لم تمر جلسة استماع لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية في مجلس المستشارين، صباح أمس الأربعاء، إلى أول مسؤول عن مؤسسات عمومية وشبه عمومية يتم استجوابه في إطار دستور المملكة الجديد، بردا وسلاما على إدريس بنهيمة، المدير العام لشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية، وعزيز رباح، وزير النقل والتجهيز. وواجه بنهيمة ورباح عاصفة من الاحتجاجات من قبل الصحافة الوطنية وأعضاء في اللجنة، بعد أن تمسكا بسرية جلسة استجواب بنهيمة لتقديم التوضيحات الضرورية والرد على تساؤلات المستشارين المطروحة منذ مدة حول الاختلالات التدبيرية والخسائر المالية التي سجلتها الشركة خلال السنة المنصرمة، وكذا مآل المال العام الذي تم ضخه الصيف الماضي في رأسمال الشركة في إطار العقد البرنامج الموقع بين حكومة الاستقلالي عباس الفاسي وشركة «لارام». وتحولت بداية جلسة الاستماع إلى حلبة لتبادل الاتهامات بين بنهيمة وأعضاء في اللجنة، خاصة بعد أن اتهم المدير العام ل«لارام» المستشارين بخرق الدستور في فصله 68 الذي ينص على أن جلسات لجان البرلمان سرية، ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الحالات والضوابط التي يمكن أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية، وهو الاتهام الذي أثار حفيظة أعضاء اللجنة الذين طالبوه بسحب كلامه، ودفع البعض منهم إلى استهجانه بالقول: «مادمنا لا نحترم الدستور آش تنديرو حنا هنا؟». ولم تتوقف معركة الاتهامات بين بنهيمة وأعضاء لجنة المالية، على خلفية المطالبة بعلنية جلسة الاستماع إليه وتمكين الصحافة الوطنية من حضورها، عند ذلك الحد، إذ رفع المستشار التدلاوي من سقف الاتهامات، باتهامه بنهيمة هو الآخر بعدم احترام دستور المملكة لحديثه بلغة غير رسمية هي اللغة الفرنسية. فيما طالب المستشار عبد المالك أفرياط، عن الفريق الفيدرالي، بنقطة نظام دافع فيها عن حضور الصحافيين جلسة الاستماع إلى المسؤول الأول عن «لارام» طبقا لما ينص عليه دستور 2011 من الحق في الحصول على المعلومات. وليست هذه المرة الأولى التي يتمسك فيها بنهمية بسرية جلسة استجوابه، إذ كان قد طالب في 9 مارس الماضي، بمناسبة انعقاد جلسة الاستماع إليه من قبل لجنة المالية والاقتصاد في مجلس النواب، بأن تكون جلسة مناقشة الوضعية المالية للشركة سرية، غير أن اللجنة رفضت طلبه. إلى ذلك، اغتنم بنهيمة مناسبة تقديمه عرضا حول وضعية «لارام» للرد على منتقديه وعلى الصحافة المغربية، مؤكدا في البداية أن «المراقبة البرلمانية ماخصهاش تكون محاكمة شعبية ولا أن تتحول إلى ندوة صحافية». وبدا بنهيمة خلال تدخله حريصا جدا على دفع تهمة سوء تدبير الشركة عنه، بتأكيده على أن ما كشفته تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية من اختلالات ليس «نتيجة سوء تدبيره خلال السبع سنوات التي كان فيها على رأس الشركة، وإنما هي اختلالات تمتد إلى تدبير خمسين سنة خلت»، معتبرا أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات كان له أثر إيجابي على وضعية الشركة بعد أن تم تشكيل لجنة متخصصة عملت على تطبيق التوصيات الواردة فيه، لتكون بذلك «لارام» من المؤسسات العمومية وشبه العمومية القليلة التي أقدمت على مثل تلك المبادرة التي كانت فرصة لإعادة الهيكلة، يقول بنهيمة. وكانت جلسة استجواب بنهيمة مناسبة لمعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الأزمة المالية التي تعيشها «لارام» ومصير المساعدات التي تقدمها الدولة إلى الشركة والتي كان آخرها دعما ماليا قيمته 34 مليون درهم، كما كان مناسبة لإثارة موضوع المخطط الاجتماعي وما تلاه من مغادرة وصفت بالقسرية من قبل النقابات لمجموعة من المضيفين والمضيفات، وما خلفته من مآس اجتماعية. فيما حرص المدير العام ل»لارام» على الدفاع عن المغادرة التوافقية، على حد تعبيره، والتي تمت بالاتفاق مع النقابات ووفق الضوابط القانونية، ومكنت من تقليص التكاليف بعد مغادرة 1467 مستخدما من أصل 5200.