سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مولاي الحسن بن المهدي..«الخليفة» الذي أرادت إسبانيا أن تنصبه «ملكا» على الشمال والده قام ب«تثقيف» أملاك الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي لكن القبائل لم ترضخ لحكمه واعتبرته «غريبا عن الشعب»
في 27 نونبر 1912، وقّعت فرنساوإسبانيا معاهدة أصبحت بموجبها شمال المغرب، إضافة إلى طرفاية والساقية الحمراء وسيدي إفني، خاضعا لنفوذ «الحماية» الإسبانية. أقرت هذه المعاهدة إحداث منصب «الخليفة» في المنطقة الإسبانية، فكانت «مهام الخليفة تستلزم موافقة الحكومة الإسبانية لإسنادها وإلغائها»، حسب الفقرة الثالثة من الفصل الأول من معاهدة 27 نونبر. وقد قضت الاتفاقية بأن النظام السياسي والقضائي الإداري والمالي والعسكري للمنطقة سيديره، تحت إشراف مقيم عام إسباني، «خليفة» للسلطان، يتم اختياره من بين مرشحين اثنين تقدمهما الحكومة الإسبانية. ويذكر المراقب العسكري الإسباني توماس غارسيا فيغيراس أن أول من تم اقتراحه ليشغل منصب الخليفة السلطاني كان هو الزعيم التاريخي لقبائل جبالة، الشريف الريسوني لكنه رفض ذلك. خليفة السلطان بأمر من الإسبان كان الخليفة مولاي المهدي بن الخليفة مولاي إسماعيل، ابن السلطان سيدي محمد، ابن السلطان مولاي عبد الرحمان هو أول خليفة يعين على المنطقة الإسبانية، بظهير صادر عن السلطان مولاي يوسف. بتاريخ 27 أبريل 1913، حل مولاي المهدي بتطوان رفقة عائلته، حيث استقر في قصر المشور. وقد كان حظ الخليفة منذ البداية عاثرا، فقبائل جبالة كانت قد اجتمعت في ضريح القطب الصوفي مولاي عبد السلام بن مشيش، أسابيع قبل وصوله، وتعاهدت على تنظيم الجهاد ضد «المحتل الغاشم».. وهكذا انطلق «البرّاحة» في الأسواق والمداشر لتعبئة الناس للجهاد. «وقد وقع الإجماع من الشيوخ على أن القبائل الجبلية كلها كانت مصممة على مقاومة الاحتلال الإسباني وأن كل قبيلة أو ناحية تقدم منها للقيادة والرياسة فيها أحد كبار رجالها من المشهورين بالشرف والمروءة والدين أو الرجولة والبطولة وحسن التدبير... وقد كانت الوضعية في أواسط 1913، حسب محمد داوود، في كتابه «تاريخ تطوان»، كما يلي: «الإسبانيون مستقرون بتطوان وضواحيها، بإداراتهم المدنية والعسكرية وجيوشهم الحربية، يستعدون لاحتلال القبائل الجبلية، وأهالي تلك القبائل مرابطون مصممون على رفض ذلك الاحتلال والاستعداد لمقاومة كل هجوم على قبائلهم بالسلاح. وإزاء ذلك، يضيف محمد داوود، رأت الحكومة الخليفية، إما من عندها وإما بأمر صدر إليها من المقيم العام الإسباني، أن تبعث إلى عدد من قبائل المنطقة رسائل تذكرها بالواجب عليها في نظرها وتدعوها إلى القدوم لتُعين لها واليا عليها من بين رجالها». وقد استمرت رسائل الخليفة تدعو القبائل الثائرة إلى الخضوع حتى سنة 1919، حيث سيغير الخليفة مولاي المهدي إستراتيجيته من تحذير القبائل إلى مصادرة محاصيلها وأملاكها».. وبما أن الريسوني قد أظهر في هذه الفترة عداءه للسلطة وأعلن مقاومته لها، فقد أصدرت هذه أمرا بحجز جميع ما يملكه من أموال وأراضٍ ومواشٍ وغير ذلك، وصدر بذلك ظهير خليفي بتاريخ 5 يوليوز 1919»، وعلى نهج والده سيمشي، بعد سبع سنوات من هذا التاريخ، الخليفة مولاي الحسن بن المهدي، حينما سيصدر، سنة 1926، ظهيرا يقضي ب«تثقيف» أملاك الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي وأتباعه. غريب لا علاقة له بالشعب! في سنة 1924، كان محمد بن عبد الكريم الخطابي قد ألحق أشد الهزائم بالجيوش الإسبانية وسلبها عتادها ومواقعها الإستراتيجية، «مما دفع المخزن (الخليفة مولاي