لحسن حظ البسطاء من عموم المواطنين أن عيد الشعر والمسرح لا يستلزم الحلويات والوجبات الدسمة والمصاريف الزائدة والألبسة الجديدة.. يمكن اعتبار شهر مارس «شهر الأعياد» بامتياز، بدءا بعيد المرأة ثم عيد الشعر، ثم المسرح، فعيد الأم.. وهي مناسبة أقول للأم فينا كل عام وأنتن بألف خير. لحسن حظ البسطاء من عموم المواطنين أن عيد الشعر والمسرح لا يستلزم الحلويات والوجبات الدسمة والمصاريف الزائدة والألبسة الجديدة للأبناء، أسوة بأعيادنا الدينية. لحسن الحظ أن الشعر ما يزال يستوطن الرفوف وصدور عشاقه وأمسيات رواده ونكران قبيلته بعض أبنائها، وإلا لكانت تكلفته باهظة، ماديا ومعنويا. بالأمس القريب، وبالضبط قبل أيام على الاحتفال باليوم العالمي للشعر، التقيت صديقا شاعرا يحمل الخبز وبعض حبات البطاطس والطماطم، وكنت بدوري أحمل الخبز والدواء. لم أسأله ولم يسألني، لم أبارك له العيد وكذلك لم يفعل.. فقط لأن اليومي والمرض لا يحتفلان، وقبيلة الشعر المغربية ترفض أن يكون أحد أبنائها بئيسا أو عليلا، لأنه حتما لن يستطيع ممارسة طقوس الاحتفالات الباذخة بحلول عيد الشعر، الذي تفخر قبيلة الشعر المغربية بكونها الداعية إليه والمؤسسة له كتقليد سنوي.. هذه القبيلة، التي تترامى أطراف حدودها وتمتزج، لا يحدها جدار أو سقف، كما لا تحدها القوافي أو التفعيلات أو القوالب الجاهزة.. هي منفتحة ومنغلقة في الوقت ذاته. وأسأل، في ختام هذه المعايدة الموجهة لكل شعراء العالم: كيف يحتفل باقي الشعراء المغاربة خارج مضارب القبيلة؟..! يأتيك الجواب عبر طقوس أخرى لا علاقة لها بالكلمة أو بالصورة الشعرية أو بالمجاز أو بالتحايل على اللغة، بل عبر ملامح اليومي، الذي ينتهي في البال بكؤوس معدودة تعيد البهجة مؤقتا. وفي الصباح، يكون النسيان -طبعا- فالقلب الكبير لا يحافي، أهله وكلما اكتوى الشاعر كان أكثر شعرية، وربما هو السبب الذي يدفع قبيلتنا إلى أن تكويّنا بنار السهو والنسيان، حتى تصنع منا لحظة منفلتة في زمن الشعر، وربما تعودوا علينا نحن شعراء الصحافة أن نكون مهنيين أكثر منا مبدعين.. ربما، من يدري، المهم أن نجد لهم العذر، فهم أهلنا.