نجح المنتخب الزامبي في تدوين اسمه في سجل المنتخبات الفائزة بكأس إفريقيا للأمم، عقب فوزه الأحد الماضي في المباراة النهائية على منتخب الكوت ديفوار بالضربات الترجيحية. قبل انطلاق منافسات الكأس الإفريقية لم يكن المنتخب الزامبي ضمن لائحة المرشحين لنيل اللقب القاري، لكن هذا المنتخب نجح في اعتلاء عرش القارة الإفريقية، مزيحا من طريقه أقوى منتخبات القارة. فما الذي جعل المنتخب الزامبي يحرز اللقب، رغم أن تشكيلته تضم لاعبين يمارسون في الدوري المحلي، إضافة إلى ممارسين في بطولات إفريقية بالكونغو الديمقراطية وجنوب إفريقيا وزيمبابوي؟ وما هي نقاط القوة التي جعلت من منتخب زامبيا برغم قلة الإمكانيات المالية المرصودة له منتخبا قويا؟ وبالمقابل، ما هي الاختلافات بين منتخب زامبيا ونظيره المغربي، الذي سافر إلى الغابون في «ثوب» البطل، فإذا به يقصى في الدور الأول بعد هزيمتين متتاليتين أمام منتخبي تونس والغابون؟ رئاسة الجامعة يرأس الاتحاد الزامبي الدولي السابق كالوشا بواليا، الذي يعد أبرز لاعب في تاريخ الكرة الزامبية. كان بواليا واحد من لاعبي المنتخب الزامبي الذي لقي مصرعه في حادث تحطم طائرة بليبروفيل سنة 1993، نجا بواليا من الموت بسبب تأخره في الالتحاق بالمنتخب الزامبي لأنه كان ملتزما مع فريقه أيندهوفن الهولندي. توفي 18 لاعبا، ونجا بواليا وواصل مسيرته كلاعب قبل أن يعلن اعتزاله الدولي ويدخل مجال التسيير. راكم بواليا خبرة كبيرة، قادته ليصبح رئيسا منتخبا للاتحاد الزامبي، حيث كانت أول مشاركة له في نهائيات كأس إفريقيا 2012 بالغابون وغينيا الاستوائية. كان أول قرار اتخذه بواليا هو تجديد التعاقد مع المدرب الفرنسي هيرفي رينار، بسبب معرفته الجيدة بالكرة الإفريقية وبلاعبي المنتخب الزامبي، واتفق مع المدرب بحكم خبرته كلاعب على أن يكون الاعتماد على اللاعبين الجاهزين وعلى أن يخوضوا أكبر عدد من المباريات في مابينهم. في المغرب عندما غادر الجنرال حسني بنسليمان رئاسة جامعة كرة القدم، كان البديل جاهزا، هو علي الفاسي الفهري القادم من عالم «الماء» و»الكهرباء». لم تكن المواصفات القانونية متوفرة في الفهري، وتكفلت وكالة المغرب العربي للأنباء بإعلان ترشحه، حيث تم تقديمه على أساس أنه مرشح وحيد، بينما دفع بقية المنافسين إلى الانسحاب، بمبرر أن الفهري كما روج الذين جاؤوا به «مرشح القصر»، بل إن امحمد أوزال نائب رئيس الجامعة السابقة لم يتردد في الإعلان عن ذلك لوسائل الإعلام. عين الفهري رئيسا لجامعة الكرة دون أن يكون على دراية بأبسط أبجديات هذه الرياضة، فكان أول قراراته إقالة المدرب الفرنسي السابق روجي لومير، وتعيين أربعة مدربين مغاربة دفعة واحدة، فكانت الخيبة الأولى إقصاء مزدوج من كأسي العالم وإفريقيا 2010. أصر الفهري على الارتباط بالمدرب غيريتس، ودخل المنتخب الوطني فترة عطالة امتدت لأكثر من سنة، في وقت كان فيه