المهدي) إلى أن يوجه للقبائل الريفية رسالة في يونيو 1924 لحثها على الخضوع للمخزن وعدم اتباع ثورة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي، مع أسلوب مليء بالتهديد والترغيب والترهيب». بعد ذلك بحوالي عامين، وتحديدا «في فاتح غشت 1926، صدر الظهير الخليفي بتثقيف جميع أملاك الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي، مع المزروعات وغيرها.. متبوعا بظهير آخر بتاريخ 9 أكتوبر 1926، يقضي، بدوره، بتثقيف أملاك أتباع الزعيم المذكور... وفي هذا العام، وبالضبط في 13 يونيو 1927، توجه وفد من قبل المخزن (أي الحكومة الخليفية) برئاسة القايد إدريس الريفي، مصحوبا بهدية وذبائح، لضريح الولي الأكبر مولانا عبد السلام بن مشيش، محمّلين برسالة شفهية من جانب المخزن بالتعهد بالأمان والصفح عن كل ما صدر وكان، حيث إنه إذا أنابوا إلى الطاعة وسلكوا مسلك الجماعة، فإن عفو المخزن يعُمّهم وصفحه يشمل سائر جناياتهم، عهدا عاما منه ومن الجنرال المقيم العام، حيث لا تخفر لهم ذمة ولا يهتك لهم جاه ولا حرمة»، حسب ما ورد في «تاريخ تطوان» لمحمد داوود. أما ماريا روسا دي مادارياغا فتذهب إلى أنه «عندما اندلعت المقاومة العسكرية في المغرب، وضعت السلطات الإسبانية الخليفة أمام الأمر الواقع ولم يسعه إلا تنفيذ كل أوامرها. ولم تكن المناسبات التي كان فيها الخليفة يُعبّر عن «دعمه اللا مشروط لفرانكو» بالقليلة. كما تعددت الحملات في القبائل، تحث المغاربة على الانخراط في عملية الجهاد إلى جانب الاسبان ضد «الملحدين»، فكان الخليفة يتحرك داخل مجال الحماية أو في إسبانيا، كالدمية، لا حول له ولا قوة. وتتابع ماريا روسا: «لم يختلف الابن، مولاي الحسن، عن أبيه، حيث غابت لديه الشخصية، كما غابت المبادرة ولم يَستحقَّ لقب خليفة إلا لانتمائه إلى عائلة السلطان. ولم يكونا بالنسبة إلى أهالي القبائل إلا شخصين غريبين لا علاقة لهما بالشعب». مراهق في قصر الخلافة في 24 اكتوبر 1923، توفي الخليفة مولاي المهدي في سبتة. ولما كانت معاهدة 27 نونبر 1912 بين إسبانياوفرنسا تنص على أنه في حالة وفاة الخليفة السلطاني تسند مهامه، مؤقتا، إلى باشا تطوان، فقد تم تعيين الباشا محمد الحاج خليفة بالنيابة من تاريخ وفاة مولاي المهدي إلى حين تنصيب ابنه مولاي الحسن في 8 نونبر 1925. ولد الأمير مولاي الحسن بلمهدي العلوي سنة 1911 في فاس وانتقل، رفقة والده، إلى تطوان وهو ما يزال رضيعا، وفي تطوان نشأ وتعلم في مدارسها العربية والإسبانية. وفي سن الرابعة عشرة من عمره، أعلن مولاي الحسن خليفة للسلطان في المنطقة الخليفية الإسبانية، وهو المنصب الذي شغله لمدة 31 سنة، إلى حين حصول المغرب على استقلاله، سنة 1956».
«السلطان» مولاي الحسن! «كان الخليفة السلطاني في منطقة الحماية الإسبانية يتمتع بكل الصلاحيات التي كان يتمتع بها السلطان في المنطقة الخاضعة للحماية الفرنسية، فالفقرة الرابعة من الفصل الأول من المعاهدة الفرنسية -الإسبانية كانت تنص صراحة على أن الخليفة يتمتع بتفويض عام شامل من السلطان ما دام ذلك يتفق ومصلحة إسبانيا... كما كان الخليفة السلطاني في تطوان يملك حق التشريع بنفس الصفة التي كان يتمتع بها السلطان في منطقة الحماية الفرنسية»، يؤكد المؤرخ محمد بن عزوز حكيم، في كتابه «أب الحركة الوطنية الحاج عبد السلام بنونة»، ويضيف أن «الدعاء للسلطان في خطبة الجمعة كان يشفع بالدعاء للخليفة». وإذا كان هذا كله مضمنا علنا في اتفاقية 1912، فإن مياهاً أخرى كنت تجري عبر قنوات سرية. إذ تقول بعض الوثائق السرية، حسب ابن عزوز حكيم، إن «إسبانيا فكرت، سنة 