حدد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات أجل سنة أو سنتين لتقديم استقالته من الوزارة إذا فشل في إصلاح وضعية القضاة، وقال الرميد بهذا الخصوص في مداخلة له أثناء مناقشة ميزانية الوزارة الفرعية بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب أول أمس، «إن تحسين وضعية القضاة اختيار نعلن عنه ونراهن عليه، وإذا فشلت في النهوض بوضعية القضاة خلال مرحلة معقولة لا يمكن أن تتجاوز السنة أو السنتين على الأكثر فإنه لا مجال لاستمراري على رأس الوزارة». وبالمقابل، أشار الرميد، لدى رده على أسئلة البرلمانيين بمناسبة مناقشة ميزانية الوزارة الفرعية في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب أول أمس، إلى أن الجمعيات المهنية للقضاة ليست نقابات ولا يمكن أن تقدم مطالب مهنية وتضع لها آجالا وتمارس الضغط عن طريق التهديد من أجل تنفيذها، موضحا بالقول: «إنصاف القضاة شيء حتمي، ولكنا لن نخضع لأي ضغط أو ابتزاز أو تهديد لأن القانون واضح، ولا حديث مع من يهدد الحكومة بهذه الطريقة لأنه يخرج عن واجب التحفظ». وحول قيمة راتبه، كشف وزير العدل والحريات عن شهادة أجرته، والتي حُدد فيها أجره الصافي في 57 ألفا و368 درهما و70 سنتيما، وتتضمن واجبات الكراء، علما بأن 20 في المائة من هذه الأجرة يحولها إلى الحزب كواجب انخراط، قائلا: «مخطئ من يعتبر أن في الوزارة امتيازات مادية، وأنا أعرف أن منكم أيها السادة المحامون من يحصل على هذا الراتب مضاعفا أربع أو خمس مرات»، وقد وافقه الرأي عبد اللطيف وهبي، المحامي ورئيس فريق الأصالة والمعاصرة. وأوضح الرميد أن من بين الامتيازات الأخرى مصاريف هاتفه المحمول وبطاقة القطار، لأنه يفضل التنقل عبره ونادرا ما يستخدم سيارتي الوزارة خارج الرباط. ومن جهة أخرى، دافع الرميد عن استمرار النيابة العامة تحت وصاية الحكومة، قائلا: «حذار ثم حذار من أن نشحن أذهاننا وفكرنا بمجموعة من التصورات التي يمكن أن تجني على مؤسساتنا، وقد قال لي عدد من الحقوقيين: إننا تسرعنا حين أقصينا وزير العدل من عضوية المجلس الأعلى للقضاء». واعتبر الرميد أن استقلالية المؤسسات تجعلها لا تراقب من لدن البرلمان، مقدما المجلس الأعلى للحسابات كمثال، عندما قدم طلبا -بصفته رئيسا للجنة العدل والتشريع خلال الولاية السابقة- بإنجاز لجنة استطلاعية بعدما راج حديث عن كون التصريحات بالممتلكات «مرميين في الكولوارات» وكون الزيارة لم تكن تهدف إلى أي مراقبة، فرفض أحمد الميداوي، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، استقبال اللجنة والرد على رئيسها الرميد، وعند الاتصال بالوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان قال إن ذلك لا يدخل ضمن اختصاصاته. ومن جهة أخرى، كشف الرميد أن مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، أحال عليه أول أمس تقريرا، دون أن يوضح بماذا يتعلق، خصوصا وأن وزير الاتصال سبق أن أكد، خلال مناقشة ميزانيته، أن هناك تقريرا للمفتشية العامة وتقريرا للمجلس الأعلى للحسابات حول القناة الثانية، وأنه اتخذ على إثرهما مجموعة من القرارات. كما أكد الوزير أنه توصل بملفات من كل من محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، وعبد العزيز رباح، وزير النقل والتجهيز. وحول إمكانية تبعية المندوبية العامة لإدارة السجون لوزارة العدل مستقبلا، قال الوزير، بعد أن أشار إلى أن مندوبية السجون عرفت تطورا من الناحية المادية لكنها شهدت بالمقابل تراجعات حقوقية، إنه ليس متحمسا خلال هذه المرحلة لأن لديه عددا من الالتزامات والملفات. وبخصوص ملف القيادي الاتحادي المهدي بنبركة، قال الرميد: «ليس بمقدوري ولا مقدور غيري أن يحل هذا المشكل، وقد سبقني الراحل السيد محمد بوزوبع للوزارة والسيد عبد الواحد الراضي». وحول ملف كتاب الضبط، بعد أن ذكر الرميد بأن كتاب الضبط هم عماد العدالة والعمود الفقري لها، وأن عددا من المكتسبات تحققت لهم في عهد الحكومات السابقة، أكد أن الإضراب حق والتعسف فيه لن يكون حقا. وتحدث وزير العدل والحريات عن أنه لا وجود لدولة ديمقراطية يكون الإضراب فيها مؤدى عنه، وقد هيأت الوزارة عددا من النصوص القانونية التي تؤكد الاقتطاع من أيام عمل المضربين، الذين منهم من تركوا مقرات عملهم وشاركوا في وقفة نظمت في محكمة الاستئناف بورزازات. ودعا الرميد البرلمان إلى تشكيل لجنة استطلاعية للوقوف على انعكاسات الإضراب على قطاع العدل، قائلا: «أدعوكم إلى تشكيل لجنة استطلاعية من أجل الوقوف على الحقائق، فلا يمكن لأي وزير أو نقابي أن يقبل بالعبث، وإذا وجدتم عكس ذلك فلكم أن تقولوا ارحل يا رميد». وقد قدم بالتفاصيل ما حدث بينه وبين إحدى النقابات التي دعت إلى الإضراب، مؤكدا أنه لا علم له بأي شي آخر عدا الحوار الذي دار بينه وبين ممثلي النقابة، وأنه إذا كان قد أخطأ فهو مستعد للاعتذار. وحول موضوع الاختفاء القسري، قال الرميد: «إنه لا مجال بعد اليوم للحديث عن شيء اسمه الاختفاء القسري. وبصفتي وزير للعدل والحريات فإنني لا يمكن أن أسمح بهذا النوع من الممارسات، وإذا حدث أي شيء من ذلك فإننا لن نتسامح فيه، وإذا وقع خطأ وقتها ستكون المساءلة. وعلى عكس ما يقال، فإن للأفراد حق التشكي خارجيا، ولكن بعد استنفاد المساطر الداخلية.» وأما بخصوص عقوبة الإعدام، فأكد وزير العدل والحريات أن توجه الحكومة لا يذهب إلى إلغائها، ولكنه سيعمل على التقليص من الجرائم التي تستوجب عقوبة الإعدام والتي ستنتقل من 37 جريمة إلى 16 جريمة، وذلك وفق مشروع قانون سبق أن أعد في عهد الراحل محمد بوزوبع. وفي ما يتعلق بالتوظيف المباشر، أكد الرميد أنه كان يتعاطف مع حاملي الشواهد المعطلة الذين يحتجون، لكنه راجع موقفه عندما كان في المعارضة وأصبح يرفض الدفاع عما يسمى حقا مكتسبا، معتبرا إياه الباطل الظاهر الذي يجني على المغرب؛ وقال الرميد: «لا للتوظيف المباشر، نعم للمباريات الشفافة والنزيهة»، متسائلا عما إذا كان التوظيف المباشر خدمة للبلاد أم تواطؤا بشكل أو بآخر.