العام. يرى صديقي، وهو لاعب كرة قدم ربطت شفتاه علاقة عشق بمواسير الشيشة حين كان محترفا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن «أطرف المفارقات في ملاعب الكرة هي أن يتعرض اللاعبون للشتائم وينعتنا الجمهور بالشياشة كلما استعصت النتائج، وقبل أن يعود الشاتمون إلى بيوتهم يتوقفون اضطراريا بمقهى الشيشة بالقرب من الملعب لاستنشاق واستنثار دخان بنكهة المعسل التروبيكاني». كثير من لاعبي المنتخب المغربي يوزعون هواياتهم بين الشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولعبة البلايستايشن وشرب الشيشة، بل إن عميد الفريق الوطني الحسين خرجة لم يتردد في إطلاق نداء «الشيشة للجميع»، شريطة عدم اقترانها بأنشطة موازية، ثم إن كثيرا من اللاعبين المغاربة، والحمد لله، يحملون لقب «شيشا»، وأغلبهم يملكون سحنات داكنة وكأن دخان النرجيلة قد عبث بملامحهم، وهي أسماء كانت مثار سخرية الصحافة المصرية في كثير من المباريات التي جمعت النوادي والمنتخبات المغربية بنظيرتها المصرية. لا أحد يستطيع فك لغز لقب «الشيشا» الذي ارتبط بكثير من اللاعبين المغاربة، حتى أصبح لكل فريق «شيشاه»، ولا أحد ينكر قدرة هذه المواهب على الإمتاع والمؤانسة فوق رقعة الملعب، لكن لحسن الحظ أن هذه الألقاب انقرضت قبل مجيء حكومة بنكيران، وإلا لكان صدر قرار بمنع تداولها حفاظا على الذوق العام. في ظل هذا الجدل، يجب التفكير في صيغة جديدة لتطوير آليات الاشتغال، ودعوة المخترعين الشباب إلى ابتكار نرجيلة لاسلكية، بدون خراطيم وبطاقة حرارية بديلة مجهزة بمروحية مندمجة خدمة للسياسيين والشياشين.