منذ أسابيع طويلة اختفى رضا الرياحي، لاعب الدفاع الجديدي لكرة القدم عن الأنظار، ولم يعد يجري حتى تداريبه مع الفريق، فمنذ أن انتقد بعض أفراد الجمهور أداءه في إحدى المباريات، فإنه اختار الابتعاد، علما أنه مرتبط بعقد مع الفريق يمتد إلى نهاية الموسم الحالي. الرياحي ليس لاعبا عاديا في تاريخ فريق الدفاع الجديدي، بل إنه واحد من الرموز الكروية بهذه المدينة، واسم له بريقه الخاص في الكرة المغربية، كما أن تاريخه يسبقه، فقد تألق مع الرجاء البيضاوي على أعلى المستويات وأحرز معه مجموعة من الألقاب الإفريقية، وكان واحدا من أفراد الجيل الذهبي الذي شارك مع الرجاء في أول كأس عالم للأندية بالبرازيل قبل 12 سنة. علاقة الرياحي بالدفاع الجديدي ليست مجرد علاقة لاعب بفريقه، بل إنه ما أن يذكر اسم الفريق الجديدي حتى يقفز اسم رضا الرياحي، فهذا اللاعب ساهم بنصيب وافر في عودة هذا الفريق إلى القسم الوطني الأول، فبعد عدة محاولات لم تتوج بالنجاح، عاد رضا إلى فريقه وقاده إلى تحقيق الصعود بعد أن توج هدافا لبطولة القسم الثاني ب18 هدفا، قبل أن يواصل مسيرة ناجحة مع الفريق في القسم الأول. أول أمس الثلاثاء وفي مباراة الدفاع الجديدي والوداد تذكر الجمهور الدكالي لاعبه المميز، ورفع لافتة تذكر بعطائه وبما قدمه للفريق، وهي التفاتة جاءت في الوقت المناسب لترد الاعتبار للاعب أعطى الكثير للفريق الجديدي. اليوم هناك عدم وضوح في علاقة الرياحي بفريق الدفاع الجديدي، يفسرها عدم إجرائه حتى للتداريب رفقة الفريق، والمثير في كل ما يحدث أن اللاعب يرفض الحديث عن حقيقة ما يجري، ويفضل الصمت. وإذا كان من حق الطاقم التقني للفريق أن يختار اللاعبين الذين يرى أنهم الأحق بالمشاركة في المباريات، لأنه هو الذي يتحمل مسؤولية النتائج وهو الذي يواجه غضب الجمهور، فإن من حق الجمهور على الدفاع الجديدي وعلى رضا الرياحي أن يعرف حقيقة ما يجري، وكذا البحث عن نهاية مشرفة لهذا اللاعب مع فريقه وهو الذي يوجد اليوم على أبواب الاعتزال. الرياحي اختار الصمت والابتعاد عن التداريب مقابل أن يواصل الحصول على مستحقاته المالية كاملة، ومسؤولو الفريق الدكالي رأوا في هذا الحل خيارا ملائما، دون أن يدرك رضا أنه بهذا الاختيار وبهذا الصمت يسيء لتاريخه الرياضي، ودون أن يدرك مسؤولو الفريق كيفما كانت خلافاتهم مع اللاعب أنهم بهذه الطريقة يشنون حربا على ذاكرة حية للفريق الدكالي، ويكرسون ثقافة عدم الاعتراف ويغيبون ثقافة التكريم. هذا الموسم هو الأخير لرضا الرياحي مع كرة القدم كممارس، ولم تتبق على نهاية البطولة إلا سبع دورات، لذلك المفروض أن يجلس أعضاء المكتب المسير على طاولة النقاش وأن يبحثوا عن وداع يليق بهذا اللاعب مع ملاعب الكرة، ومن المؤكد أن الفريق لن يجد أفضل من مباراة الجولة الأخيرة أمام الرجاء البيضاوي الذي لعب له الفريق عدة سنوات، لتكون مباراة للاحتفاء بهذا اللاعب وتكريمه وسط جمهوره في مباراة بين فريقين ارتبط بهما اسمه. أسوأ الحروب ليست حرب الحديد والنار، ولكنها حرب الذاكرة.