1953 في الإعلان عن الخليفة السلطاني ملكا على منطقة الشمال». وتؤكد هذا الرأيَ بعض الوقائع التي جاءت بها المؤرخة الإسبانية ماريا روسا دي مادارياغا، في كتابها «مغاربة في خدمة فرانكو»، فقد سبق لباشا العرائش، خالد الريسوني، الذي لم يكن، للمفارقة، غير ابن الزعيم التاريخي لقبائل جبالة الشريف الريسوني، أن صرّح بعد، أن تم تعيينه، في مارس 1937، رئيسا شرفيا لجيش الكتائب، المعروف ب» الفلانخي»، قائلا: «مسلمين وإسباناً نقاتل كلنا من أجل قضية واحدة في سبيل الله... عاش الجنرال فرانكو، عاش السلطان مولاي الحسن». وفي واقعة مماثلة، سيصرح المراقب العسكري الإسباني غارسيا فيغيراس، في إحدى خطبه، قائلا: «سنقاتل حتى النصر مرددين: عاش المغرب، عاش سلطاننا مولاي الحسن».
إعداد - سليمان الريسوني يوم 7 يونيو 1894، توفي الحسن الأول، «السلطان الذي كان عرشه فوق فرسه».. وبموته، سقط العرش، شيئا فشيئا، من فوق صهوة الفرس، لتهرول إليه ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، قبل أن تتلقفه أيادي الفرنسيين والإسبان. كان الحسن الأول قد اتّعض بمصير الجارة الجزائر التي تم احتلالها سنة 1830، بعد «حادثة المروحة»، التي قذفها حاكم الجزائر، الداي الحسين، في وجه القنصل الفرنسي، بعدما جاء الأخير يطالبه بتسديد دين ب20 مليون فرنك فرنسي، فوجدها ملك فرنسا، شارل العاشر، مبررا لاحتلال الجزائر.. وضع الحسن الأول نصب عينيه، أيضا، مصير تونس، التي ستحتلها فرنسا سنة 1880، إثر محاصرة قصر حاكمها، محمد الصادق باي، بعد إغراقه بالديون، لذلك اتبع سلطان المغرب سياسة مالية قوامها التقشف، وهو ما أجّل احتلال المغرب لمدة 18 سنة بعد وفاته. ورث الحسن الأول مغربا مثقلا بالمشاكل، السياسية والاقتصادية، المترتبة عن انهزام المغرب أمام فرنسا في معركة إيسلي سنة 1844، وحرب تطوان أمام إسبانيا سنة 1859، وإكراهات سياسة التبادل الحر، التي فرضتها بريطانيا في اتفاقية 1856، وتداعيات ضريبة الترتيب، التي ألّبت الرعايا المغاربة والمحميين والمقيمين الأجانب على المخزن.. وكلها عوامل كانت تؤشر على أن مصير المغرب لن يختلف، إنْ آجلا أو عاجلا، عن مصير الجزائروتونس. في سنة 1880 وقّع الحسن الأول، شخصيا، على الاتفاقية الصادرة عن مؤتمر مدريد، والتي نصّت على «إقرار المغرب بحق الملكية للأجانب المقيمين فيه وإعفاء المغاربة المتمتعين بحماية الدول الأجنبية من كل الضرائب والرسوم وتمكين القناصل من مرافقين ومترجمين». ورغم أن الحسن الأول صادق على كل تلك البنود، الماسة بالسيادة المغربية، فإنه، في المقابل، حال دون تنفيذ رغبة الدول المشاركة في هذا المؤتمر في جره إلى توقيع اتفاقية حماية في نفس السنة التي استُعمِرت فيها تونس: 1880. توفي الحسن الأول وتولى الحكم بعده ابنه مولاي عبد العزيز، وكان طفلا لم يتجاوز سنه ال14 سنة، في سياق قيل إنه من ترتيب أم مولاي عبد العزيز، رقية الشركسية، والحاجب أحمد بن موسى (بّاحماد).. اتسم عهد مولاي عبد العزيز بالتمردات والثورات، أشهرها تمرد الجيلالي الزرهوني «بوحمارة» وثورتا الشريف الريسوني في الشمال، وماء العينين في الجنوب. وقد استغلت فرنسا صغر سن السلطان وانبهاره بالمخترعات والألعاب الأوربية وضعف مالية الدولة، بفعل العوامل الطبيعية والخسائر التي ألحقها بوحمارة بالجيوش والمَرافق، لتبدأ تخطيطها للسيطرة على المغرب.. بدأ تربص فرنسا بمولاي عبد العزيز بعد وفاة الصدر الأعظم (بّاحماد) سنة 1900، بدفعه إلى تغيير النظام المالي للدولة واعتماد ضريبة «الترتيب»، التي فشل الحسن الأول في تطبيقها. فبعدما كان النظام المالي حتى