ارتفعت الجريمة بشكل مخيف في المدة الأخيرة في عدد من المناطق والأقاليم بسبب الانفلات الأمني وغياب التغطية الأمنية لبعض المواقع السوداء التي استغلتها عصابات الجريمة لاستهداف أمن المواطنين، بل شهدت الجرائم المسجلة مؤخرا نوعا من الدقة في أهدافها بعد أن أصبحت هناك عصابات متخصصة في مجالات معينة. ولا شك أن ما يقف وراء هذا الارتفاع الصاروخي في معدل الجريمة ببلادنا هو التساهل الأمني في معالجة هذه الظواهر الخطيرة في المجتمع، مما يستدعي إطلاق صيحة تحذير من الجميع لكي لا يفقد المواطن شعوره بالأمن. وقد كانت مبادرة المدير العام للأمن الوطني، بوشعيب الرميل، إلى توجيه مذكرة إلى مصالح الشرطة القضائية ورؤساء الدوائر الأمنية ومصالح أمنية أخرى، يأمرهم فيها بمباشرة حملات تمشيط واسعة النطاق في عدد من النقط السوداء، التي شهدت ارتفاع معدلات الجريمة في الفترة الأخيرة، خطوة إيجابية في اتجاه القضاء على أعشاش الإجرام الآخذة في الاستفحال بطريقة مرعبة، حتى إن خطر العصابات الإجرامية يكاد يفرض في بعض الجهات والأحياء حالة طوارئ غير معلنة يتم فيها الحد من حرية المواطنين في التحرك والتجول مخافة السقوط في قبضتها. إن دور قوات الأمن هو التحلي باليقظة والتصدي بكل قوة، في إطار القانون، لكل هذه المظاهر المخلة بالأمن الاجتماعي للمواطن، وتشكيل فرق حراسة لتتبع هؤلاء المجرمين وتقديمهم إلى العدالة لكي يأخذوا جزاءهم ولكي يكونوا أيضا عبرة للآخرين. وقد أظهرت التجارب السابقة أن الجريمة في بلادنا لا تنتعش إلا في الفترات التي ترتخي فيها قبضة السلطات الأمنية، لذلك نطالب بألا ترتخي هذه القبضة لأن دور الأمن هو أن يظل في حالة تأهب ضد الإجرام والتسيب الأمني والتجاوزات.