حضر المسرحي الطيب الصديقي إلى مركب سيدي مومن للتنمية البشرية مؤخرا، في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمسرح، وبتزامن مع يوم الأرض، حفل توقيع وتقديم كتاب «الطيب الصديقي..قصة مسرح» لمؤلفه الإعلامي ورئيس جمعية أصدقاء تكادة حسن حبيبي. هذه التظاهرة الإعلامية التي نظمتها جمعية أصدقاء تكادة، بتزامن مع عقد جمعها العام التأسيسي، تأتي في سياق الاحتفاء بالطيب الصديقي باعتباره أحد رموز المسرح المغربي، بمناسبة إصدار أول كتاب عنه يلتقي فيه والمؤلف حسن حبيبي ليرقيا بجنس الاستجواب إلى مصاف المنجز الصحفي المركب، وتقديرا لدورهما البارز في تاريخ المسرح المغربي. الحفل، الذي حضره العديد من شخصيات تنتمي إلى عوالم الفكر والإبداع والإعلام والسياسة، عرف كذلك تقديم شهادات في حق المحتفى به، أجمعت كلها على تثمين التجربة الناجحة للمؤلف وعلى الجرأة الاعلامية التي ميزت مساره وتجربته. وتعاقب على منصة الشهادات كل من عناصر مجموعة تكادة وأعضاء مكتب الجمعية والفنان حسن فلان وبعض الإعلاميين، الذين قدموا شهادات في حق رائد التجربة المسرحية المغربية، مشيدين بخصاله وبتجربته وآرائه وحدائقه الظليلة الخاصة، التي نجحت في ترسيخ مسرح القرب . المخرجة إيمان تداوت أبرزت من خلال شريطها الوثائقي «في الذاكرة» الذي استهل به الحفل، الدور الإيجابي الذي لعبه الصديقي في الفن والحياة منذ حوالي ستة عقود. وسلطت الضوء على كل المنعطفات الكبرى التي عرفتها شخصية الطيب الصديقي من خلال نقل شهادات جل الفنانين المغاربة. بدوره لم يخف حسن حبيبي فرحته بهذه المناسبة، حيث اعتبر أن الكتاب هو جزء من تاريخ تقتسمه الذاكرة المغربية باعتزاز. وأشار محمد بهجاجي في تقديمه لكتاب «الطيب الصديقي..قصة مسرح» إلى أن الصديقي وحسن حبيبي ينصبان عبر المؤلف خشبات ومرايا تحتفي بالذاكرة المسرحية لمغرب السنوات الأولى للاستقلال وصولا إلى مغرب اليوم. وذكر بهجاجي في التقديم بأن حسن حبيبي جعله يتقاسم معه المحبة العميقة لرجل علّم المغاربة أصول الفرجة المفتوحة على التراث والحداثة في نفس الآن، وساهم من موقع الريادة في إثراء المتخيل المسرحي، مضيفا أن أقصى أحلام الطيب الصديقي كانت هي أن يبدع للفنان في المغرب المعاصر وضعا اعتباريا راقيا، ويجعل وطنه في صدارة البلدان المؤهلة لإنتاج فرجة لا تتنازل عن جوهرها ولا ولائها إلا للمسرح أولا وأخيرا. وتميز الحفل بإلقاء مجموعة من القصائد التي أهديت إلى المحتفى به ألقاها أفراد فرقة تكادة شدت روح واهتمام الحاضرين وصفق لها الحضور. ويكتب المؤلف على ظهر غلاف الكتاب «ثلاث عبارات تجعل الإنصات للذاكرة الفنية والشخصية للفنان الطيب الصديقي حدثا ذا امتياز خاص، فالمسار المسرحي للرجل هو نفسه مسار التجربة المسرحية المغربية الحديثة منذ تشكيل بدايتها مع الاستقلال إلى اليوم، وبالتالي فالمنعطفات الكبرى التي عرفتها هذه التجربة كانت تتم في جزء كبير منها، بتفاعل قوي مع المنعطفات الشخصية للطيب الصديقي. ثم إن حياة هذا الاسم الكبير لم تكن خشبة مسرحية مغربية وعربية فحسب، بل هي أيضا حقل الغنى والتنوع، فقد مارس الصديقي السينما والتشكيل والكتابة، وفي كل هذه المجالات كان الصوت العميق للفن هو الناظم والموجه. ومن جهة ثالثة، وعلى المستوى الشخصي، كانت للصديقي مواقف وعلامات لم تكن لتمر دون أن تخلف الصدى والصدى المختلف، لأجل ذلك نفتح في هذا الكتاب، ستار حياة حافلة بالمحطات الإبداعية ونطرق ذاكرة للقراءة والسؤال، ونحن على ثقة بأن الطيب الصديقي الذي مارس الفن والحياة حوالي ستة عقود، يجعلنا مهتمين بالإنصات إلى تجربته وآرائه وحدائقه الظليلة الخاصة».