ذلك الحين يعتمد على الزكاة وأخذ العُشُر من الحبوب، سيقترح الفرنسيون على مولاي عبد العزيز منحه قروضا للخروج من الأزمة المالية، على أساس أن يقوم بفرض ضرائب على المواشي والبهائم والأراضي الزراعية والمعاملات التجارية والاستيرادات الخارجية، إلا أن الكارثة التي لحقت بمالية الدولة من خلال اعتماد النظام الضريبي الغربي تصدق للتمثيل عليها قصة الغراب، الذي قلّد مشية الحمامة فأضاع مشيته.. فقد أصبحت الدولة عاجزة عن تحصيل الزكاة والضرائب معاً، بعد اختلال الأمن واستفحال التمردات.. عن هذه المرحلة كتب المؤرخ محمد تقي الدين الهلالي قائلا: «كانت الدولة عاجزة عن أخذ الضرائب القديمة والجديدة على السواء، بسبب اختلال الأمن في كل مكان وعجز الجيش المغربي عن إخماد الثورات وتعميم الأمن فكان الفرنسيون وغيرهم من الأوربيين إذا قتل الثوار أو اللصوص واحدا منهم طلبوا وزارة المالية المغربية بدِيَّة فادحة ثقيلة ومقصودهم إفقار الدولة المغربية لتشتد حاجتها إلى المال ثم يعرضوا عليها المساعدة المالية ويتولوا هم بأنفسهم جباية المكوس في المراسي، وتلك وسيلة بل ذريعة من ذرائع المستعمرين، فهذه الأسباب وهي اختلال الأمن وفقر الدولة وعجز جيشها بسبب الهزائم التي أصيب بها من الثورات يضاف إلى ذلك تنافس دول الاستعمار على استعمار المغرب الخصيب ثم تصالحهم على أن يسمح لإيطاليا بالاستيلاء على ليبيا ويسمح لبريطانيا بالاستيلاء على مصر، وتقتسم فرنساوإسبانيا الأراضي المغربية فتستولي إسبانيا على الجهة الموالية لأرضها وهي الشمال وتجعل طنجة ونواحيها دولية وتستولي فرنسا على بقية أراضي المغرب». توالت الأحداث متسارعة، ففي سنة 1906، ستعقد عدد من الدول الأوربية مؤتمر «الخزيرات» (الجزيرة الخضراء)، والذي سيمنح الأجانب المقيمين في المغرب امتيازات إضافية، من قبيل حرية تملك الأراضي ومراقبة الجمارك المغربية. سيليها احتلال فرنسا مدينتي وجدةوالدارالبيضاء، في مطلع سنة 1907. أمام هذه التطورات الخطيرة، سيقوم علماء مراكش، يوم 16 غشت من نفس السنة (1907)، بخلع بيعتهم للسلطان ومبايعة أخيه مولاي عبد الحفيظ، وهو ما رفضه علماء فاس بداية واعتبروه «خروجا عن الإمام» وأصبحوا ينادون مولاي عبد الحفيظ ، استهزاء، «مولاي حفيد»، وهو ما تسببَ أيضا في نشوب مواجهات بين قوات الأخوين /العدوين، في منطقة وادي تكاوت، الشيء الذي استغله المستفيدون من البلاط العزيزي، ليطالبوا فرنسا باستعمار المغرب، قبل خمس سنوات من معاهدة 1912، «ولولا الانقلاب الحفيظي، الذي تم ببيعة أهل مراكش، لكان المغرب سيُحتل عسكريا وبطلب رسمي من وزير الخارجية عبد الكريم بن سليمان، الذي طلب ذلك رسميا حين كتب إلى فرنسا، بتاريخ 8 غشت 1907، وباسم عبد العزيز دون علمه، طالبا رسميا من فرنسا التدخل المباشر ضد عبد الحفيظ، لإعادة الأمن والسلام إلى البلاد وتحسين حالة الجيش ووضع نظام للمالية»، يؤكد عبد الكريم الفيلالي في كتابه «التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير»، مضيفا: «وقد أثار هذا الطلب، الذي يدلّ على التنازل فوق ما يتمناه الفرنسيون، كل غضب في الداخل والخارج، خصوصا ألمانيا، التي كانت تنتظر الاعتراف بعبد الحفيظ بقلق كاد يدفعها إلى التصريح به قبل الطلب، وإذا كان بيشو، وزير خارجية فرنسا، قد استدل بالتنازل الذي تبرع به عبد الكريم بن سليمان، فإنه في الحقيقة تلقى تقريرا من المفوضية الفرنسية ينفي عن عبد العزيز ما افتراه عليه الخائن الدساس ابن سليمان، ومثله كان تقرير المفوضية الألمانية». لم يكن وزير خارجية مولاي عبد العزيز، عبد الكريم بن سليمان، الوحيد الذي