خلف قرار محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، القاضي بإلغاء «مدرسة التميز»، التي وصفها بأنها «نموذج مصغر لمدراس الأعيان التي كانت في عهد الاستعمار، والتي تؤسس للميز الفئوي بين التلاميذ»، استياء عميقا وسط آباء وأمهات وأولياء تلاميذ ثانوية عبد الكريم الخطابي بالناظور المصنفة ضمن المؤسسات المرجعية أو ما يعرف ب»ثانويات التميز»، كما أشعل فتيل احتجاجات التلاميذ داخل المؤسسة. وبقدر ما أحس هؤلاء الآباء بالامتعاض لوصفهم ب»الأعيان»، عبر أبناؤهم عن غضبهم خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظموها مساء أول أمس الأربعاء. وتضم ثانوية عبد الكريم الخطابي حوالي 106 تلاميذ موزعين على 6 أقسام منها قسمان مستوى أول بكالوريا علمي رياضي (44 تلميذا)، وقسمان مستوى جذع مشترك علمي (40 تلميذا)، وقسم جذع مشترك تكنولوجيا (13 تلميذا)، وقسم مستوى جذع مشترك أدبي(9 تلاميذ)، كما رصد لهذه المؤسسة غلاف مالي بحوالي مليار و500 مليون سنتيم من أجل الإصلاحات من خلال إحداث مجموعة من المرافق وداخلية بمواصفات حديثة وقاعة متعددة الوظائف، قصد تأهيلها لتستجيب لمتطلبات مشروع المؤسسات المرجعية الذي انطلق العمل به سنة 2009. وعبر التلاميذ المحتجون عن رفضهم القاطع لقرار الوزير، الذي وصفوه بالفاقد لأسباب ومبررات موضوعية ومقبولة، «تقول الوزارة إن هذا القرار جاء لترشيد النفقات المالية، لكن العامل البشري والطاقات البشرية أكثر أهمية... نحن تلاميذ من أبناء الشعب ولسنا من أبناء الأعيان ومن حقّ أبناء الشعب أن يتميزوا، لنا حقوق وسندافع عنها»، تصرخ إحدى التلميذات وسط زميلاتها وزملائها أمام أعين الطاقم التربوي والإداري المصدومين بقرار الوزير الذي اعتبروه غير مبني على أسس موضوعية وتربوية. «مؤسسات التميز لا علاقة لها بالعامل الاجتماعي، فالشرط الوحيد للولوج إلى هذه الثانويات هو الحصول على معدل عال في السنة الثالثة.. الدليل على ذلك أن معظم تلاميذها هم من الطبقة الكادحة.. فأغلبهم فقراء ومن أوساط قروية ونائية.. وثانويات التميز كانت بمثابة فرصة لهم لكي يدرسوا في جو ملائم تفتقده بعض ثانوياتنا المغربية العمومية مكافأة لهم على جهودهم»، يذكر أحد التلاميذ، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أغلب الآباء يمارسون مهنا بسيطة في الوظيفة العمومية (معلم وأستاذ وموظف بالجماعات) ومهنا حرة (حلاق وتاجر وخادمة)، ومنهم من هو متقاعد. وخلق القرار الذي أصبح ساري المفعول على الصعيد الوطني، استياء وتذمرا عميقين في أوساط التلاميذ والآباء والأطر التربوية والإدارية بالمؤسسات المعروفة ب«ثانويات التميز» عبر مختلف المدن المغربية بنيابات كل من تازة ومكناس وكلميم والناظور، التي تحتضن هذا النوع من المؤسسات التربوية المتميزة والتي تم التهليل لها طويلا قبل انطلاقها والتي لا يمكن إجهاضها بجرة قلم. ودعا التلاميذ الغاضبون وآباؤهم، وزير التربية الوطنية إلى التراجع عن قرار إلغاء مشروع ثانويات التميز الذي انطلق منذ أكثر من سنتين، تطبيقا لاستراتيجية تربوية تمت دراستها والتسطير لها وتضمينها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، و«كان على الوزير استيعابها وتقييمها وتشجيعها والإنكباب على إصلاح الاختلالات التي تعرفها السياسة التعليمية في هذا المجال»، مؤكدين أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يتفرجون على الإجهاز على مستقبل فلذات أكبادهم.