عدد من اللاعبين وبينهم العميد الحسين حخرجة يؤكدون أنه من غير المقبول عدم إجراء مباريات ودية. ضيع الفهري حوالي العامين من الزمن، قبل أن يبدأ غيريتس مهامه مقابل راتب شهري قدره 250 مليون سنتيم. لما تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس إفريقيا لم يتردد رئيس الجامعة في التأكيد أن المنتخب يراهن على نيل اللقب، ولما وقعت»الكارثة» بليبروفيل، عاد إلى نقطة الصفر. إذا كان بواليا خبر كرة القدم جيدا، وانتخب بشكل ديمقراطي رئيسا للاتحاد الزامبي، ومتفرغ للعمل في الجامعة، فإن الفهري يبدو بعيدا عن كرة القدم، وجيء به لأداء مهمة أبان عن فشل ذريع في أدائها. المدرب بات الفرنسي هيرفي رينار مدرب المنتخب الزامبي على دراية كبيرة بكرة القدم الإفريقية، فقد درب في عدة دول وعمل مساعدا لكلود لوروا، قبل أن يحول الوجهة صوب منتخب زامبيا ليشرف على تدريبه، حيث قاده في دورتي أنغولا 2010 والغابون وغينيا الاستوائية 2012. لم يضع رينار المنتخب الزامبي تحت الضغط، وظل يتعامل مع الكأس الإفريقية مباراة بمباراة، ولما تغلب على المنتخب الغاني في الدور نصف النهائي، عرف كيف يحفز لاعبيه ويضع في أذهانهم أنه لا يوجد منتخب يمكن أن يقف في طريقهم. رينار، ذو 41 سنة لا يكلف مالية الاتحاد الزامبي الكثير فراتبه الشهري لا يتجاوز الأربعين مليون سنتيم. أما المنتخب المغربي فيقوده المدرب البلجيكي إيريك غيريتس، وهو مدرب قدمه رئيس الجامعة علي الفاسي الفهري على أنه مدرب «عالمي» رغم أنه لم يسبق له أن قاد أي منتخب لكرة القدم في مساره التدريبي. قبل النهائيات قال إنه يراهن على اللقب فرفع مؤشر الضغط لدى اللاعبين، وأشار إلى أنه يملك كل مقومات الفريق البطل، وأنه يعرف كرة القدم الإفريقية جيدا، لكنه بعد سقوطه في النهائيات، عاد ليقول إنه اكتسف كرة القدم الإفريقية لأول مرة وأن الاستعدادات لم تكن جيدة. غيريتس يكلف مالية الجامعة 250مليون سنتيم شهريا، ومازال إلى اليوم لم يؤمن بأن منتخب كرة القدم لايمكن أن تصنعه الفرديات فقط. اللاعبون راهن هيرفي رينار مدرب المنتخب الزامبي على لاعبين يملكون تنافسية كبيرة ولديهم دراية بالمباريات الإفريقية، ونجح في صنع منتخب متجانس يلعب كرة جماعية وفق تكتيك يتلاءم مع مؤهلات اللاعبين. أما البلجيكي إيريك غيريتس، فراهن على أسماء اللاعبين أكثر من رهانه على المجموعة، ودون أن يكونوا قد خاضوا مباريات عديدة في ما بينهم. غيريتس لم يكتف بذلك، بل إنه وجه الدعوة لعدد من اللاعبين المفتقدين للتنافسية، كما هو الحال مع أحمد القنطاري مدافع بريست الفرنسي، الذي قال بعد النهائيات إن تجمع ماربيا وكأس إفريقيا سمحا له باستعادة مؤهلاته البدنية. لم يكن القنطاري وحده المفتقد للتنافسية، ولكن المهاجم مروان الشماخ والمدافع بدر القادوري، كما أن المدرب البلجيكي لم يستفد من تألق لاعبي المغرب الفاسي والوداد الرياضي إفريقيا.