حرّض فرنسا على الإسراع إلى استعمار المغرب، بل لقد «قام كاباص «محمد الجباص» بأفظع مما قام به ابن سليمان حين عمل ما في وسعه فعله كي يجرّ العسكريين إلى احتلال المغرب بالقوة حين قال للكومندان المشرف على البوليس في طنجة: إذا تدخلت فرنسا ضد المولى عبد الحفيظ، تستطيع أن تفعل في هذا البلد ما تشاء تحت ستار السلطان (مولاي عبد العزيز) المستعد لقبول كل شيء». مولاي عبد الحفيظ.. من سلطان الجهاد إلى سلطان فرنسا كانت بيعة مولاي عبد الحفيظ بيعة استثنائية في تاريخ الدولة المغربية، تؤشر على أن المملكة الشريفة في طريقها إلى أن تصبح دولة مؤسسات، لذلك جاءت البيعة الحفيظية «بيعة مشروطة» ومقيَّدة بعدد من الالتزامات، ابتدأت بإدانة حكم أخيه المولى عبد العزيز، الذي عمل على «موالاة الكافرين ونبذِ شروط الكتاب والسنة وفساد مصالح الأمة وإسناد أمور الدين إلى الجهلة ونبذ الزكاة، لفظا ومعنى وحكما، وتبديلها بقانون الكفرة ونهب الأموال وسفك الدماء وتسليم وجدة والاستيلاء على الدارالبيضاء». ركّزت «البيعة المشروطة» على تقييد السلطان الجديد مولاي عبد الحفيظ بستة شروط، هي «أولا: أن يعمل جهده في استرجاع الجهات المُقتطَعة من الحدود المغربية. ثانيا: أن يبادر إلى طرد الجنس المحتل من الأماكن التي احتلها. ثالثا: أن يسعى جهده في إلغاء معاهدة الجزيرة، لأنه لم يرجع فيها إلى الشعب. رابعا: أن يعمل على إلغاء الامتيازات الأجنبية. خامسا: ألا يستشير الأجانب في شؤون الأمة، سادسا: ألا يبرم مع الأجانب عقودا سلمية أو تجارية إلا بعد استشارة الأمة». لم يستطع المولى عبد الحفيظ، الذي أطلق عليه بداية «سلطان الجهاد»، الالتزام بالشروط التي بويع عليها، بفعل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الذي تراكمت على المغرب منذ عهد السلطان مولاي عبد الرحمان. فأمام اشتداد المنافسة على وضع اليد على المغرب بين فرنساوألمانيا، حيث ستلجأ هذه الأخيرة، سنة 1911، إلى محاصرة ميناء أكادير ببارجة «بانتير» الحربية، مهددة بقصف المدينة، تسارع فرنسا إلى التنازل لها عن جزء من الكونغو مقابل تخلي ألمانيا عن طموحها في احتلال المغرب. كما وجد مولاي عبد الحفيظ نفسه مُطوّقاً بطموحات إخوته، مولاي امحمد ومولاي الكبير ومولاي زين العابدين، في الاستيلاء على الحكم، بعدما استنفر كل منهم عددا من القبائل للتربص بشقيقهم، طمعا في خلافته. وإضافة إلى هذا وذاك، لم يصمد «سلطان الجهاد» أمام الإغراءات التي كانت فرنسا تفردها أمامه مقابل تنفيذ قراراتها وتدليل الصعاب أمام طموحاتها الاستعمارية. فجأة، سيجد مولاي عبد الحفيظ نفسه في صراع مع العلماء والوجهاء والتجار، الذين كانوا قد بايعوه على الشروط سالفة الذكر، وعوض أن يدخل معهم في حوار، سيصل حنقه عليهم إلى درجة اعتقال محرر «البيعة المشروطة»، محمد بن عبد الكبير الكتاني، رفقة والده الشيخ عبد الكبير وأخيه عبد الحي، وسيودعهم سجن «أبي الخصيصات» في فاس، ثم سيأمر بجلد محرر البيعة المشروطة، عبد الكبير الكتاني، 200 جلدة، حيث توفى تحت السياط، ليأمر السلطان مولاي عبدا لحفيظ برمي جثته للضباع والوحوش، حسب بعض الروايات، وهذا ما سيترك كبير الأثر في نفس أخيه عبد الحي الكتاني، الذي سيتواطأ، لاحقا، مع الإدارة الفرنسية لنفي محمد الخامس واستبداله ب«السلطان الدمية» محمد بنعرفة. في 30 مارس من سنة 1912، سيوقع السلطان مولاي عبد الحفيظ في فاس على معاهدة الحماية، مقابل حصوله على مبلغ 500 ألف فرنك فرنسي، سيتعهد السفير الفرنسي بإيداعها في حسابه الخاص في البنك المخزني. ولتبرير موقفه، سيكتب مولاي عبد الحفيظ قصيدة طويلة