زارت «المساء» بحارة شركة كوماريت-كوماناف، المعتصمين بميناء سيت الفرنسية منذ أزيد من شهرين ونصف بعد قرار الحجز على السفن التابعة لهذه الشركة بسب عدم أدائها للديون المستحقة عليها. وقد اختار بعض المعتصمين، الذين يصل عددهم إلى 11 بحارا ضمنهم فتاة، يشتغلون في باخرات بلادي ومراكش وبني انصار، التسلل إلى داخل التراب الفرنسي انطلاقا من هذا الميناء بعدما يئسوا من إيجاد حل للمشكل الذي يحول دون رفع الحجز عن السفن المغربية. وحسب تصريحات استقتها «المساء» من بحارة تابعين للشركة ويعملون في البواخر الثلاث، فقد دفعت حالة اليأس والظروف المزرية المستخدمين الأحد عشر إلى «الحريك» بعدما عاشوا طيلة عشرة أسابيع في ظروف لا إنسانية طبعتها فترات انقطاع للكهرباء تمتد إلى أسبوع بسبب نقص مخزون الكَازوال الذي تسبب في تعطيل جميع آليات البواخر، بما فيها وسائل التدفئة وآلات تبريد المؤونة، وأيضا الحمامات التي تعمل بنظام طرد المياه حتى إنهم يضطرون في أحيان كثيرة إلى «تعليق» دخول الحمام لقضاء الحاجة، بسبب تعطل ذلك النظام، خاصة وأن الحمامات ملحقة بغرف النوم. بل الأكثر من ذلك، يضيف بحار، «أننا نضطر أمام نقص الكَازوال إلى عدم الاستحمام لمدة قد تقارب العشرة أيام في انتظار أن تفرج شركة المناولة المتعاقدة مع شركة كوماريت-كوماناف عن حصة ضئيلة من الكَازوال والمؤونة، لا تكفي لسد حاجياتنا سوى لبضعة أيام، قبل أن نعيش السيناريو السيئ مرة أخرى في انتظار حصة جديدة». وإذا كانت هذه المأساة قد دفعت بعض البحارة إلى اختيار حل الهجرة غير الشرعية، فإنها دفعت آخرين إلى حدود الإصابة باضطرابات نفسية، إذ أفاد بحارة «المساء» بأن وحدة طبية تعمل في الميناء عمدت، الأسبوع الماضي، إلى التدخل لنقل مستخدم إلى مستشفى للأمراض النفسية في مونبوليي، بسبب متاعب نفسية ألمت به جراء الأوضاع التي عاشها في الميناء، وهواجس تطارده بسبب الوضعية الصعبة التي تعيشها أسرته في المغرب. ويتطلع البحارة العالقون في ميناء سيت -شأنهم شأن زملائهم العاملين على ظهر بواخر محجوزة في ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني وميناءي طنجة المتوسط وبني انصار- إلى التأكد من مدى صحة الأنباء التي تروج حول إمكانية أن يرفع الحجز عن البواخر ابتداء من اليوم الاثنين، وعبر عدد من البحارة عن تخوفهم من أن يتم القفز على معاناتهم في أي اتفاق قد يتم التوصل إليه، خاصة أنهم لم يتوصلوا بأجورهم منذ قرابة أربعة أشهر، فضلا عن تزايد مخاوفهم من المصير المجهول الذي ينتظر أسرهم في المغرب، التي لا تملك مورد رزق غير أجر معيليها العاملين على متن هذه البواخر، زيادة على عدم تسوية مستحقاتهم الاجتماعية لمدة تزيد على 3 سنوات وانتهاء عقود التأمين التي تربط الشركة بمؤسسات التأمين منذ منتصف شهر فبراير الماضي.