ما يزال الغموض يلف مصير أزيد من 240 مستخدما مغربيا عالقين بميناء سيت الفرنسي، بعدما تخلّت عنهم شركة «كوماريت»، التي تعرضت ثلاث من بواخرها للحجز التحفظي، قبل أزيد من شهر ونصف، من قبل السلطات المينائية الفرنسية بسبب ديون عالقة لم تسددها، وهي الوضعية التي دفعت عددا من النقابات العاملة في قطاع النقل البحري في ميناء سيت إلى مراسلة وزير النقل الفرنسي لحثه على التدخل لدى نظيره المغربي للإسراع بإيجاد حل لأزمة إنسانية يعيشها هؤلاء البحارة. وحسب ما نقلته وسائل إعلام فرنسية، فإن وزير النقل الفرنسي، تيري مارياني، لم يتأخر في الاستجابة، حيث أجرى اتصالا بعبد العزيز رباح وطلب منه التدخل بشكل مستعجل لدى الشركة المغربية مالكة البواخر، بغية إنهاء المشكل الذي يعيشه البحارة، خاصة مع نفاذ مخزون البواخر من الماء الصالح للشرب والمؤونة، فضلا على غياب وسائل التدفئة وانقطاع الكهرباء. وقد دفعت الوضعية المأساوية للمستخدمين المغاربة العالقين داخل البواخر الثلاث، وضمنهم بحارة وعمال صيانة ومضيفو استقبال وعاملات نظافة، عددا من النقابات العاملة في الميناء الفرنسي إلى تنظيم زيارات لتفقد وضعيتهم والوقوف على وضعيتهم المأساوية، وتحدث ممثلون عن النقابات عن وضعية «مأساوية»، بسبب برودة الطقس وعدم تمكن البحارة حتى من الاستحمام، وهي الوضعية التي دفعت النقابات أيضا إلى طرق باب القنصلية العامة المغربية في مونبوليي من أجل تأمين ما يلزم المستخدمين من حاجيات. ونُقِل عن الكاتب العام لنقابة العمال في الميناء قوله إن «القنصل العام للمملكة أجابه لدى طرحه مشكلة البحارة المغاربة: «ما الذي تريدون مني أن أفعل؟».. ونقلت وسائل إعلام محلية عن بعض «المحتجزين» شهادات «صادمة»، إذ عبّر بعضهم عن تخوفهم من المصير المجهول الذي ينتظرهم وعن مصير أسرهم في المغرب، التي لا تملك مورد رزق غير أجر معيليها العاملين على متن هذه البواخر، خصوصا مع حديث عن إمكانية بيع البواخر المحجوزة في المزاد العلني، فضلا على عدم توصلهم بأجورهم لمدة تزيد عن 3 أشهر وعدم تسوية مستحقاتهم الاجتماعية لمدة تفوق 3 سنوات. ولا تقتصر محنة المستخدمين المغاربة على متن البواخر الثلاث على نفاذ مخزونهم من الوقود والأغذية والماء الشروب، بل تتعداها إلى استحالة مغادرتهم البواخر وتدبر أمر عودتهم إلى المغرب، لكون ذلك يعد مخالفا للوائح المنظمة لنشاط النقل البحري ويدخل في خانة «التخلي عن الوظيفة (abandon de poste) والذي يترتب عنه فقدانهم جميع الحقوق لدى الشركة وحرمانهم من متأخرات أجرهم ومستحقاتهم الاجتماعية». ولم يتسن أخذ رأي وزير النقل والتجهيز، عبد العزيز رباح، إذ ظل هاتفه يرن دون مجيب، كما ظلت أسئلة «المساء» لسمير عبد المولى، رئيس شركة «كوماريت»، دون جواب، رغم طلبه أن ترسل عبر البريد الإلكتروني، بمبرر وجوده في اجتماع.