يقول في مطلعها: «هل آمر بالقتال وجل قومي.. يرى أن الحماية فرض عين؟». التنافس «التركي» الفرنسي على المغرب بعد توقيع اتفاقية مدريد سنة 1880، والتي صادفت احتلال فرنسالتونس (العثمانية) سيفكر السلطان الحسن الأول في فتح نافذة على الإمبراطورية العثمانية، لخلق نوع من التوازن مع الدول الأوربية التي كانت تسابق الزمن في تنافس مع بعضها البعض لاحتلال المغرب، هكذا سيبعث السلطان المغربي العربي بريشة سنة 1882 سفيرا إلى إسطنبول. «وقد استُقبِل سفير المغرب بحفاوة بالغة من قِبَل السلطان عبد الحميد الثاني، وكان موضوع السفارة الأساسي هو «الاتحاد الإسلامي»، فيما كان موضوع السفارة الثانية في العام نفسه، برئاسة الشيخ إبراهيم السنوسي، هو العمل على تبادل التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين. وقد استجاب السلطان العثماني وحكومته لهذا المطلب المغربي، وعليه رشحت حكومة المغرب الشيخ السنوسي ليكون سفيرها في العاصمة العثمانية، كما رشحت الحكومة العثمانية الأمير محي الدين بن الأمير عبد القادر الجزائري ليكون سفيرها في العاصمة الدبلوماسية للمغرب (طنجة). ورغم هذا التوجه بين الجانبين، فإن تبادل التمثيل الدبلوماسي لم يتم بسبب تدخل قناصل الدول الأوربية في طنجة وبدفع فرنسي»، يؤكد محمد علي داهش في كتابه «الموقف الفرنسي من محاولات التقارب المغربي العثماني». ولعل اختيار العثمانيين ابن الأمير عبد القادر، الذي حارب فرنسا في الجزائر، زاد من سخط فرنسا على سياسة التقارب المغربي التركي، فقد قام ممثل الحكومة الفرنسية في طنجة بتحريض المبعوثين الدبلوماسيين الأوربيين على عدم الاعتراف بالصفة الرسمية للمبعوث العثماني، الشيء الذي اضطر معه السلطان الحسن الأول إلى تأجيل تبادل التمثيل الدبلوماسي حتى تسنح الفرصة. كانت مطامح فرنسا في الاستيلاء على المغرب، بالطريقة التي حدثت في تونس، غير خافية على الأوربيين، خصوصا بعد مؤتمر مدريد (1880). إلا أن واقع الحال وخفايا السياسة الدولية كانا يؤشران على أن هناك صراع مصالح عميق بين هذه الدول، يحول دون انجرارها وراء الموقف الفرنسي، وعليه كان الموقف الإيطالي والألماني والإسباني والبريطاني، على النقيض من الموقف الفرنسي، مؤيدا خطوات التقارب العثماني- المغربي. من هذا المنطلق، صرح وزير الخارجية الإيطالي، سكوفاسو، للسفير الإيطالي في مدريد قائلاً: «يمكنني أن أستفسر ما إذا كان السلطان مستعدا لبعث سفير إلى اسطنبول.. ففي اعتقادي أنها سياسة حكيمة تلك التي تعمل على تقريب القوتين الإسلاميتين، ذلك التقارب الذي من شأنه أن يحول دون سقوط المغرب تحت الحماية الفرنسية، على غرار تونس». وقد ظل وزير الخارجية الإيطالي سكوفاسو حريصاً على إرسال سفير مغربي إلى العاصمة العثمانية، حيث أكد ذلك للسلطان المغربي في مدينة مراكش منتصف عام 1882، فوعده الأخير بأنه سيبعث سفيرا إلى إسطنبول بمجرد عودته من مهمته في منطقة سوس جنوب المغرب. ولم يكن الموقف الإيطالي إلا تعبيرا عن امتعاض الحكومة الإيطالية من احتلال فرنسالتونس، التي كانت تتطلع لاحتلالها. وكان الموقف الألماني مشابهاً للموقف الإيطالي، إذ اعتبر ممثل ألمانيا «تستا»، الذي كان موظفا كبيرا في السفارة الألمانية في إسطنبول، أن التقارب العثماني -المغربي من شأنه أن يجلب متعاونين عثمانيين يضعون حدا للمؤسسات الفرنسية. في هذا الإطار، سيعمل «المستشار الحديدي» الألماني بيسمارك على نقل تستا، الخبير في العلاقات العثمانية –العلوية، إلى طنجة، وسيعينه قنصلاً لألمانيا في المغرب. وكان أول ما قام به تستا هو أن نصح حكومة بلاده بدعم التقارب بين