قد يبدو أمرا محمودا أن تُصدر وزارة الداخلية مذكرات لهدم مساكن بُنيت بطريقة عشوائية، وتتحرك السلطات المحلية مُجنِّدة جيوشا من القوات العمومية لتنفيذ عمليات هدم منازل غير مرخص لها، لكن وراء هذه الحملة يظهر وجه ترسم ملامحه طبيعة التعامل «غير الإنساني» للسلطات المحلية مع المواطنين خلال عمليات الهدم، وعدم حضور الهم الاجتماعي في سياسة محاربة البناء العشوائي هاته، مقابل بروز غير مبرر للمقاربة الأمنية واستعمال القوة. هل يُدرك رجال السلطة أن بعض عمليات الهدم خلفت أضرارا بأساسات منازل على غرار ما حدث في بعض مقاطعات الدارالبيضاء حيث أضحت منازل عدة مهددة بالانهيار؟ وهل يعلم ولاة وعمال أشروا على عمليات هدم أنهم خلَّفوا بذلك ندوبا غائرة في نفسيات نسوة وأطفال اقتحم قياد ومقدمون، شجع بعضهم البناء العشوائي بالأمس وتقاضوا على غض الطرف عنه رشاوى من عرق الفقراء، منازل لها حرمة يكفلها الشرع والقانون؟ إن محاربة البناء العشوائي أمر مطلوب، لكن يجب أن يتوفر في خططه التي «تهندسها» الداخلية حد أدنى من البعد الاجتماعي والإنساني وحفظ كرامة المواطن. هذه الخطط تستدعي أيضا، بموازاة معها، فتح تحقيقات بشأن المسؤولين الحقيقيين عن إضافة أول طابق بدون ترخيص وأول «براكة» قبل هدمها. الأمر يتطلب أيضا مراجعة سياسات التعمير القاصرة وحل مشكل بطء مساطر منح تصاميم وتراخيص البناء. كما يجب أن تشمل الحملات أيضا مسؤولين كبارا وتجار مخدرات بنوا قصورا وفيلات بدون ترخيص، وما زالوا يستفيدون من نوم السلطات عنهم، وجحافل من القياد والشيوخ والمقدمين اغتنوا من البناء غير القانوني.