سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حدوش: إذا لم يدرك المدرب رغم عالميته أن معايير اختيار اللاعبين تغيرت فلن ينجح الخبير الكروي قال ل« المساء » إن الإقصاء المبكر للمغرب من كأس إفريقيا لم يكن مفاجئا
قال سعيد حدوش الخبير الكروي الجزائري والعضو السابق في الإدارة التقنية للإتحاد البلجيكي لكرة القدم، إن خروج المنتخب المغربي لكرة القدم من الدور الأول، لمنافسات كأس إفريقيا للأمم 2012 التي أقيمت في الغابون وغينيا الاستوائية، لم يكن مفاجئا بالنسبة له، مشيرا إلى أن المنتخب المغربي مازال في طور البناء ولم يتسن له بناء لعبه بعد. وأكد حدوش في حوار أجرته معه «المساء» أن إريك غيرتس بالغ في تقييم فريقه، عندما حدد التتويج باللقب كهدف من المشاركة المغربية في كأس إفريقيا 2012، موضحا أن المنتخب المغربي لم يكن جاهزا للتنافس على اللقب الإفريقي، في المقابل أبرز الخبير الكروي أن فوز المنتخب الزامبي باللقب الإفريقي كان مستحقا. وفي سياق أخر، أوضح حدوش محلل «كانال بلوس» أن الكرة الإفريقية مازالت تعاني من العديد من النواقص، بسبب استمرار اعتمادها على ثقافة وثوابت كرة الأمس، وعدم مواكبتها للتطور الكبير الذي عرفته الكرة في العالم، مؤكدا أن الاهتمام بتكوين النخب (مدربين، لاعبين، مسيرين،....) ووضع هيكلة تقنية عالية المستوى في البلدان الإفريقية هو السبيل الوحيد لتطور الكرة الإفريقية. - ما هو أول الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من منافسات كأس إفريقيا 2012 التي أسدل الستار عليها مؤخرا؟ أول الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من دورة الغابون وغينيا الاستوائية هو غياب منتخبات جنوب إفريقيا، نيجيريا، الكامرون، مصر، الجزائر، والخروج المبكر للمنتخب المغربي والسنغالي من الدور الأول للمنافسات، هذه المنتخبات كلها، لها قاسم مشترك، وهي أن استراتيجية عملها داخل المنتخبات ترتكز بالأساس على تجميع اللاعبين من أوساط مختلفة، ينتمون لأندية مختلفة، ويمارسون في بطولات مختلفة، ويتوفرون على ثقافات كروية مختلفة، وتأمل الوصول بهم إلى هدف ومبتغى واحد، والخطأ الذي ارتكبته هذه الدول التي تلقب، أو يطلق عليها «المنتخبات القوية» على الصعيد الإفريقي، أنها ظلت محافظة على نفس ثوابت الكرة «القديمة» كثقافة وممارسة، دون الأخذ بعين الاعتبار المتطلبات وحاجيات التحول الكبير الذي عرفته كرة القدم في العالم وتطورها، وهو ما انعكس سلبا على مردودها. - ألم يشكل تتويج المنتخب الزامبي باللقب الإفريقي مفاجأة لك؟ لا، إطلاقا، حصول المنتخب الزامبي على اللقب الإفريقي لم يكن مفاجأ بالنسبة لي، هذا المنتخب أظهر خلال المباريات التي خاضها في دورة الغابون وغينيا الاستوائية، أنه يتوفر على العديد من الأسلحة التي لا تتوفر عليها المنتخبات المنافسة، ويمتلك نقط قوة جعلته يظفر باللقب الإفريقي. - أين تكمن نقط قوة المنتخب الزامبي؟ هو منتخب مليء بالحماس والالتزام ومتعطش كثيرا للفوز، لدى لاعبيه عزيمة كبيرة لدرجة تجعلهم يهاجمون ويدافعون بشكل جماعي وبانضباط كبير، الكل يهاجم والكل يدافع، ولنكن صرحاء أكثر، هذا المنتخب الذي أقصد به (الزامبي) لا يلعب بشكل سليم مئة بالمئة، حركات لاعبيه على أرضية الملعب لم تكن متناسقة عند الدفاع وعند الهجوم كذلك، لكن المنتخبات المنافسة لم تستفد من هذا المعطى ولحسن حظهم وحظ مدربهم الشاب، لقد شجعناهم وسررنا بعد فوزهم باللقب. - ما هي المنتخبات التي أبانت أنها تتوفر على «مشروع لعب» خلال منافسات دورة 2012، والتي يمكن أن ينتظرها مستقبل واعد؟ مع احترامي لك وللقراء، تتكلم عن «مشروع لعب» وهو كلام له وزن وفهم خاص في كرة القدم، وفي كرتنا الإفريقية لا يوجد إلا في استوديوهات التحليل، وفي برامجنا الرياضية على لسان المحللين، ونادرا ما نجده على أرضية الملعب في المقابلات، يجب أن نتحلى بالحكمة، ونقوم بتحليل مقابلات كرة القدم بدقة وبكل تواضع، دون التكلم عن أشياء لا نراها في المقابلات، ولا توجد على أرض الواقع، هل تشاهد في الكرة الإفريقية، مشروع لعب؟ نظام لعب؟ تكتيك؟ تحولات من الدفاع إلى الهجوم؟ التناسق في حركة اللاعبين؟ ذكاء جماعي في اللعب؟ الجماعية في اللعب؟ .... بالطبع لا، لا وجود لكل هذا على أرض الملعب. - لكن عددا من المحللين في البرامج التلفزية يستعملون هذه المفردات والمصطلحات الجديدة للكرة العصرية؟ يمكن للمحللين أن يكتسبوا هذه المصطلحات الجديدة في عالم كرة القدم المتطورة عن طريق الأنترنيت، أو عن طريق قراءة الكتب، أو الاستماع إلى تحليل مقباراة في قناة أوروبية، لكن الصواب هو أن يتم استعمال هذه الكلمات في مكانها، وبشكل صحيح، يجب أن نعرف عن ماذا نتحدث، مع كامل الأسف أغلب المحللين ينطقون بمصطلحات كروية حديثة، لا يعرفون حتى معناها على أرض الملعب، وهنا الشر، وكل شر كرة القدم يأتي من هنا، كرة القدم تطورت عندنا فقط في أفواه المحللين والتقنيين (المعجم والمفردات)، ولكن مع كامل الأسف لا نجد هذا التطور في الممارسة وعلى أرضية الملعب، وهنا أشاطر صديقي وأخي عزيز بودربالة الدولي المغربي السابق الذي صرح في حوار أجرته معه صحيفتكم، أنه يستمع كثيرا في شاشات التلفاز لمصطلحات ومفردات عصرية في كرة القدم، لا يعثر عليها فوق أرضية الملعب عندما يشاهد اللعب. - ما هو تقييمكم للمستوى التقني والنتائج التي حصدتها المنتخبات المغاربية في كأس إفريقيا الأخيرة؟ المنتخب التونسي يتوفر على لاعبين موهوبين، على غرار منتخبات شمال إفريقيا، لكنه دخل منافسات كأس إفريقيا دون توفره على ظهيري دفاع، اللذان بمقدورهما مساندة المهاجمين عبر الأجنحة، ودون لاعبي الأجنحة كذلك، وكان تنظيمه في الملعب يرتكز على أربعة مدافعين، و3 لاعبين في وسط الميدان بحس دفاعي، ولاعبين كوسط ميدان بحس هجومي في المحور، ومهاجم وحيد كرأس حربة شبه معزول، وبالتالي فالتوازن العام للفريق كان دفاعيا، وإذا أخذنا بعين الاعتبار إمكانيات لاعبي المنتخب التونسي، فلم يكن أداء الفريق جيدا كما يجب، لأن لعب الفريق كان موجها في المحور، ولم يكن بإمكانه أن يكون إلا كذلك، (طائرة بدون أجنحة لا تطير) وبالتالي لم يستطع تجاوز دور الربع والذهاب بعيدا في المنافسات. بالنسبة للمنتخب الليبي، لقد قدم ما بوسعه، والأكيد أنه عانى من قلة التحضير للمنافسات بسبب الأحداث التي عرفتها ليبية في الفترة الأخيرة، وظهر ذلك جليا في المباريات التي خاضها في الدورة، سواء على مستوى سوء التنظيم فوق رقعة الملعب، فيما يخص سوء تموضع اللاعبين وتحركهم، أو على مستوى اللياقة البدنية، إذ لم يستطع لاعبوه توزيع مخزونهم الطاقي على مجريات المقابلة، وغالبا ما كانوا يستنفذونه في الثلثين الأولين من زمان اللقاء، ليجدون صعوبة كبيرة في إنهاء المباريات. - وبخصوص المنتخب المغربي؟ فيما يخص المنتخب المغربي، بدون شك فلقد كان يتوفر على لاعبين جيدين موهوبين، لكن في الوقت نفسه لم يكن يتوفر على «فريق»، وبالتالي كان غير جاهز للمنافسة على اللقب الإفريقي. لقد كان طموحا جدا للظفر باللقب أكثر من اللازم، والدليل على أن الفريق لم يكن جاهزا، تغيير المدرب إريك غيريتس لكل ترسانته الهجومية بعد تعثره في المباراة الأولى أمام تونس، وهذا ما يؤكد أن حتى المدرب لم يكن له تصور نهائي واضح عن التشكيلة الأساسية، ومع ذلك يمكن القول أن المنتخب المغربي بقليل من الحظ كان بإمكانه الذهاب أبعد في المنافسات. - هل تعتبر خروج المنتخب المغربي من الدور الأول لمنافسات كأس إفريقيا مفاجأة؟ لا، بما أن المنتخب المغربي مازال في مرحلة البناء، ومازال ينقصه بعض خصائص اللعب في بعض المراكز، فبكل صراحة المنتخب المغربي لم يبني لعبه بعد، وبالتالي لا أعتبر خروجه مفاجأة. - في أي مرحلة من مراحل البناء يوجد بها المنتخب المغربي الآن؟ مازال في مرحلة الاكتشاف، من أجل استكمال وصقل المجموعة، وخلق توازن أكثر، وتماسك، وتفاهم، وتناسق، وفعالية أكثر على مستوى الهجوم وإتمام العمليات. المنتخب المغربي في مرحلة بناء التناسق والتكامل بين اللاعبين في اللعب، وهي المرحلة المهمة في بناء منتخب، تتطلب وقت مهما، حتى يتعارف اللاعبون أكثر فيما بينهم، ويتفاهموا ويكونوا لحمة، وتكون ردة فعلهم فوق أرضية الملعب جماعية. - في نظرك ما هي الأخطاء التي ارتكبها الناخب المغربي البلجيكب إريك غيرتس؟ لقد بالغ في تقييمه، هذا أول شيء، وثاني شيء هو أنه حدد هدف المشاركة المغربية في منافسات كأس إفريقيا في التتويج باللقب. - عدد من التقنيين والمتتبعين في المغرب حملوا مسؤولية إقصاء المنتخب المغربي لغيرتس وطالبوا بإقالته، هل تتفق معهم؟ أنا تقني عادي، محب للكرة، أقوم بوظيفتي، وألخص ما أشاهده وأعاينه، لا أملك روح قاضي ولا مدعي عام حتى أصدر الأحكام، وهذا ليس من اختصاصي. - كيف يمكن للمنتخب المغربي أن يعبر من الأزمة التي يعيشها اليوم؟ المنتخب المغربي لا يعرف أزمة، كما قلت فهو فريق في طور البناء، يجب أن يصحح أخطاءه ويقوم ببعض التعديلات، ويواصل عملية البناء بدقة وبطريقة سليمة، إنني دائم التجوال في إفريقيا، ويمكن أن أؤكد لك، إن الكل يعمل بجد، لكن الأغلبية تفتقد للدقة في العمل، من أجل الحصول على الفعالية وتحقيق النتائج المرجوة، العمل لا يوجه على النحو الصحيح، ولا يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والضروريات والحاجيات التي تتطلبها الكرة الحديثة. يمكن أن تكون مدربا كبيرا، بالعمل بجد وبدقة، ويمكن أن تتوفر على سيرة ذاتية جيدة، وسجل ألقاب يحسدك عليه الجميع، لكن إذا لم تدرك أن معايير اختيار اللاعبين قد تغيرت، شأنها في ذلك شأن فلسفة اللعب التي أصبحت تتطلب حاجيات جديدة، فإن عملك لن يكون سليما ولن تحصد النتائج المرجوة. - إلى أي مستوى وصلت الكرة في شمال إفريقيا اليوم ؟ بفضل العولمة ووسائل الاتصال، تمكن الأطر التقنية في بلدان شمال إفريقيا والقارة السمراء من اكتساب بعض المعارف في بعض المجالات، مثل علم وظائف أعضاء الجسم، وتنمية القدرات البدنية، لكن النقص الأكبر يكمن في عدم مواكبتهم لتطور اللعب ومعاييره الجديدة، عندما نرصد ونحلل مباريات عصبة الأبطال الإفريقية أو كأس الإتحاد الإفريقي، يتضح لنا أننا مازلنا نمارس كرة الأمس، بنفس طريقة التفكير، وتكوين اللاعبين، وتدبير المقابلات،.... لا شيء تغير، لقد بقي اللاعب في القارة الإفريقية يستهدف الكرة وفقط، دون إعطاء الأهمية لمعايير اللعب الأخرى، في خياراته وقراراته في الملعب، فاللاعب اليوم من المفروض أن يعطي الحل لفريقه ومدربه في الملعب، لا أن ينتظر الحل من مدربه، كرتنا ليست مريضة، فقط لم تطور نفسها وهذا هو عيبها. - ما هو تعريفك لكرة القدم الحديثة، وعلى ماذا ترتكز؟ مع الفلسفة الكروية الحديثة في العالم، 85% من الفرق تلعب من أجل عدم الخسارة، وبالتالي تعتمد على خمسة إلى ستة لاعبين وراء الكرة، والخروج بثلاثة إلى أربعة لاعبين من أجل مباغتة الخصم عن طريق الهجمات السريعة واستغلال سوء تنظيمه، ولذلك أصبح اللعب أكثر جماعية، مما كان عليه في الماضي، وأصبح يعتمد بالأساس على التحليل والتفكير بالعقل، بعدما كان يعتمد في السابق على التقنية والجري. في كرة القدم المستوى العالي، اللعب الذي يقدمه أي فريق، يكون قد تم التفكير فيه من قبل، وتم تطويره عن طريق عدد مهم من الحصص التدريبية، والكثير من المباريات، وذلك من أجل تجريب مدى فعاليته، وتصحيح الأخطاء الذي يمكن أن يطرحه، وهنا يمكن القول أن الفريق يتوفر على «مشروع لعب»، واللاعب يجب أن تكون له اليوم نظرة عامة على اللعب وليس على الكرة وفقط، فهو يعرف ما يجب فعله، وما هو دوره الفردي والجماعي، وأين يجب عليه أن يتموضع في الملعب وكيفية التحرك، وبالتالي وجب عليه أثناء اللعب توظيف المعطيات التي توفرها المقابلة من أجل القيام بتحليلها وتفسيرها، من أجل أخذ القرار السليم في لعبه ولعب المجموعة، ومن أجل تحقيق ذلك، ينبغي عليه إدراج المعطيات التي يوفرها الخصم أيضا في تحليله.
على الكرة الإفريقية أن تكون أكثر جدية - أي مستقبل ينتظر الكرة الإفريقية؟ عرفت كرة القدم على المستوى العالمي نقلة نوعية وتحولات ضخمة في السنوات الأخيرة، لدرجة أن عددا قليل جدا من الدول الإفريقية والمنتخبات استطاعت إدراك ذلك، كرة القدم الإفريقية لم تكن أبدا مهتمة بتطوير اللعب والممارسة، وسن أساليب ومنهجيات التدريب، وبالتالي فالكرة الإفريقية سواء عن طريق الغش أو عن طريق التمويه على أنها تتطور، أضرت بنفسها كثيرا، كرة القدم لا تسامحك، إذا لم تعطيها الاهتمام وما تستحق، فإنها ستسحقك. - إذا ما هو الحل؟ يجب على الكرة الإفريقية أن تكون أكثر جدية، وأكثر طموحا، وأكثر منافسة على المعرفة، وأن تهتم بشكل كبير بالكرة الحديثة المتطورة وتحليلها واستخلاص المعايير الجديدة منها، يجب وضع فلسفة كروية جديدة، وثقافة جديدة وتعميمها بشكل إجباري، وأن يرتكز كل ذلك بالأساس على تكوين النخب (مدربين، لاعبين، مسيرين، تقنيين، إداريين)، الاعتماد على التكوين الحقيقي وليس توزيع الشهادات، فبدون تكوين معمق لا يمكننا أن نصل إلى ما نصبو إليه، يجب على القادة الأفارقة وضع هياكل تقنية عالية المستوى تديرها كفاءات ذات تكوين عالي المستوى، قادرة على التخطيط للمستقبل.