الدولتين المغربية والعثمانية، مؤكدا أن ألمانيا يمكن أن تقوم بإدخال الإصلاحات إلى المغرب عن طريق خبراء من الدولة العثمانية وأن يكون هؤلاء الخبراء قد تم تكوينهم على أيدي الألمان، لأن المخزن المغربي -على حد قوله- كان يخشى من ازدياد نفوذ الأوربيين في البلاد، وخاصة في الجيش، وأن من السهل عليهم قبول مدربين عرب وأتراك أكثر من قبولهم بعثات عسكرية أوربية.. وكان ذلك يعني إبعاد الفرنسيين عن المراكز والمسؤوليات المهمة في البلاد، وخاصة في الجيش المغربي»، يؤكد محمد علي داهش. واستمرت العلاقة الودية بين المغرب والحكام الأتراك برعاية ألمانية واضحة الأهداف، ففي يوليو من عام 1886، أرسل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني علي بك مندوباً خاصاً إلى طنجة، وكان مكلفاً بمهمة سرية، إلى السلطان المغربي الحسن الأول. «كانت مهمة الموفد العثماني تهدف إلى اقتراح إرسال بعثة عسكرية عثمانية لإعادة تنظيم الجيش المغربي وتدريبه تمهيداً لإخراج البعثة العسكرية الفرنسية التي فرضتها قرارات مؤتمر مدريد، والتي أجبر السلطان على اعتمادها تحت ضغط الدول الأوربية لتنفيذ برنامج الإصلاحات، كما تضمنت مهمة علي بك العمل على إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين الإسلاميين»، يقول جلال يحيى، في كتابه «المغرب العربي الحديث والمعاصر». في هذه الأثناء، ستفطن فرنسا إلى طبيعة المساعي العثمانية التي تروم إبعادها عن المغرب، حيث سترسل مبعوثا إلى السلطان الحسن الأول، هو الوزير المفوّض شارل فيرو، الذي استطاع التأثير على السلطان، «عن طريق تحريك شخصيات مخزنية عديدة، أمثال أحمد بن سودة، وهو أحد المقربين من السلطان الحسن الأول، للوقوف ضد الاقتراح العثماني. وعليه رفض السلطان المغربي اقتراح الموفد العثماني وعاد علي بك، في أكتوبر 1886، دون أن يسمح له السلطان بمقابلته. وعاد فيرو إلى مدينة مراكش ثانية وقابل السلطان المغربي في شهر نونبر، ولم يغادرها إلا بعد أن طمأنه السلطان الحسن الأول إلى أنه لن تكون له مع الدولة العثمانية أي رابطة» يؤكد محمد العربي معريش، في كتابه « لمغرب الأقصى في عهد السلطان الحسن الأول». «المشروطة» توصي بآل عثمان دخلت العلاقة العثمانية -المغربية في حالة أقرب إلى الجمود، خلال ما تبقى من حكم الحسن الأول والمولى عبد العزيز، ولم تعرف انتعاشا إلا بعد مبايعة المولى عبد الحفيظ، الذي اشترط عليه مبايعوه إعادة التحالف مع الدولة العثمانية وقطع العلاقة بكل الدول الأوربية، ومن جملة ما جاء نص عقد البيعة أنه «إن دعت الضرورة في دفع الأذى عن الأمة إلى اتحاد أو تعاضد مع القوى الإسلامية، فليكن مع إخواننا المسلمين كآل عثمان»، هكذا سيرسل السلطان الجديد، غداة تنصيبه، العربي بريشة سفيرا إلى إسطنبول، وانطلاقاً من هذه الدعوة ستشهد العلاقات المغربية -العثمانية تطورات إيجابية وعملية مكّنت السلطان المغربي من إقامة علاقات سياسية وعسكرية مع الدولة العثمانية، توجت سنة 1909 بإرسال بعثة عسكرية عثمانية إلى المغرب، مشكلة من 11 ضابطا يترأسهم جمال بك الغزي. وقد كان المغرب خلال زيارة هذه البعثة يغلي تحت نار التمرد والثورات، لذلك تم الاتفاق بين المغرب والعثمانيين على «إرسال وكلاء لحث القبائل المغربية على الجهاد وتأسيس صحيفة عربية -ألمانية، والتحضير لانتفاضة واسعة ضد الفرنسيين، الذين طغى نفوذهم في البلاد عام 1911، قبل أن يتمكنوا من فرض سيطرتهم على المغرب. وكانت المرحلة الثالثة تتمثل في إثارة مقاومة واسعة ضد القوات الفرنسية، التي طوّقت العاصمة فاس منذ ماي 1911، إلا أن الهيمنة الفرنسية على أهم