افتتحت مساء أول أمس الخميس الدورة ال 62 لمهرجان برلين السينمائي الدولي بعرض فيلم «توديع الملكة» للفرنسي بنوا جاكو. وبخلاف غيره من مهرجانات السينما الدولية الكبرى يبدو مهرجان برلين متميزا ببساطته وجدّيته، إذ ليست هناك مبالغة في الترتيبات المحيطة بأماكن الفرجة السينمائية، على عكس مهرجانات أخرى. درجة الحرارة المنخفضة جدا، وبمقاييس غير معهودة في المدينة، تعطي لمهرجان برلين طعما خاصا هذا العام. حيث تتراوح درجة الحرارة بين -4 و-18، بل وتصعد إلى أكثر من ذلك كما حصل يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، ما جعل بعض قدماء الصحافيين ونقاد السينما الذين يتابعون المهرجان منذ عقود يتأسفون لتحويل موعده من الصيف، حيث كان يقام، إلى صقيع الشتاء ابتداء من العام 1978. وتضم المسابقة الرسمية لهذه الدورة ثلاثة وعشرين فيلما أغلبها من فرنسا (5 أفلام، منها ثلاثة مشتركة مع كل من السنغال وسويسرا والفلبين)، تليها ألمانيا (4 أفلام، أحدها مشترك مع اليونان)، ثم الصين (3 أفلام، أحدها من هونغ كونغ) فبريطانيا (فيلمان) والولاياتالمتحدةالأمريكية (فيلمان ، أحدهما مشترك مع روسيا)، في حين توزعت الأفلام المتبقية بين الدانمارك وإسبانيا وأندونيسيا وهنغاريا والبرتغال وكندا وإيطاليا بفيلم واحد لكل بلد. وكما هو واضح فإن المغرب أو العالم العربي بصفة عامة لا يحضر ضمن هذه المسابقة، وإنما هو يحضر فحسب ضمن بعض التظاهرات الموازية بحوالي 9 أفلام (على رأسها الفيلمان الطويلان «بيع الموت» لفوزي بنسعيدي ضمن «البانوراما»، و»الجمعة الأخيرة» للأردني يحيى عبد الله ضمن عروض «الفوروم/ المنتدى»)، إضافة إلى قرابة 15 فيلما في سوق المهرجان الخاصة بعرض المنتوجات السينمائية الجديدة على الراغبين في اقتنائها أو شراء حقوق عرضها، السينمائية والتلفزيونية. وتجدر الإشارة إلى أن معظم الأفلام العربية الموجودة هنا (بين طويل وقصير، وبين روائي ووثائقي) هي لمخرجين ولدوا أو يعيشون في البلدان الغربية (أوروبا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية)، كما أن الأفلام التي تعود لمخرجين مقيمين في بلدانهم تتميز بتطرقها لموضوعات تحظى باهتمام المهرجانات الغربية وفضولها، من قبيل طريقة عيش الأقليات أو وضعية المرأة أو المثلية الجنسية، مع توجيه اهتمام خاص هذا العام ل»الربيع العربي»، عن طريق عرض أفلام وثائقية تتناول، مثلا، ما جرى في مصر («الثورة... خبر» للمصري بسام مرتضى)، أو اليمن («الثوري المتردد» للبريطاني شون ماك آليستر)؛ وتنظيم بعض اللقاءات والندوات التي تركز على بعض التحولات الاجتماعية والنفسية والمكانية في العالم العربي، أبرزها ندوة ستعقد تحت عنوان «القاهرة: المدينة والصور والأرشيف». وبرمجت إدارة مهرجان برلين أربعة أفلام مغربية، ستعرض في إطار المسابقة التي ستخصص لأفلام دول العالم العربي، والتي تتضمن أشرطة سينمائية وأخرى روائية ووثائقية إضافة إلى حلقات للنقاش. وسيعرض المهرجان أفلاما شاركت جميعها في الدورة الأخيرة لمهرجان الفيلم الوطني بطنجة، هي: «أياد خشنة» للمخرج محمد العسلي و»عاشقة الريف» للمخرجة نرجس النجار، فضلا عن فيلم «موت للبيع» للمخرج فوزي بنسعيدي، الذي سيعرض ضمن فئة «بانوراما»، ثم الفيلم القصير «كما يقولون» للمخرج هشام عيوش. ويترأس لجنة تحكيم هذا العام المخرج البريطاني مايك لي، وتضم في عضويتها، إلى جانبه، كلا من المخرج الفرنسي فرانسوا أوزون والمخرج الإيراني أصغر فرهادي (الفائز بجائزة الدب الذهبي لدورة العام الماضي من مهرجان برلين عن فيلمه «فراق نادر وسيمين»)، إضافة إلى الممثل الأمريكي جايك غيلينهال والممثلة الفرنسية شارلوت غينسبيرغ والممثلة الألمانية بارباراة سيكوفا والكاتب الجزائري (باللغة الفرنسية) بوعلام صنصال.