انتقدت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير لها معاملة إسبانيا غير المقبولة للمهاجرين القاصرين المغاربة وغير المرفوقين، كما نددت بإصرار السلطات الإسبانية على ترحيلهم إلى المغرب، «مما يعرضهم للخطر». ودعت هيومان رايتس في تقريرها الصادر يوم الجمعة الماضي، إسبانيا إلى «التوقف عن عمليات إعادة القاصرين غير المرفوقين دون تقديم المساعدة القانونية لهم وغيرها من الضمانات الحقوقية». وأشارت المنظمة الدولية في تقريرها المنجز في 25 صفحة إلى أن إصرار إسبانيا على إعادة المهاجرين القاصرين غير الشرعيين «يمكن أن يعرض سلامتهم للخطر»، كما ندد «بالمعاملة المهينة التي يتعرضون لها أثناء إلقاء القبض عليهم»، تقول هيومان رايتس. وطالبت هيومان رايتس الحكومة الإسبانية بوقف عمليات الإعادة والترحيل حتى تحصل على ضمانات تكفل سلامة القاصر، كتدبير فوري، مع منحه الحق في تمثيله بدفاع مستقل، كما هو عليه الأمر بالنسبة إلى المهاجرين الراشدين غير الشرعيين الموجودين فوق ترابها. ويستدل التقرير، الذي صدر تحت عنوان «العودة بأي ثمن: إسبانيا تصر على ترحيل القاصرين غير المرفوقين إلى بلدانهم دون ضمانات»، بنماذج من حكومة الأندلس، وهي المنطقة التي كثيرا ما يتوجه إليها القاصرون المغاربة، حيث يقول التقرير إن «حكومة الأندلس تعتزم ترحيل وطرد 1000 قاصر مغربي إلى بلدهم»، وهم من ضمن القاصرين الموجودين ضمن مراكز الإيواء المخصصة لهم. ورغم زعم حكومة الأندلس أن ترحيل القاصرين يحظى بكل الضمانات القانونية، إلا أن هيومان رايتس تؤكد أن كلا من المسؤولين وممثلي الحكومة الأندلسية لم يتمكنا من توضيح الكيفية التي قررت فيها ترحيل القاصرين المغاربة، وعما إذا كان ذلك إجراء لمصلحتهم وفقا لما يقتضيه القانون، وليس الاعتماد فقط على موافقة الحكومة المغربية على عودة المهاجرين القاصرين غير الشرعيين التي ليست ضمانة كافية لرعايتهم بعد الترحيل». وتقول الباحثة في شؤون حقوق الطفل بأوربا، سيمون ترويير، إن «إسبانيا تعرض سلامة هؤلاء الأطفال للخطر»، متسائلة في التقرير ذاته: لماذا يحرم هؤلاء القاصرون من ضمان حقهم في دفاع مستقل، كما هو عليه الشأن بالنسبة إلى المهاجرين الراشدين؟». ومثلت إسبانيا يوم أمس الاثنين أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لاستعراض ومراجعة مدى تطبيقها للمواثيق والعهود الدولية بخصوص الحقوق المدنية والسياسية للقاصرين. لكن، في تقريرها المقدم إلى اللجنة، فإن الحكومة الإسبانية لا توجه جهودها لإعادة القاصرين المغاربة غير المرفوقين، على الرغم من التحقيقات التي أجرتها هيومان رايتس ومنظمات أخرى، والتي أبانت مرارا وتكرارا -يقول التقرير- عن انتهاكها لالتزاماتها وواجباتها بخصوص الاتفاقيات الدولية المعنية بترحيل القاصرين. ووجد باحثون من منظمة هيومان رايتس أن المسؤولين في الحكومة الإسبانية لا يقومون بجمع المعطيات والمعلومات حول ما يمكن أن يحدث للقاصر بعد ترحيله إلى بلده، مما جعل بعض المحاكم الأندلسية الإسبانية تصدر أمرها بإيقاف قرار الترحيل في حق 24 قاصرا بسبب انتهاكه لقوانين البلاد. ويقول تقرير المنظمة إنه في الوقت الذي يحظى فيه المهاجرون الراشدون غير الشرعيين بحقهم في الدفاع، فإن القاصرين يحرمون من ذلك، بل يتم رفض تنصيب بعض المحامين الذين يتطوعون من تلقاء أنفسهم للدفاع مجانا عن القاصرين قبل ترحيلهم إلى بلدانهم. «يحتاج المهاجرون القاصرون الذين يصلون إلى إسبانيا إلى مساعدة المحامين لحماية مصالحهم»، تقول الباحثة سيمون ترويير، مضيفة أنه ينبغي على إسبانيا أن توفر المساعدة القانونية للقاصرين بنفس الطريقة التي يتمتع بها البالغون. «إن أغلبية المهاجرين القاصرين بإسبانيا هم من المغرب»، تقول هيومان رايتس، مشيرة إلى أن «استراتيجية إسبانيا في التعجيل بترحيلهم إلى المغرب توجت بالتوقيع على اتفاقات ثنائية خلال لقاءات عالية المستوى تمت بين البلدين بشأن قبولهم، حيث مولت إسبانيا بناء ملاجئ إيواء للأطفال داخل المغرب». وتختم المنظمة الحقوقية الدولية تقريرها بالقول إنه بعد ترحيل إسبانيا للمهاجرين القاصرين المغاربة إلى بلدهم فإنهم يتدفقون ويجتاحون مرة أخرى الشوارع عوض أن ينعموا بالعيش في كنف عائلاتهم وذويهم. «ينبغي التحقيق في إسبانيا حول ما يواجهه الأطفال عند عودتهم قبل اتخاذ قرار الترحيل»، تطالب الباحثة ترويير، مع اعتماد لائحة واضحة تحدد التزام الحكومة الإسبانية بإجرائها تحديد أولوية مصلحة القاصر، وتقييم المخاطر التي قد يتعرض لها قبل اتخاذ قرار العودة، فضلا عن إجراءات ومعايير محددة لمواصلة مدى الالتزام بها، ووضع إجراءات لتمكين الرصد المستقل لتنفيذ الاتفاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا حول السماح للقاصرين بالعودة، ونشر تقارير منتظمة عن ذلك.