النقط الإستراتيجية في المغرب وتفاقم التمردات وخروج ثلاثة من إخوة مولاي عبد الحفيظ ضده وثورة الشريف الريسوني في الشمال.. كلها عوامل ساهمت، بشكل أو بآخر، في استتباب الأمور للوجود الفرنسي، الذي استغل عوامل التفرقة والضعف ليبسط سيطرته شبه المطلقة على المغرب، والتي ستنتهي بإرغام مولاي عبد الحفيظ على توقيع معاهدة الحماية في فاس يوم 30 مارس 1912. «مع ذلك، فإن محاولات العثمانيين لكسر النفوذ الفرنسي في المغرب استمرت حتى اللحظات الأخيرة من توقيع معاهدة الحماية. ففي أواخر عام 1911، كشفت الاستخبارات الفرنسية عن وجود تنظيم سري مغربي بمشاركة عدد من المصريين، يقوده عارف طه الوكيل، المدعوم من العثمانيين عن طريق خديوي مصر، وكان هدف التنظيم العمل على تحرير المغرب العربي ككل، وقد دُعم التنظيم السري مالياً من خلال مصرف الشرق الأوسط الألماني في مصر، ومن خلال رئيسه سنجر، وكانت لهذا التنظيم السري اتصالات وثيقة مع الطلبة المغاربة الدارسين في الأزهر الذين كانوا ينتقلون بين المغرب ومصر»، يقول جمال هاشم الذويب في كتابه «التطورات السياسية الداخلية في المغرب الأقصى».
نص معاهدة الحماية الفرنسية كما وقعها السلطان مولاي عبد الحفيظ يوم السبت 30 مارس 1912 اتفقت حكومة الجمهورية الفرنسية وحكومة صاحب الجلالة السلطان الشريف على تطبيق نظام جديد لضمان الاستقرار الداخلي والأمن العام، لإدخال الإصلاحات التي ستمكّن المغرب من إنجاح تنميته الاقتصادية، عبر تطبيق البنود التالية: الفصل الأول: حكومة الجمهورية الفرنسية اتفقت مع حكومة السلطان الشريف على الإصلاحات الإدارية والقضائية والتربوية والاقتصادية والمالية والعسكرية التي تعتبرها الحكومة الفرنسية نافعة لتطبيقها في المغرب. الفصل الثاني: صاحب الجلالة الشريفة السلطان يعترف من الآن للحكومة الفرنسية بعد مشاورتها للسلطات المخزنية بالحق في انتشار قواتها العسكرية على التراب المغربي، كما يعتبرها مهمة للحفاظ على أمن وسلامة المبادلات التجارية وتدبير الشؤون الأمنية على البر وفي المياه المغربية. الفصل الثالث: تتعهد حكومة الجمهورية الفرنسية بمساندة صاحب الجلالة الشريفة ضد كل خطر يمس شخصه الشريف أو عرشه أو ما يعرض أمن بلاده للخطر. المساندة تشمل أيضا ولي عهده وسلالته. الفصل الرابع: القرارات التي سيطبقها نظام الحماية يصادق عليها السلطان الشريف باقتراح من الحكومة الفرنسية أو من مفوضيها. هذا يشمل القوانين الجديدة والتعديلات على القوانين الجارية على السواء. الفصل الخامس: يمثل المفوض المقيم العام الحكومة الفرنسية لدى السلطان الشريف، وللمقيم العام كامل الصلاحيات لتطبيق مقتضيات معاهدة الحماية. المقيم العام هو الوسيط الوحيد بين السلطان والممثلين الدبلوماسيين الأجانب، كما له كل الصلاحيات في ما يخص الأجانب المقيمين في المملكة الشريفة. الفصل السادس: المنتدبون الدبلوماسيون والقنصلين الفرنسيون يمثلون الرعايا المغاربة ويدافعون عن المصالح المغربية في الخارج. لا يمكن لصاحب الجلالة الشريفة توقيع أي معاهدة دولية بدون موافقة حكومة الجمهورية الفرنسية. الفصل السابع: تتعاهد كل من حكومتي الجمهورية الفرنسية والسلطان الشريف على تطبيق الاتفاق المشترك للإصلاح المالي الضروري لضمان مصالح الدائنين للخزينة الشريفة وكذا للمحافظة على عائدات الخزينة. الفصل الثامن: يتعهد صاحب الجلالة السلطان الشريف بألا يقترض لنفسه أو لغيره مالا عاما أو خاصا دون موافقة الحكومة الفرنسية. الفصل التاسع: تصادق على هذه المعاهدة حكومة الجمهورية الفرنسية وستبعث بها لإلى السلطان الشريف في أسرع وقت ممكن.